فرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس، عقوبات على رجل الأعمال تيمور مينديتش، الذي يُعتبر أحد المقرّبين منه والمتهم بالضلوع في واحدة من أسوأ قضايا الفساد التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.

وبحسب مرسوم رئاسي نُشر الخميس، تشمل العقوبات المفروضة على مينديتش (46 عاما) ورجل أعمال آخر متورط في القضية، تجميد أصولهما ضمن الإجراءات التي تستهدف المتورطين في فضيحة الفساد الواسعة في قطاع الطاقة.

ويُتهم مينديتش بأنه العقل المدبّر لشبكة فساد واسعة أتاحت اختلاس نحو 100 مليون دولار كانت مخصصة لقطاع الطاقة الأوكراني.

ويُعد مينديتش شريكا في ملكية شركة الإنتاج التلفزيوني "كفارتال 95"، التي أسسها زيلينسكي عندما كان ممثلا بارزا قبل دخوله المعترك السياسي وانتخابه رئيسا عام 2019.

وغادر مينديتش أوكرانيا قبيل تكشّف الفضيحة، ويُشتبه أيضا في أنه مارس نفوذا على قرارات مسؤولين حكوميين كبار، من بينهم وزير الدفاع السابق رستم عمروف.

تكشفت الفضيحة في وقت تعرضت شبكة الكهرباء الأوكرانية لأضرار جسيمة جراء سلسلة ضربات روسية مكثفة تسببت في انقطاعات متكررة للتيار مع اقتراب فصل الشتاء.

وتُعدّ هذه الفضيحة إحدى أسوأ الأزمات السياسية التي يواجهها زيلينسكي منذ بدء الحرب في أوكرانيا في شباط/فبراير 2022.

تُعرب أوساط في أوكرانيا عن قلقها إزاء رد فعل الحلفاء الأوروبيين على هذا الأمر، بما أنّ كييف تعتمد بشكل كبير على المساعدات الغربية في حربها.

ولم يصدر حتى الآن أي رد فعل رسمي من الاتحاد الأوروبي. وأشار مصدر أوروبي في كييف لم يرغب في ذكر هويته، لوكالة فرانس برس، إلى رغبة في "تنقية الحكومة والإدارة من العناصر الفاسدة"، لافتا النظر إلى أنّ الفضيحة تُظهر فعالية الأجهزة الأوكرانية في مكافحة الفساد.

وانتقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، وهو مناهض صريح للمساعدات الأوروبية لأوكرانيا، عبر فيسبوك الخميس، الكشف عن "شبكة مافيا حرب أوكرانية" مرتبطة بزيلينسكي.

ودعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس الذي تُعدّ بلاده المانح الأوروبي الرئيسي لكييف، زيلينسكي إلى مكافحة الفساد "بقوة" وذلك خلال محادثة هاتفية بينهما الخميس.

من جانبه، لم يتطرق زيلينسكي إلى قضية الفساد عند تعليقه على محادثته مع ميرتس عبر منصة إكس. واكتفى بالقول "أكدتُ لفريدريش أن أوكرانيا ستبذل كل ما في وسعها لتعزيز ثقة شركائها".

وأكد صندوق النقد الدولي الذي تأمل كييف الحصول على قرض جديد منه قريبا، أن مكافحة الفساد "عنصر أساسي في الإصلاح بالنسبة إلى مجتمع المانحين".

أكد مسؤول أوكراني رفيع يعمل من كثب مع زيلينسكي، لوكالة فرانس برس، أنّ الرئيس فوجئ بما كشفته التحقيقات.

وقال المسؤول "بالطبع، لا يعتبر ذلك أمرا عاديا، وفقد أعصابه عندما اكتشف ما كان يجري. إنه يدعم التحقيق بشكل كامل. والجميع في الحكومة سيساعدون في التحقيق".

وأكد هذا المصدر أن "الرئيس اتخذ أقصى الإجراءات الممكنة في إطار صلاحياته" من خلال فرض عقوبات والمطالبة باستقالة وزيرين.

وأضاف المسؤول أن "زيلينسكي لم يتحدث مع مينديتش" منذ انكشاف الفضيحة.

وتساءل "ما الجدوى من النقاش؟ فليبحث عن مكان آخر. لقد تسبب في هذه المشكلة الكبيرة".

ويُشتبه أيضا في أنّ تيمور مينديتش أثر في قرارات مسؤولين حكوميين بارزين، بينهم وزير الدفاع السابق رستم عمروف، الذي يشغل حاليا منصب أمين عام مجلس الأمن القومي، ونائب رئيس الوزراء أوليكسي تشيرنيشوف.

وأعلن وزيرا الطاقة والعدل الأوكرانيان، سفيتلانا غرينتشوك وهيرمان غالوشينكو، استقالتيهما الأربعاء بطلب من زيلينسكي، عقب كشف تفاصيل القضية.

يُتهم غالوشينكو بأنه تلقى "منافع شخصية" مقابل منحه مينديتش السيطرة على تدفقات مالية في قطاع الطاقة، في حين لا تواجه غرينتشوك اتهامات مباشرة بالفساد، لكنها تُعتبر من المقربين من غالوشينكو، وفقا لتقارير إعلامية أوكرانية.

يحمل تيمور مينديتش ورجل أعمال أوكراني آخر ورد اسمه في التحقيق وطالته العقوبات هو أوليكساندر تسوكرمان، جوازي سفر إسرائيليين، بحسب الرئاسة الأوكرانية.

ومن المتوقع أن يصوّت البرلمان الأوكراني الجمعة لتأكيد إقالة الوزيرين، بحسب نواب.

وأعلن زيلينسكي من جهة أخرى أنه زار في وقت سابق الخميس جنودا يقاتلون في منطقة زابوريجيا الجنوبية التي استهدفها هجوم روسي جديد.

أ ف ب