في مساحة كبيرة ضمن فعاليات ملتقى الصناع 2025، الذي تنظمه مؤسسة ولي العهد، يتقاسم عشرات الشباب الإبداع في الابتكار والمعرفة؛ بدءًا من صناعة الحلول العلمية، ومرورًا بالابتكارات التطويرية كالأطراف الاصطناعية وبعض الحلول الدقيقة، وصولًا إلى الحلول الدفاعية واختراعات السلامة العامة.

بدا لافتًا في المعرض الممتد على عشرات الأمتار زخمُ المشاركة في تطوير الطائرات المسيّرة، إذ لم يكتفِ المشاركون باحتراف استخدامها، بل جاؤوا بها محمّلة بتعديلات ترمي إلى تعزيز السلامة العامة، كإطفاء الحريق، وأخرى للاستشعار والتصوير الدقيق، ومثلها للتنقيب والتصوير ثلاثي الأبعاد، إضافة إلى أخرى تُستخدم للحلول الدفاعية والعسكرية.

يتيح لك الوقوف في الملتقى التعرّف إلى زبدة أفكار الشباب المبتكر في الأردن، والتي جرى تطويرها باستخدام تقنيات التصنيع الرقمي الموجودة في مساحة الصناع، أحد برامج مؤسسة ولي العهد.

في (42 عمّان و42 إربد)، وهو أحد برامج مؤسسة ولي العهد، يصرّ الرياديون فيه على تشكيل برمجيات خاصة بالطائرات المسيّرة، تجعلهم يحوّلون الطائرات المسيّرة العادية إلى طائرات تُستخدم في الاستخدامات السلمية والدفاعية.

يقول القائمون على البرنامج إن القائمين على مشاريع برمجة الطائرات المسيّرة قادرون على إضافة أدوات تمكّن الطائرات من الوصول إلى المناطق الصعبة من خلال كاميرات أو حساسات وفق الاحتياجات.

ويشير القائمون على البرنامج إلى أن المركز الأردني للتصميم والتطوير (جودبي) يتطلّع إلى التعاون معهم في مشاريع دفاعية خاصة بالطائرات المسيّرة.

يُذكر أن برنامج (42 عمّان و42 إربد) هو برنامج تدريبي فريد من نوعه، مخصّص لتعليم لغات البرمجة، وموجود في موقعين، الأول في العاصمة عمّان، والثاني في محافظة إربد، وهو أحد برامج مؤسسة ولي العهد.

الزائر لملتقى الصناع 2025 سيلحظ زخم المشاركة الإبداعية لمطوري الطائرات المسيّرة، ففي أحد زوايا الملتقى تجد أنواعًا جديدة منها، كتلك الهجينة والمطورة بشكل كامل محليًا.

يعرض خالد عمورة، وهو أحد المشاركين، طائرة مسيّرة تمكّن مستخدمها من تطييرها في المناطق الضيقة وبدون مدرج، وضمن مواصفات مطوّرة تمكّنها من استخدام كاميرات كبيرة والطيران لأفق أعلى.

ويضيف عمورة أن لدى منصته نماذج مبتكرة من الطائرات المسيّرة كتلك التي تتيح لمستخدمها فحص الألواح الشمسية في مزارع الطاقة الشمسية، والفحوصات ثلاثية الأبعاد لمناطق الصخر الزيتي، والتي تتيح قياس كمية الصخر الزيتي وكثافته وتحديد إنتاجية المناجم المستهدفة.

ووجد أسامة أحمد، من جامعة العلوم والتكنولوجيا، مساحة لعرض جهوده الإبداعية في ملتقى الصناع، من خلال تقديمه طائرة مسيّرة مخصّصة لإطفاء الحريق من خلال كرة إطفاء الحريق.

تتمكّن طائرة أسامة من التجوال في مناطق الحريق ورمي الكرة المخصّصة لإطفائه وفق آلية برمجية عمل عليها في مركز التميز للمشاريع الإبداعية في الجامعة.

يقول أسامة: "قطاع الطائرات المسيّرة يتوسع بشكل لافت... سنويًا ألحظ مشاركة أوسع... ستقدّم هذه المشاريع حلولًا صديقة للبيئة والسلامة العامة".

ومن خلال طائرته المسيّرة (إكس وينج) يقدّم عبدالرحمن الحياصات نموذجًا جديدًا من نماذج الطائرات المسيّرة، وبتصميم خاص هو الأول من نوعه عربيًا، يقدّم الحياصات طائرة بتصميم غير مألوف للاستخدامات الدقيقة والمعقدة.

يقول الحياصات إن نموذج طائرة (إكس وينج) الذي طوّره سيكون قادرًا على عمليات التفقد الدوري لأبراج الضغط العالي والإنقاذ من خلال كاميرات حرارية وأخرى عالية الدقة تراقب أبراج الكهرباء ذات الضغط العالي.

ويضيف الحياصات: "من خلال الاستفادة من برنامج مساحة الصناع التابع لمؤسسة ولي العهد، ومن خلال مختبر التصنيع الأولي، استطعت أن أقدّم هذا النموذج الأولي من فكرة (إكس وينج)".

