تواجه عائلة المناصرة معاناة كبيرة في الحصول على ما يكفي من الماء للشرب والاغتسال بعد رحلتها اليومية إلى نقطة توزيع في غزة مثل تلك التي استشهد عندها ثمانية أشخاص الأحد في ضربة قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنها أخطأت هدفها.

تقول العائلة التي تعيش في خيمة بالقرب من أنقاض مبنى خرساني تهدم داخل مدينة غزة، إن أطفالها يعانون بالفعل من الإسهال والأمراض الجلدية ومن نقص المياه النظيفة، ويخشون من حدوث ما هو أسوأ.

يقول أكرم المناصرة (51 عاما) "مفيش مياه، أطفالنا انجربوا، مفيش مستشفيات... ولا في أدوية".

ذهب المناصرة الاثنين مع ثلاث من بناته إلى صنبور مياه قريب من الخيمة. وحملت كل واحدة منهن عبوتين بلاستيكيتين ثقيلتين في حرارة الصيف القائظ في غزة لكن لم يكن بوسعهن سوى ملء عبوتين فقط، تكفيان بالكاد العائلة المكونة من 10 أفراد.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير هذا الشهر إن نقص المياه النظيفة في غزة بعد حرب مستمرة منذ 21 شهرا وحصار إسرائيلي على مدى أربعة أشهر يخلف "آثارا مدمرة على الصحة العامة".

أما بالنسبة للأشخاص الذين اصطفوا في طابور عند نقطة توزيع مياه أمس الأحد فقد كان الأمر قاتلا. فقد أصاب صاروخ طابورا من الناس الذين كانوا ينتظرون للحصول على المياه في مخيم النصيرات للاجئين. وادعت إسرائيل إنه كان يستهدف "مقاتلين" لكنه أخطأ الهدف.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن الحظر الإسرائيلي على الوقود إلى جانب صعوبة الوصول إلى الآبار ومحطات تحلية المياه في المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي يقيدان بشدة خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية.

وأضر نقص الوقود أيضا بخدمات النفايات والصرف الصحي، مما يهدد بمزيد من التلوث في إمدادات المياه المتناقصة في المنطقة الصغيرة والمكتظة بالسكان في غزة. وتنتشر أيضا أمراض تسبب الإسهال بين أناس يعيشون في ملاذات مكتظة وقد أنهكم الجوع.

وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جيمس إلدر "لو سُمح بتزويد محطات تحلية المياه بالكهرباء، لتغيرت خلال 24 ساعة مشكلة نقص المياه الحاد، وهو الوضع السائد حاليا في غزة".

وأضاف "ما هو السبب المحتمل لحرمان عائلة من كمية المياه التي تحتاجها؟".

* "بندور على مياه مش لاقيين مياه"

والبحث اليومي عن الماء أمر مرهق لعائلة المناصرة، شأنها شأن العائلات الأخرى في غزة، وغالبا ما يكون ذلك بلا جدوى.

وتُحاول العائلة داخل خيمتها الحفاظ على قدر من النظافة من خلال الكنس. لكن لا يتوفر لديها ماء كاف للتنظيف السليم، وأحيانا تمر أيام عدة دون أن تتمكن من غسل أواني الطعام القليلة التي يملكونها.

وجلس المناصرة داخل الخيمة وروى كيف ظهرت على ظهر إحدى بناته الصغيرات علامات حمراء نتيجة لما قال أحد الأطباء إنه التهاب جلدي سببه نقص المياه النظيفة.

وتطبق العائلة نظاما صارما لاستخدام المياه حسب الأولوية.

فبعد ملء قارورتي مياه من نقطة توزيع وتفريغهما في حوض ماء بلاستيكي مكسور بجوار خيمتهم، يبدأ أفراد العائلة في استخدام الماء لتنظيف أجسادهم مستخدمين أيديهم لسكبه على رؤوسهم وأجسادهم.

أما الماء المتساقط في الحوض أسفلهم، فيُعاد استخدامه لغسل الأواني ثم يُعاد استخدامه مرة أخرى –وقد أصبح رماديا ومتسخا– لغسل الملابس.

وقال المناصرة "كيف بيكفوا 10 أنفار.. من تحميم (الاستحمام) من غسيل... من تغسيل الحرمات (الأغطية) الحرمات بقالنا ثلاثة أشهر ما غسلنهاش... بندور على مياه مش لاقيين مياه".

أما زوجته أم خالد فجلست تغسل بعض الملابس في الماء المتراكم في قاع دلو، وهو كل ما تبقى لديهم بعد تخصيص المياه للأولويات الأهم مثل الشرب والطهي.

وقالت "خلصوا الحرب علشان نروحوا على بيتنا سالمين.. بنتي ماتت وخلصت من الجرب.. كذا دكتور أروح بيها ونرجع بشنطة علاجات.. واتنين أولادي إمبارح صاب واحد إسهال والتاني سخن والتهابات من المياه الوسخة".

المملكة + رويترز