أكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، تقدير دولة قطر، للتضامن الواسع من الدول العربية والإسلامية الشقيقة والدول الصديقة في المجتمع الدولي، ضد الهجوم الإسرائيلي الهمجي، الذي استهدف مقرات سكنية يقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة الدوحة في التاسع من سبتمبر الجاري.
وشدد آل ثاني في كلمة افتتح بها أعمال اجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة المشتركة العربية-الإسلامية الطارئة بشأن الهجوم الإسرائيلي، على أن العدوان الإسرائيلي الغادر الذي استهدف أراضي دولة قطر في وضح النهار يوم الثلاثاء الماضي، عمل يعبر عن غطرسة وتهور لانتهاك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ووسيط في عملية السلام ما يشكل تصعيدا خطيرا يهدد السلم والأمن والاستقرار الإقليمي ويقوض كل وأي جهود للتهدئة في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن تمادي إسرائيل في انتهاك القانون الدولي والقيم الإنسانية والأعراف الدبلوماسية تجلى في هذا الهجوم الهمجي الذي استهدف منطقة سكنية تضم مساكن ومدارس ورياضا للأطفال وبعثات دبلوماسية، وأدى إلى استشهاد أحد عناصر أجهزة الأمن وسقوط ضحايا مدنيين.
وتابع رئيس الوزراء وزير الخارجية "لا يمكن توصيف هذا الاعتداء إلا بأنه إرهاب دولة وهو نهج تتبعه الحكومة الإسرائيلية الحالية المتطرفة ويضرب القانون الدولي بعرض الحائط ويستهدف أمن المنطقة بأسرها في تحد سافر للشرعية الدولية".
ولفت إلى أن هذا العدوان الإسرائيلي المتهور والغادر ارتكب أثناء استضافة دولة قطر لمفاوضات رسمية وعلنية وبعلم الجانب الإسرائيلي نفسه وبهدف وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى والرهائن.
واستطرد قائلا "بدلا من أن تقدر إسرائيل جهود دولة قطر وتحافظ على التقدم الذي شهدته المفاوضات قامت بالقصف الجوي لمقر سكني يوجد فيه أعضاء الفريق التفاوضي لحركة حماس ما يؤكد لكم أن ما جرى لم يكن مجرد استهداف لموقع؛ بل اعتداء على مبدأ الوساطة ذاته وعلى كل ما تمثله الدبلوماسية من بدائل عن الحرب والدمار".
ونبه آل ثاني إلى أن "هذا العدوان لن يؤدي إلا إلى إجهاض محاولات التهدئة، وهو يؤكد نوايا الحكومة الإسرائيلية برفض المسارات السلمية لإنهاء القضية الفلسطينية والاستمرار في تحدي الإرادة الدولية وميثاق الأمم المتحدة وهو ما يتضح من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتكررة بشأن ضم الأراضي الفلسطينية وأوهام إسرائيل الكبرى".
وتابع "لعلكم تؤيدونني إذا قلت إن ما يشجع إسرائيل على الاستمرار في هذا النهج هو صمت، بل بالأحرى عجز المجتمع الدولي عن محاسبتها وعدم وجود عواقب لأي جريمة ترتكبها".
وشدد على" أن دولة قطر لن تتهاون مع أي اختراق لسيادتها أو تهديد لأمنها الوطني فالسيادة القطرية مسألة لا يمكن التجاوز عنها أو التجاوز فيها وإننا سنواجه أي تهديد لنا بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي".
وفي هذا الصدد، عبر آل عن تقدير دولة قطر لتضامن الدول العربية والإسلامية الشقيقة والدول الصديقة من المجتمع الدولي التي أدانت هذا الهجوم الإسرائيلي الهمجي وأبدت دعمها التام لدولة قطر وما ستقوم به من إجراءات قانونية ومشروعة للحفاظ على سيادتها.
كما أعاد التأكيد على أن الاعتداء على سيادة دولة قطر يعد خرقا صريحا للمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة وخاصة الفقرة الرابعة التي تحظر استخدام القوة ضد سلامة أراضي الدول واستقلالها السياسي و"هو كذلك خرق للعرف الدبلوماسي والمعايير الأخلاقية والإنسانية، ولا يمكن أن يعد حادثا عابرا إنما هو سابقة خطيرة ينبغي مواجهتها بكل قوة وحزم من دولنا العربية والإسلامية".
كما قال إن تصرف حكومة الاحتلال الإسرائيلي متجرد من الإنسانية ولا يمكن تفسيره إلا كرسالة مفتوحة مضمونها أن ليس لدى إسرائيل أي خطوط حمراء تضبط سلوكها وأنها ماضية في زعزعة استقرار أي دولة في العالم وتقويض أي جهود دبلوماسية تتعارض مع أجندتها أو تكشف هشاشة موقفها وكذب ادعاءاتها.
وأضاف "يجب علينا عدم السكوت والتهاون أمام هذا العدوان البربري واتخاذ إجراءات حقيقية وملموسة على مختلف الأصعدة لمنع المزيد من التمادي الذي إن تركناه لن يقف عند حد وسنجد أنفسنا لا محالة أمام سلسلة لن تنتهي من الدم والخراب ولن يكون أحد بمنأى عن أذاها ومخاطرها".
وطالب آل ثاني المجتمع الدولي بالتوقف عن الكيل بالمعايير المزدوجة ومعاقبة إسرائيل على جميع الجرائم التي ارتكبتها.. وقال "يجب أن تعلم إسرائيل أن حرب الإبادة المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق والتي تستهدف نزعه من أرضه وتهجيره قسرا من وطنه لن تفلح مهما رددت من مزاعم لتبريرها".
وأضاف أن تلك المحاولات باتت معلومة ومرفوضة من المجتمع الدولي ويكشف ذلك رفض الاحتلال الإسرائيلي المقترح تلو المقترح لوقف إطلاق النار في غزة وتعمده توسيع دائرة الحرب معرضا شعوب المنطقة كلها بما فيها شعبه لوضع بالغ الخطورة.
وجدد التأكيد على أن هذه المنطقة لن تنعم بالأمن والسلام والاستقرار ولن تشعر شعوبها بالعدالة من دون حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967.
وأكد أن دولة قطر ماضية في نهج الوساطة لحل النزاعات.. وقال "إننا في دولة قطر نؤكد على أن الوساطة في حل النزاعات بالطرق السلمية ليست التزاما قانونيا نص عليه الدستور الدائم للدولة فحسب؛ ولكنها التزام إنساني وأخلاقي وعقيدة راسخة في سياستنا وأن السلام العادل والشامل والدائم خيار استراتيجي لا غنى عنه".
ومن هذا المنطلق، شدد آل ثاني على أن الممارسات الإسرائيلية الغوغائية والهمجية لن تثني دولة قطر عن مواصلة بذل الجهود المخلصة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة لوقف هذه الحرب الظالمة.
وأشار في هذا السياق إلى توجه دولة قطر يوم الخميس الماضي إلى مجلس الأمن في جلسة طارئة لإدانة العدوان الإسرائيلي على سيادتها، مثمنا الإجماع الدولي على إدانة إسرائيل والتضامن مع دولة قطر ودعم سيادتها وسلامة أراضيها ودعم دورها الأساسي في الوساطة، ومجددا الترحيب بالبيان الصادر عن مجلس الأمن في هذا الشأن.
وأكد آل ثاني في ختام كلمته أمام الاجتماع الوزاري على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف غطرسة إسرائيل واستمرار ارتكابها جرائم ضد الإنسانية تحت غطاء ازدواجية المعايير من المجتمع الدولي.
المملكة