• المنتدى الاقتصادي: مراجعة حسابات الناتج المحلي يعكس ارتقاء الأردن لمستويات متقدمة من الامتثال للمعايير الإحصائية

  • المنتدى الاقتصادي: رفع تقديرات الناتج المحلي بزيادة 10% تعبّر عن تصحيح في تقدير الحجم الحقيقي للنشاط الاقتصادي

  • المنتدى الاقتصادي: المؤشرات الاقتصادية الكلية أصبحت تعكس بصورة أكثر تطابقًا الواقع الاقتصادي الراهن

يرى المنتدى الاقتصادي الأردني أن استكمال دائرة الإحصاءات العامة للمراجعة الشاملة للإطار الإحصائي للحسابات القومية وتحديث سنة الأساس للناتج المحلي الإجمالي يمثّل تطورًا مؤسسيًا نوعيًا يعكس ارتقاء الأردن إلى مستويات متقدمة من الامتثال للمعايير الإحصائية العالمية، ويعزز موثوقية البيانات الكلية التي تُبنى عليها السياسات الاقتصادية والمالية.

وقال المنتدى، في بيان صحفي، إن هذه المراجعة التي امتد تنفيذها على مدى أربع سنوات وبدعم فني من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) وصندوق النقد الدولي، جاءت في سياق التزام المملكة بمنهجيات نظام الحسابات القومية (SNA 2008 وتحديثات 2025، لتمثل تطبيق أفضل الممارسات الدولية للحسابات القومية من حذف وتحديثات 2025 بما في ذلك دمج جزء أكبر من الاقتصاد غير المرصود في إعداد الحسابات القومية لالتقاط التحولات البنيوية التي تطرأ على الاقتصاد، سواء من حيث هيكل الإنتاج أو أنماط الطلب أو تطور الأسواق والقطاعات المستحدثة.

وأوضح المنتدى أن رفع تقديرات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 إلى 39.8 مليار دينار بزيادة تقارب 3.6 مليار دينار أو 10% لا يُعد انعكاسًا لنمو اقتصادي فعلي، وإنما هو نتيجة مباشرة لتحسين آليات القياس، وتوسيع قاعدة البيانات، والانتقال إلى تغطية إحصائية أكثر شمولًا، بما في ذلك دمج جزء أكبر من الاقتصاد غير الرسمي، واعتماد مصادر بيانات إدارية ومسوح قطاعية محدثة.

وأكد أن هذه الزيادة تعبّر عن تصحيح في تقدير الحجم الحقيقي للنشاط الاقتصادي وليس عن توسع آنٍ في الطاقة الإنتاجية.

وشدد على أن تحديث سنة الأساس من 2016 إلى 2023 يُعد ضرورة منهجية، موضحا أن عدم تحديث سنة الأساس لفترات طويلة يؤدي إلى تشوهات في تقدير الأسعار الحقيقية، وانحراف في قياس القيمة المضافة القطاعية، وضعف في قدرة الحسابات القومية على تصوير التحولات الهيكلية في الاقتصاد.

وبيّن أن هذا التحديث يعني أنّ المؤشرات الاقتصادية الكلية أصبحت تعكس بصورة أكثر تطابقًا الواقع الاقتصادي الراهن، خاصة بعد التوسع الملحوظ في الاقتصاد الرقمي، وتغيّر سلوك المستهلك، وإعادة هيكلة العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية خلال السنوات الأخيرة.

وحول تجارب الدول، شهدت عدة اقتصادات حول العالم عمليات بارزة لتحديث سنة الأساس للحسابات القومية؛ إذ قامت أيرلندا بتحديث سنة الأساس إلى 2023 وفق نظام الحسابات الأوروبي (ESA 2010)، مما يعكس التزامها بتطبيق أحدث المنهجيات الإحصائية. كما اعتمدت كوريا الجنوبية سنة الأساس إلى 2015 ثم 2020، وفق نظام الحسابات القومية (SNA 2008)، مما رفع حجم الناتج بقرابة 4–7% انعكاسًا لتحسين تغطية الصناعات الإبداعية والاقتصاد المعرفي.

