تتسابق البنوك المركزية حول العالم هذا العام على تخفيض أسعار الفائدة، إذ وصل عددها حتى الآن إلى 26. الأسبوع الماضي، قامت بذلك روسيا، وتركيا، التي أقرت نسبة التخفيض الأكبر بمقدار 4.25%.

البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، مثل إندونيسيا، الفلبين، ماليزيا، الهند، كوريا الجنوبية، جنوب إفريقيا، أوكرانيا، صربيا، بارغواي، تشيلي، وأيسلندا، خفضت هي الأخرى الفائدة.

وبالرغم من أن البنك المركزي الأوروبي أبقى معدلات الفائدة دون تغيير، الخميس الماضي، إلا أنه أشار صراحة إلى احتمالية التخفيض خلال الفترة المقبلة، وبمعدلات سلبية أكبر.

لماذا تقدم البنوك المركزية على تلك الخطوة الآن، بالرغم من أن معدلات التضخم والتوظيف تحت السيطرة؟

يبدو أن عددا من البنوك المركزية، أصبح لديها قناعة بقرب حدوث ركود اقتصادي، إضافة إلى مخاوف من تبعات هذا على الاقتصاد العالمي. يدفع الأمر البنوك المركزية إلى التحرك بخفض أسعار الفائدة، لتحفيز النمو الاقتصادي، وبحسب وجهة نظر السياسة النقدية، ليس أفضل من ذلك كرافعة مالية للأسواق والاقتصاد والمستثمرين.

في الوقت نفسه، تصريحات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) وتدخل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المباشر في السياسة النقدية للمجلس، ومطالبته أكثر من مرة بتخفيض الفائدة أعطت إشارات استباقية، وحفزت كثيرا من البنوك المركزية العالمية على القيام بتلك الخطوة.

ومن هنا، يمكن تسمية الظاهرة الحالية سباقا نحو خفض أسعار الفائدة.

الهدف الأساسي من خفض أسعار الفائدة هو تشجيع المستثمرين على الاقتراض لتوسيع أنشطتهم الاقتصادية، لكن، في المقابل، يبعث هذا رسائل سلبية إلى قطاعات الأعمال بأن الاقتصاد العالمي مقبل على أزمة أو ركود، مما يؤدي إلى إحجام عن الاقتراض، حتى بأسعار فائدة منخفضة.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن يرفع تخفيض الفائدة حجم الاقتراض الاستهلاكي، الأمر الذي يؤدي إلى اختلالات وفقاعات سعرية في بعض القطاعات نتيجة الإنفاق الاستهلاكي الناتج عن الاقتراض، وليس زيادة أجور أو توظيف.

قرار أميركي مرتقب

أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، مؤخرا إلى إمكانية التحرك لتخفيض أسعار الفائدة بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي، الذي يمكن أن يؤثر على اقتصاد الولايات المتحدة، إضافة إلى نسب التضخم والنمو والتوظيف المتعلقة بالاقتصاد الأميركي.

رغبة ترامب الجامحة في تخفيض الفائدة بنسبة كبيرة، وعدم رغبته في دولار أميركي قوي، يشير بشكل واضح إلى هذا تخفيض في الاجتماع القادم للمجلس، في ظل إجماع أنه سيتخذ القرار في 31 يوليو/تموز.

الاختلاف والاحتمالات سوف تبقى حول نسبة التخفيض: هل ستكون 0.25% أو 0.5%؟ تنقسم الآراء حول تلك النسب وتأثيراتها على الأسواق.

البنك المركزي الأردني

يتبع البنك المركزي الأردني عادة قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتغيير أسعار الفائدة، بحكم ربط سعر صرف الدينار الأردني بالدولار الأميركي. ظروف الأردن الاقتصادية لم تكن مواتيه لرفع أسعار الفائدة عندما رفعها المجس في السنوات الماضية، إلا أن ربط وتثبيت سعر صرف الدينار مقابل الدولار حتّم على البنك المركزي الأردني أن يرفع سعر الفائدة للحفاظ على جاذبية الدينار.

خفض البنك المركزي الأردني للفائدة قد يشكل فرصة مواتية للاقتصاد الوطني، ويسهم بشكل كبير في تحسين معدلات الاقتراض من قبل البنوك التجارية المحلية. يضاف إلى ذلك، تحرير وضخ سيولة في معظم قطاعات الاقتصاد الأردني، خاصة الأعمال المنتجة، ولاسيما إذا ترافق هذا مع حزمة اقتصادية، وإجراءات حكومية تحفز قطاعات الأعمال المتنوعة على الاستثمار والتشغيل مع التحول الجديد في منحى أسعار الفائدة عالميا.

*محلل مالي

المملكة