اعتمدت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا حول مساعدة لاجئي فلسطين وتجديد ولاية وكالة الأونروا وذلك بتأييد 149 دولة ومعارضة 10 وامتناع 13 عن التصويت.

واللجنة الرابعة للجمعية العامة هي اللجنة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستيطان.

وأبدت الجمعية العامة أسفها لعدم إعادة اللاجئين إلى ديارهم أو تعويضهم، وقالت إن أوضاعهم لا تزال تثير القلق البالغ وشددت على أهمية تقديم المساعدة لهم لتلبية الاحتياجات الأساسية الصحية والتعليمية والمعيشية.

وأكد القرار، ضرورة استمرار أعمال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وأهمية القيام بعملياتها بدون عوائق ريثما يتم التوصل إلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وقرر تجديد ولايتها حتى 30 حزيران 2029.

وقبل التصويت، شدد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين "الأونروا"، فيليب لازاريني، على أن تجديد ولاية الوكالة "أمر حاسم لإنقاذ وحماية ملايين اللاجئين الفلسطينيين"، مؤكداً أن عدم اقتران هذا التجديد بتمويل كافٍ "يعرّض حقوقهم ومستقبلهم للخطر".

- لازاريني: لحظة مفصلية

وقال لازاريني، في كلمته أمام اجتماع اللجنة الاستشارية للأونروا في عمّان، إن التصويت المقرر على تجديد الولاية في اللجنة الرابعة للجمعية العامة "يمثل لحظة مفصلية"، معرباً عن أمله في أن تعكس نتيجة التصويت التضامن العالمي الواسع مع لاجئي فلسطين ومع الوكالة.

وأكد أن قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2803 بشأن غزة "قد يشكل خطوة نحو سلام دائم واحترام حقوق الإنسان"، لكنه شدد على أن الوضع في القطاع "ما يزال غير مستقر إطلاقاً"، حيث تجاوز السكان حدود القدرة على التحمل بعد عامين من القصف المتواصل والنزوح المتكرر والحصار القاسي، وسط انتشار الجوع والمرض والصدمات النفسية والجسدية.

وأشار إلى أن الوكالة تواصل عملها في غزة رغم الظروف، نافياً ما يُشاع عن تراجع دورها: "هذا أبعد ما يكون عن الواقع… الأونروا لا تزال أكبر مقدم لخدمات الصحة العامة والتعليم". وأكد أنها توفر نحو 40% من الرعاية الصحية الأولية، وتقدم آلاف الاستشارات الطبية يوميًا، وتدعم التعليم لعشرات آلاف الأطفال داخل القطاع وعبر منصات التعلم الإلكتروني.

وفي الضفة الغربية، قال لازاريني إن الاحتلال الإسرائيلي أجبر أكثر من 32 ألف شخص من مخيمات اللاجئين في الشمال على النزوح القسري - في "أكبر موجة تشريد منذ عام 1967".

كما أشار إلى أن عنف المستوطنين "وصل إلى مستويات غير مسبوقة"، مع تسجيل أكثر من 500 اعتداء خلال شهر تشرين الأول الماضي فقط، ما أدى إلى تدمير ممتلكات فلسطينية وعرقلة موسم قطف الزيتون.

وأكد لازاريني الأهمية الاستراتيجية للخدمات التي تقدمها الأونروا خارج الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث تمثّل شريان حياة للاجئين في لبنان وسوريا والأردن، مشيراً إلى أن إضعاف الوكالة سيترك آثارًا خطيرة على الاستقرار الإقليمي.

وأوضح أن خدمات الأونروا في هذه الدول تشكّل غالبًا الدعم الأساسي للفئات الأكثر هشاشة من لاجئي فلسطين.

وشدد على أن الوكالة تواجه حملة "تضليل شرسة" تستهدف تقويض عملها وحرمان اللاجئين من وضعهم القانوني، واصفًا الاتهامات الموجهة للأونروا بأنها "ادعاءات لا أساس لها" وتهدف إلى تهميش دور الوكالة واستبعادها من أي عملية سياسية متعلقة بفلسطين.

وأكد أن الأونروا لا تتسامح مطلقًا مع أي خرق لمبادئ الحياد، مشيرًا إلى تنفيذ 21 توصية بالكامل من أصل 50 ضمن المراجعة المستقلة.

وقال لازاريني إن تشريعات الكنيست الإسرائيلي التي أدت إلى طرد الموظفين الدوليين للوكالة ومنع دخول الإمدادات إلى غزة، إضافة إلى ما كشفته لجنة التحقيق الأممية حول "خلق ظروف غير صالحة للحياة"، تمثل إجراءات خطيرة تهدف إلى شلّ عمليات الأونروا. وذكّر بأن محكمة العدل الدولية قضت بضرورة رفع القيود المفروضة على أعمال الوكالة وتسهيل عمليات الإغاثة.

كما أوضح أن العجز المالي الكبير، والذي تقدّره الوكالة بنحو 200 مليون دولار بين الربع الأخير من 2025 والأول من 2026، يهدد بعرقلة قدرتها على الاستمرار، خصوصًا بعدما أدى وقف التمويل من اثنين من كبار المانحين إلى "فجوة مالية ضخمة". وأشار إلى أن تدابير التقشف البالغة 150 مليون دولار ساعدت في دفع الرواتب، لكنها لا تكفي لضمان استدامة الخدمات بنفس النطاق والجودة.

وختم المفوض العام بالتأكيد أن "الهجمات على موظفي الأمم المتحدة ومبانيها لا يمكن أن تمر دون رد"، لافتا النظر إلى مقتل أكثر من 380 موظفًا وتضرر أكثر من 300 مبنى تابع للأونروا، بالإضافة إلى حوادث اعتقال وتعذيب طالت عاملين في الوكالة. ودعا الدول الأعضاء إلى ضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي، محذّرًا من أن الإفلات من العقاب "يقوّض الأمم المتحدة ومستقبل العمل متعدد الأطراف".

ومنذ 7 تشرين الأول 2023، استشهد 380 موظفا في الأونروا في غزة كما دُمرت أو لحقت أضرار بأكثر من 300 مبنى تابع للوكالة، بالإضافة إلى "تعرض عدد كبير من موظفيها للاحتجاز التعسفي والتعذيب" كما قال لازاريني.

المملكة