ويبقى التفرّد في تطوير مشاريع الطيران عنوانًا عريضًا في ملتقى الصناع 2025، إذ تمكّن زهدي شبيطة من تصميم نموذج محاكاة لطائرة (إف 18)، يستهدف من خلاله تدريب الطيارين على حوادث الطيران المفترضة.

يقول شبيطة: "تصميم نموذج محاكاة لطائرات (إف 18) استغرق العمل فيه 5 سنوات... استهدفتُ من خلال العمل تدريب الطيارين على حالات الخطر أثناء الطيران... سيسهم هذا النموذج في تعزيز السلامة العامة في كثير من الحوادث".

يُشار إلى أن مؤسسة ولي العهد اختتمت، السبت، فعاليات النسخة الثانية من "ملتقى الصناع" في مركز الحسين الثقافي وهنجر رأس العين في العاصمة عمّان، ضمن أنشطة برنامج "مساحة الصناع"، أحد برامج المؤسسة.

وهدف الملتقى، الذي استقطب أكثر من 4,200 زائر من مختلف محافظات المملكة، إلى توحيد وتمكين مجتمع الصناع والمبتكرين والمؤسسات الداعمة لهذا القطاع بمختلف فئاتهم من طلاب وباحثين وهواة ورواد أعمال ومصممين، ضمن منصة وطنية شاملة لتبادل الخبرات وبناء الشراكات وتحفيز الابتكار.

وفّر الملتقى للزوار فرصة لتجربة أدوات التصنيع الرقمي عبر مساحة مفتوحة على مدار اليوم، مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد وآلات التشغيل الرقمي (CNC) وقاطعات الليزر، والاطلاع عن قرب على كيفية توظيف هذه التقنيات في تطوير النماذج الأولية والمنتجات المبتكرة.

كما شمل الملتقى الإعلان عن "خارطة الصناع"، وهي منصة رقمية وطنية تُعدّ الأولى من نوعها في الأردن، تُشكّل دليلًا شاملًا يربط بين مساحات التصنيع والمختبرات وحاضنات الإبداع والجامعات وجهات التمكين، ما يعزّز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والشركات الناشئة والمبتكرين المستقلين.

وشهد الملتقى عقد حلقة نقاشية متخصّصة تحت عنوان "تمكين مستقبل مجتمعات الصناع في الأردن"، بمشاركة عدد من الجهات الفاعلة والداعمة للابتكار والصناع محليًا، من حاضنات ومسرّعات أعمال ومؤسسات أكاديمية وممثلين من القطاعين العام والخاص، لتبادل المعرفة والخبرات، واستعراض التجارب المحلية والعالمية، إلى جانب مناقشة التحدّيات والفرص المستقبلية، وتقديم التوصيات لتطوير مجتمع الصناع في الأردن، وذلك ضمن جهود المؤسسة لتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف في هذا الإطار.

وضمّ الملتقى معرضًا للابتكارات والمنتجات الملموسة بمشاركة أكثر من 114 عارضًا من طلاب وشركات ناشئة ومصممين، في بيئة تفاعلية عزّزت روح الابتكار وتبادل الخبرات، حيث تمّ الإعلان عن أفضل مشروع ابتكاري في المعرض بتصويت من الزوّار في ختام الملتقى.

واستعرض الملتقى تجارب وقصص نجاح بمشاركة عدد من خبراء ورواد أعمال ومبتكرين محليين، عبر سلسلة من الجلسات النقاشية والمعرفية غطّت عددًا من المواضيع في التصنيع الرقمي، والتكنولوجيا، والاستدامة، وتوطين الخبرات الهندسية في الأردن والوطن العربي، والاستثمار وبناء الشركات العالمية، والطائرات المسيّرة، وتصميم وتصنيع الحلول الطبية وغيرها، كما شملت استضافة المتحدث الدولي دانييل إنغراسيا، الذي شارك خبرته في تصميم وبناء آلات التصنيع مفتوحة المصدر (Open Source) وتطوير أدوات ابتكارية متقدّمة لدعم المبتكرين حول العالم.

إلى جانب ذلك، شمل الملتقى تنفيذ 6 ورش عمل تطبيقية في عدد من المواضيع مثل التصميم والتصنيع الرقمي وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد، وإتاحة الفرصة للزوار للقاء أكثر من 16 خبيرًا ورياديًا ومختصًا في جلسات استشارية فردية ضمن "ركن الخبراء".

وتضمّن الملتقى العديد من الأنشطة التفاعلية، من ضمنها تجربة "مصعد الأفكار"، التي أتاحَت لأكثر من 60 شابًا رياديًا صاعدًا من مختلف المحافظات والأعمار والفئات عرض أفكارهم ومشاريعهم خلال دقيقة واحدة، بهدف تشجيع الإبداع وتوثيق الأفكار المبتكرة، وإتاحة الفرصة أمام أصحاب الأفكار المتميّزة للاستفادة من التوجيه ومتابعة تطوير مشاريعهم ضمن برامج المؤسسة.

المملكة