قال السفير الروسي في عمّان، غليب ديسياتنيكو، الأربعاء، إن موسكو تشعر بـ "قلق بالغ" بسبب ما وصفه بمحاولات الولايات المتحدة "تقويض" حل الدولتين، الذي يهدف لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

"إننا نشعر بقلق بالغ؛ لأن واشنطن تحاول باستمرار استبدال هدف التوصل إلى حل سياسي شامل بمجموعة من الحوافز الاقتصادية، وتقويض مبدأ الدولتين لشعبين" بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن ديسياتنيكو.

وأوضح ديسياتنيكو أن "موقف روسيا الداعم للإطار، والموقف الدولي الذي ينص على حل الدولتين من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية"، داعياً إلى تضمين جميع القضايا ذات العلاقة بما فيها القدس في المفاوضات المباشرة بين الأطراف المعنية.

وعما يسمى بـ "صفقة القرن"، أضاف ديسياتنيكو: "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء محاولات الولايات المتحدة غير المثمرة لاختراع هذه الصفقة المزعومة، ونحن على ثقة من أنه مسار لن يؤدي إلى نتيجة؛ لأن السلام العادل والمستقر والشامل في المنطقة مستحيل تحقيقه ما لم يستند إلى حل الدولتين المعترف به دولياً للقضية الفلسطينية".


وفيما يتعلق بالاتفاق الروسي الصيني على عدم المشاركة في مؤتمر المنامة، قال إنه "ليس فقط روسيا والصين رفضتا المشاركة، ولكننا حتى الآن لم نر أي حماس لذلك من أي دولة أخرى باستثناء بعض دول الشرق الأوسط، وإننا نعتبر أن الحدث القادم في المنامة ليس أكثر من محاولة أخرى من جانب الولايات المتحدة لتغيير الأولويات في جدول الأعمال الإقليمي، وفرض الرؤية الأحادية لتسوية هذا الصراع الذي طال أمده".

الجولان أرض سورية

كما اعتبر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان مرتفعات الجولان جزءاً من إسرائيل يمثل "ضربة هائلة للأساس الكامل للحل المحتمل لهذه القضية"، مؤكداً أن مرتفعات الجولان كانت، وستبقى أراض ذات سيادة سورية بموجب جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. 

ولفت السفير إلى أهمية الدور الذي تقوم به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ومساهمتها في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة، وتخفيف العبء عن الدول المضيفة لهم، مؤكداً أن "خفض الدعم المالي لها، ووقف تمويلها هو نوع من الضغط على أحد أطراف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي رأينا أن مثل هذه الانتهاكات في الواقع حالة من حالات الابتزاز يمكن أن تؤدي إلى نتيجة مشكوك فيها؛ لأن حل الدولتين فقط هو المفتاح العادل والنزيه للخروج من أزمة الشرق الأوسط".

تبادل تجاري "قياسي"

قال السفير الروسي، إن عام 2018 كان عامًا مهماً للتجارة الثنائية بين روسيا والأردن؛ حيث وصل حجم التبادل التجاري إلى مستوى قياسي بلغ 602.5 مليون دولار أميركي، وتوجد إمكانية كبيرة لتحقيق مزيد من التقدم في التعاون التجاري والاقتصادي المتبادل.

وأضاف السفير أنه "يعود الدور الأكبر في هذا النمو إلى اللجنة الحكومية الروسية - الأردنية لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي التي عقدت اجتماعها الرابع أواخر العام الماضي في عمّان، واتفق الطرفان على مجموعة من التدابير الرامية إلى تنويع كفاءة التعاون في مجالات الاهتمام المشترك مثل الطاقة والصناعة والزراعة والنقل والسياحة والتعليم وغيرها".

وأشار السفير إلى أهمية بروتوكول التعاون الموقع في عام 2017 بين صندوق الاستثمار المباشر الروسي وهيئة الاستثمار الأردنية الذي يشكل الأساس القانوني للتعاون الاستثماري، مبيناً أن هناك مشاريع مهمة روسية في الأردن، منها مركز تجارة السيارات لادا الذي يعمل بنجاح، ويخطط لتوسيع شبكته من خلال فتح صالات عرض في مختلف المدن الأردنية، وهناك تعاون طبي متميز والعديد من المشاريع الواعدة الإضافية.


عودة سوريا إلى "الأسرة العربية"

وحول الأزمة السورية قال السفير الروسي، إن "بلاده كانت على الدوام داعمًا قويًا للتسوية السياسية - الدبلوماسية للأزمة السورية، وساهمت في إرساء الأساس القانوني الدولي المناسب لهذه العملية، وكنا من مهندسي قرار مجلس الأمن رقم 2254 ورعاة عملية السلام في أستانا التي تم بموجبها تحقيق وقف إطلاق النار المستمر في سوريا".

وقال إننا "نحث جميع الأطراف في سوريا على العمل بجد وفاعلية من أجل ضمان انتقال سياسي بقيادة سورية بناءً على بيان جنيف"، مشيرا إلى أن "العمل جار الآن لتشكيل اللجنة الدستورية، ونأمل أن يتمكن زملاؤنا في الأمم المتحدة قريباً من تقديمها إلى المجتمع الدولي".

وحث الشركاء العرب على إتاحة الفرصة لعودة سوريا إلى "الأسرة العربية"، مؤكدا أن عودة دمشق إلى مداولات الجامعة العربية ستسرع من عملية السلام في سوريا.

"الأردن وروسيا شريكان موثوقان في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، حيث يتمتعان اليوم بمستوى ممتاز من التعاون المثمر الذي تدعمه العلاقات الشخصية المتميزة بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس فلاديمير بوتين".
وفي إطار التعاون على الأصعدة الثنائية والإقليمية والدولية، فإن عمّان وموسكو تجريان تنسيقًا مستمرًا بشأن أهم القضايا على جدول الأعمال الدولي والإقليمي، حيث يخصص الجزء الأكبر من حوارنا السياسي الصريح للوضع في الشرق الأوسط، معربا عن تقدير روسيا لدور الأردن في تعزيز السلام والأمن وضمان الاستقرار والفرص اللازمة لحل الأزمات الحالية.

تعاون ثقافي


وفي إطار التعاون الثقافي، أكد السفير، وجود مصلحة مشتركة لتطوير وتعزيز العلاقات الثقافية والحوار بين الجانبين، معربا عن تقديره وامتنانه للجانب الأردني للمساعدة على افتتاح الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية في عمّان في كانون الثاني 2019 خاصة في ظل التزايد المستمر في أعداد الحجاج من روسيا الذين يزورون الأماكن المقدسة في الأردن.

وحول المجتمع الروسي في الأردن، أفاد السفير بأنه: "يتواجد 7 آلاف مواطن روسي في الأردن، وهناك ترابط بينهم من خلال المجلس التنسيقي للمواطنين الروس في عمّان". 

المملكة + بترا