فرّ حوالى نصف مليون شخص في كمبوديا وتايلاند إلى معابد ومدارس وملاذات آمنة مع تواصل المعارك الأربعاء على خلفية نزاع حدودي قائم منذ قرن تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التدخّل مرة أخرى لحلّه.

وقُتل 11 شخصا على الأقل، بينهم جنود تايلانديون ومدنيون كمبوديون، في آخر موجة قتال، بحسب ما أعلن مسؤولون، فيما فرّ أكثر من 500 ألف من المناطق الحدودية القريبة من حيث تدور المعارك بالطائرات والدبابات والمسيّرات.

ويدور خلاف بين البلدين الواقعين في جنوب شرق آسيا بشأن ترسيم حدودهما الممتدة على طول 800 كيلومتر والتي يعود تاريخها إلى حقبة الاستعمار الفرنسي، مع تحول مطالبات بمعابد تاريخية فيها إلى نزاع مسلّح.

وكانت مواجهات هذا الأسبوع الأكثر دموية منذ دارت معارك على مدى خمسة أيام في تموز تسببت حينذاك بمقتل العشرات ونزوح نحو 300 ألف شخص قبل التوصل إلى هدنة هشة بعد تدخّل ترامب.

ويتبادل الطرفان الاتهامات بإعادة إشعال النزاع الذي اتسعت رقعته الثلاثاء ليشمل خمس مقاطعات في تايلاند وكمبوديا، بحسب ما أفاد مسؤولون.

وسمع مراسلو فرانس برس في بلدة سامراونغ في شمال غرب كمبوديا صباح الأربعاء دوي المدفعية القادم من اتجاه معابد عمرها قرون في المناطق الحدودية المتنازع عليها.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع التايلاندية سوراسانت كونغسيري في مؤتمر صحافي إن "المدنيين اضطروا لإخلاء أماكنهم بأعداد كبيرة نظرا إلى ما قيّمنا بأنه تهديد وشيك لسلامتهم. نُقل أكثر من 400 ألف شخص إلى ملاذات آمنة" في سبع مقاطعات.

وأضاف "نريد منع تكرار الهجمات على المدنيين التي عانينا منها في تموز 2025".

- أكثر حدة هذه المرة -

أوضحت الناطقة باسم وزارة الدفاع الكمبودية مالي سوشيتا للصحافيين أنه "تم إجلاء 101,229 شخصا إلى مراكز إيواء ومنازل أقارب لهم في خمس مقاطعات" منذ مساء الثلاثاء.

وفرّ الثلاثاء الكمبودي لاي نون (55 عاما) من بلدة أوسماتش الشمالية حيث يعمل كحارس أمن في كازينو وانتقل للاحتماء مع عائلته داخل معبد.

وقال لفرانس برس "القتال أكثر حدة هذه المرة. يلقي التايلانديون القنابل من طائرات".

وأضاف "أشعر بالدفء" داخل المعبد قرب تمثال كبير لبوذا.

وأما بالنسبة للمزارعة التايلاندية براتوان شواوونغ التي تقطن على بعد نحو 500 متر عن الحدود الكمبودية، فإن عودة القتال أعادت إحياء المخاوف ذاتها التي عاشتها في تموز/يوليو.

وبعد مواجهات الصيف، قررت وجيراها بناء ملجأ في منطقة المعبد أملا في أن يحميهم من القصف.

وتقع قريتها في مقاطعة سا كايو على مقربة من خط الجبهة.

وافادت براتوان فرانس برس "هذه المرة، يبدو (القتال) أكثر شدة من معارك تموز/يوليو".

وتابعت "يرتفع صوت القذائف أكثر فأكثر كل ليلة. بقيت أفكر +هل ستضربنا؟+".

انسحبت كمبوديا الأربعاء من دورة ألعاب جنوب شرق آسيا التي تستضيفها تايلاند، فيما تحدّثت لجنتها الأولمبية عن "مخاوف كبيرة وطلبات من عائلات رياضيينا بأن يعود أقاربهم فورا".

ولعبت كل من الولايات المتحدة والصين وماليزيا التي ترأس رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) دور الوساطة من أجل إيقاف القتال في تموز/يوليو.

وفي تشرين الأول، دعم ترامب إعلانا مشتركا وتحدّث عن اتفاقيات تجارية جديدة مع تايلاند وكمبوديا بعدما وافق البلدان على تمديد وقف إطلاق النار بينهما.

لكن تايلاند علّقت الاتفاق في الشهر التالي.

وأعلن الرئيس الأميركي أنه سيجري اتصالا هاتفيا الأربعاء لبحث تجدد المواجهات.

وفي خطاب أثناء تجمّع لأنصاره في ولاية بنسلفانيا الأميركية الثلاثاء، عدّد ترامب النزاعات التي تدخل فيها دبلوماسيا مختتما حديثه بالقول "يؤسفني قول ذلك، أحدهم هو بين كمبوديا وتايلاند والذي اشتعل مجددا اليوم".

وأضاف "علي غدا إجراء اتصال هاتفي وأعتقد أنهم سيفهمون" الرسالة. وتابع "من غيري يمكنه القول +سأجري اتصالا هاتفيا وأوقف حربا بين بلدين قويين جدا؟+".

أ ف ب