أما القارة الأوروبية، فحدّثت إيطاليا سنة الأساس إلى 2020 ضمن عملية منهجية متكاملة لتحسين قياس الناتج باستخدام معايير ESA 2010، بينما اعتمدت كل من الولايات المتحدة وكندا سنة الأساس 2017 في تحديثها الأخير لنظام الحسابات القومية ووفق منهجية الحسابات القومية SNA 2008، وهو ما يعكس المراجعات الدورية التي تُجريها الاقتصادات المتقدمة لضمان مواءمة بيانات الناتج مع التحولات الهيكلية المتسارعة في اقتصاداتها.

بالتالي، تُظهر هذه التجارب أنّ عمليات المراجعة الشاملة للناتج في الدول المتقدمة والناشئة تُعد ممارسة تقنية تهدف إلى تحسين دقة القياس، ورفع جودة البيانات، وضمان اتساقها مع التحولات الهيكلية المتسارعة.

ومن منظور الاقتصاد الكلي، يرى المنتدى أن هذه المراجعة ستُفضي إلى تحسين المؤشرات النسبية—مثل نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي—وذلك من خلال اتساع قاعدة الناتج وليس من خلال أي تغيّر في الدين العام ذاته، كما أنّ المؤسسات المالية الدولية تتعامل مع هذه المراجعات بوصفها عمليات تصحيح إحصائي تهدف إلى رفع جودة البيانات، لا إلى إعادة توصيف الوضع المالي، وبالتالي فإن الانعكاس الرئيس لهذه المراجعة سيكون على تحسين شفافية البيانات وتعزيز ثقة المستثمرين ورفع مستوى الجدارة المؤسسية للبيانات الاقتصادية الأردنية في الأسواق العالمية.

وفي الوقت نفسه، أكد أنّ الأهم هو الإطار الكلي للعملية، وهو تحديث منهجي شامل، يتوافق مع المعايير الدولية، وتطوير أدوات القياس، وتوسيع التغطية الإحصائية لجميع مكونات النشاط الاقتصادي، وهذه العناصر وحدها كافية لتفسير النتائج دون الحاجة إلى تفصيلات فنية قد تُساء قراءتها أو تُستخدم خارج سياقها.

وأشاد المنتدى بإعادة تقييم القطاعات الاقتصادية الرئيسة—مثل الطاقة، الزراعة، الصناعات التحويلية والاستخراجية، التجارة، النقل والخدمات اللوجستية، العقارات، والإنشاءات—من خلال إدخال منهجيات أكثر انضباطًا وحساسية لالتقاط القيمة المضافة الفعلية في كل قطاع، معتبرا أن هذا التطوير يعزز القدرة المستقبلية على صياغة سياسات قطاعية أكثر استهدافًا وكفاءة، ويرفع جودة نماذج التنبؤ الاقتصادي.

كما رحّب المنتدى بخطة دائرة الإحصاءات لإعداد جداول العرض والاستخدام لعام 2023 وإعادة تقدير سلسلة البيانات للفترة 2008–2023، وهي خطوة جوهرية في بناء مصفوفة متكاملة للاقتصاد الأردني تمكّن صانع القرار من تحليل التشابكات القطاعية، وقياس آثار السياسات، وتحديد مصادر النمو والإنتاجية بدقة أعلى.

وأكد المنتدى في الختام أن هذه المراجعة الشاملة تمثل ترسيخًا لالتزام الأردن بالحوكمة الإحصائية، وتضع المملكة في موقع متقدم إقليميًا من حيث جودة البيانات الاقتصادية، وترسّخ بيئة أكثر جاذبية للاستثمار، وتدعم متطلبات رؤية التحديث الاقتصادي نحو اقتصاد أكثر كفاءة وقدرة على النمو والاستدامة.

المملكة