قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام، الثلاثاء، إنه من غير الممكن لحكومته التراجع عن مهلة تطبيق حصرية السلاح بيد القوى الشرعية في الدولة.

وأضاف سلام في مقابلة خاصة مع قناة "المملكة" ضمن برنامج "العاشرة"، "أؤكد أن الحكومة لن تلغي القرار الذي اتخذ بضرورة حصرية السلاح بيد القوى الشرعية".

وأوضح سلام أن زيارته الرسمية إلى العاصمة عمّان، أكدت على متانة العلاقات الاستراتيجية والتاريخية التي تجمع بين لبنان والمملكة الأردنية الهاشمية، لافتا إلى أن الجانبين يواجهان تحديات إقليمية مشتركة، في طليعتها تهديدات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتعلقة بما أسماه "إسرائيل الكبرى"، والتي وصفها سلام بأنها "مدانة من لبنان وكافة الدول العربية والإسلامية"، وتشكل "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والأعراف الدولية، وخطراً على الأمن القومي العربي".

وأشار سلام، عقب لقائه جلالة الملك عبدالله الثاني، إلى توافق لبناني-أردني على ضرورة الحفاظ على استقرار سوريا، ووحدة أراضيها وشعبها، مؤكداً أنه أطلع جلالة الملك على آخر التطورات في لبنان، بما فيها مسار الإصلاحات منذ توليه رئاسة الحكومة قبل ستة أشهر، ومساعي الحكومة لبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية بقواها الذاتية، وفقاً لما ينص عليه اتفاق الطائف.

وثمّن سلام الدعم الأردني للبنان في المحافل الدولية، مشدداً على ضرورة استمراره، خصوصاً في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني، وطلب دعم الجيش اللبناني في مواجهة التحديات المتعاظمة، لاسيما في ضبط الحدود، مؤكداً أن "الأردن لم يقصّر سابقاً ولن يقصّر اليوم".

ولفت إلى أنه عقد سلسلة لقاءات رسمية بعد لقائه بجلالة الملك، أبرزها مع رئيس الوزراء جعفر حسان، ووزير الخارجية أيمن الصفدي وعدد من الوزراء، حيث جرى بحث التصعيد الإسرائيلي في غزة، وتصريحات نتنياهو، والتبعات الخطيرة لهذه السياسات على استقرار المنطقة.

وأوضح سلام أن "المجازر الإسرائيلية في غزة، وحملات التجويع المستمرة، تزيد من عزلة إسرائيل دولياً"، لافتاً إلى التحولات الكبيرة في المواقف العالمية، ومنها ارتفاع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين، والدعوة لعقد قمة في الأمم المتحدة حول حل الدولتين برئاسة فرنسية-سعودية مشتركة، إضافة إلى التظاهرات الشعبية في العواصم الأوروبية استنكاراً للعدوان الإسرائيلي.

وفي ردّه على سؤال حول قرار الحكومة اللبنانية بسحب السلاح من حزب الله، شدّد سلام على أن القرار "غير قابل للتراجع"، موضحاً أن "القرار يأتي انسجاماً مع اتفاق الطائف منذ العام 1989، والذي ينص على بسط سلطة الدولة على أراضيها بقواها الذاتية"، ومؤكداً أن الحكومة الحالية تستند في عملها إلى خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، الذي أكد ضرورة حصرية السلاح بيد القوى الشرعية فقط.

وأوضح أن هذا الموقف سبقته ترتيبات وقف العمليات العدائية التي أُقرّت في تشرين الثاني الماضي، بمشاركة حزب الله وحركة أمل، والتي نصّت على تحديد القوى المخوّلة بحمل السلاح وهي الجيش اللبناني، قوى الأمن الداخلي، أمن الدولة، الأمن العام، الجمارك، وشرطة البلديات فقط.

وأضاف أن الحكومة كلفت الجيش اللبناني بوضع خطة تنفيذية خلال مهلة تنتهي مع نهاية الشهر الحالي، مشدداً على أن هذا التوجه نال ثقة مجلس النواب مرتين ضمن البيان الوزاري، والذي أعاد التأكيد على "استعادة الدولة لقرار السلم والحرب".

وحول المبادرة الأميركية التي حملها المبعوث توماس براك، قال سلام إن الحكومة اللبنانية ناقشت المقترحات التي قدمها براك، وتم إدخال تعديلات عليها من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، قبل أن تُقر في مجلس الوزراء، مشدداً على أن "القرار لبناني بحت ولم يُفرض من أي جهة خارجية، سواء كانت الولايات المتحدة، أو فرنسا، أو إيران".

وأوضح أن الورقة التي تم التوصل إليها تتضمن التزامات على مختلف الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا، بالضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها، وخاصة النقاط الخمس الحدودية، وتلوّح بفرض عقوبات على أي طرف يخلّ بالتزاماته، إضافة إلى إدانة إسرائيل في مجلس الأمن – وهو ما اعتبره سلام "سابقة غير معهودة".

كما تنص الورقة على انسحاب إسرائيلي كامل، ووقف العمليات العدائية، وعودة المهجّرين اللبنانيين، والإفراج عن الأسرى، وعقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي.

ورداً على المخاوف من صدام داخلي بسبب قرار حصر السلاح، أكد سلام أن الحكومة لا تسعى إلى أي صدام مع حزب الله أو أي مكوّن لبناني، مشدداً على أن "الطائفة الشيعية مكون أساسي من النسيج الوطني اللبناني، وحزب الله حزب كبير وله نواب في البرلمان"، ومضيفاً أن الغالبية الساحقة من اللبنانيين ترفض العودة إلى الحرب الأهلية التي دفعت البلاد ثمناً باهظاً لها.

وأكد سلام أن لبنان لا يتدخل في شؤون الدول الأخرى ولا يقبل التدخل في شؤونه، لكنه في المقابل يحتاج إلى دعم الأشقاء والأصدقاء لمواجهة التحديات، سواء على مستوى إعادة الإعمار أو التعافي الاقتصادي أو إعادة إحياء مؤسسات الدولة.

وأوضح رئيس الحكومة أن لبنان بحاجة إلى دعم عربي ودولي للضغط على إسرائيل من أجل الانسحاب من الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى دعم مالي لمساعدة البلاد على مواجهة التحديات.

ولفت إلى أن الحكومة نفذت حزمة إصلاحات مالية بهدف إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، لوضع البلاد على طريق التعافي الاقتصادي، وهو ما يتطلب دعماً إضافياً.

وأكد سلام أن الجيش اللبناني ينتشر كما هو مطلوب منه في جنوب لبنان، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن 1701، مشيراً إلى أن الجيش قام بتفكيك مئات المواقع العسكرية الخارجة عن الإطار الشرعي في المنطقة، ويواصل تنفيذ المهام الموكلة إليه بموجب الترتيبات المعتمدة.

المملكة