عدّل البنك الدولي توقعاته لنمو اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان في العام 2025 إلى 2.8%، مقارنة بتوقعاته السابقة في تقرير نيسان البالغة 2.6%.

وفي المقابل، خفّض البنك توقعاته للنمو في عام 2026 من 3.7% إلى 3.3%، في إشارة إلى استمرار حالة "التفاؤل الحذر" رغم التحسن النسبي في المؤشرات الاقتصادية، وفق التقرير الذي ترجمته "المملكة".

التقرير الصادر بعنوان: "الوظائف والنساء: طاقات مهدورة ونمو غير محقق" يوضح أن الأداء الاقتصادي للمنطقة شهد مراجعات متباينة؛ ففي عام 2024 بلغ النمو 2.3%، وهو مستوى ضعيف مقارنة بالمتوسطات العالمية، فيما يتوقع أن يتحسن المسار في 2025 و2026.

إلا أن هذه التقديرات، رغم رفعها مقارنة بنيسان الماضي، ما تزال أقل من توقعات تشرين الأول 2024، ما يعكس استمرار الضغوط الناجمة عن النزاعات، الفقر، وتحديات هيكلية في أسواق العمل.

دول مجلس التعاون الخليجي، التي تستحوذ على أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، مرشحة لتحقيق نمو 3.5% في 2025، مقابل 2.2% في 2024.

وهذا التقدير أعلى بـ0.3 نقطة عن توقعات نيسان لكنه أدنى بـ0.7 نقطة عن توقعات تشرين الأول 2024؛ فالسعودية ستسجل نمواً عند 3.2% في 2025 مقابل 2.0% في 2024، لكنه يظل أقل بـ1.8 نقطة من التقديرات السابقة. والإمارات مرشحة لـ4.8%، بزيادة عن توقعات نيسان وتشرين الأول، مستفيدة من قوة القطاعات المالية والعقارية والنقل. أما قطر فسترتفع إلى 2.8% في 2025 مع توقع قفزة كبيرة في 2027 مدفوعة بزيادة إنتاج الغاز المسال.

في المقابل، تواجه الدول النامية المصدّرة للنفط تباطؤاً حاداً. إذ ستنخفض توقعات النمو إلى 0.5% في 2025 بعد أن سجلت 2.5% في 2024. هذا الرقم أقل بـ0.3 نقطة عن نيسان وبـ3.2 نقاط عن تشرين الأول 2024. إيران ستشهد انكماشاً بواقع -1.7%، والعراق -0.9%، بينما ليبيا تحقق قفزة استثنائية تصل إلى 13.3% في حال استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية. والجزائر من جانبها مرشحة لتحقيق 3.8% في 2025، أعلى من توقعات نيسان وتشرين الأول.

أما الدول المستوردة للنفط، مثل مصر والمغرب والأردن وتونس وباكستان، فقد أظهرت مؤشرات أقوى. إذ ارتفعت التوقعات إلى 3.7% في 2025 مقارنة بـ2.2% في 2024. فمصر ستسجل 4.5% مقابل 2.4% العام السابق، بزيادة 0.7 نقطة عن نيسان و1 نقطة عن تشرين الأول. والمغرب عند 4.4% في 2025، بزيادة 1.1 نقطة عن نيسان و0.6 عن تشرين الأول، مدفوعة بانتعاش الزراعة والسياحة والاستثمار الأجنبي. أما الأردن فعند 2.6%، بينما تبقى باكستان عند 2.7% من دون تغيير عن نيسان لكنها أدنى بـ0.1 نقطة عن تشرين الأول.

التقرير يؤكد أن معدلات الفقر تسير بعكس الاتجاه العالمي، إذ ارتفعت في اقتصادات المنطقة النامية من 7.4% عام 2018 إلى 8.4% عام 2023 عند خط الفقر الدولي (3 دولارات يومياً وفق تعادل القوة الشرائية).

ويشير إلى أن أكثر من 160 مليون شخص في المنطقة يعيشون في دول متأثرة بالنزاعات، ما يعادل خمس السكان. الوضع في غزة يمثل المثال الأبرز، حيث انهار النشاط الاقتصادي ودخلت المنطقة حالة طوارئ غذائية مع ارتفاع سوء التغذية بين الأطفال. كما تواجه اليمن وسوريا وأفغانستان ولبنان ضغوطاً شديدة تقيد فرص التعافي.

أما الجانب الجوهري في التقرير فيتمثل في ملف مشاركة النساء في سوق العمل. فمعدل مشاركة النساء لا يتجاوز 20%، وهو الأدنى عالمياً، رغم ارتفاع معدلات التعليم بينهن إلى مستويات تقارب أو تفوق الرجال في عدة بلدان.

ويقدّر البنك الدولي أن إزالة الحواجز الاجتماعية والقانونية والاقتصادية يمكن أن ترفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في دول مثل مصر وباكستان بنسبة تتراوح بين 20 و30%، وهي أعلى مكاسب محتملة على مستوى العالم. ومع ذلك، ما تزال القيود الاجتماعية، وضعف خدمات النقل والرعاية النهارية، والتمييز في القطاع الخاص تحدّ بشكل كبير من إدماج النساء في سوق العمل.

البنك الدولي يشير إلى أن المنطقة وإن كانت قد حسّنت توقعاتها للعام 2025 مقارنة بتقرير نيسان، إلا أنها ما تزال خلف المستويات التي توقعها تقرير تشرين الأول 2024. ويشدد على أن النمو المستدام مرهون ليس فقط باستقرار أسعار النفط وتخفيف النزاعات، بل أيضاً بقدرة الاقتصادات على استثمار الطاقات البشرية غير المستغلة، وفي مقدمتها النساء، بوصفهن المدخل الأساسي لتعزيز النمو والتنمية في مواجهة التحولات الديمغرافية العميقة.

المملكة