يؤثر سعر الفائدة بشكل عام على القرارات المالية والاستثمارية والأنماط الاستهلاكية للأفراد، بما في ذلك المستثمرين، ليضعهم أمام خيارات إنفاق الأموال، استثمارها في قطاعات مختلفة، أو إيداعها في بنوك تجارية للاستفادة من سعر الفائدة على الودائع.

دور البنوك المركزية يتمثل عادة في تحديد الإطار العام أو اتجاه سعر الفائدة على السندات الحكومية والودائع، وبناء عليه تتبع البنوك التجارية المختلفة هذه الإرشادات، وتلتزم بها في تعاملاتها مع عملائها في الإقراض والاقتراض والودائع.

خفض سعر الفائدة

عند انخفاض معدلات الفائدة، يميل الأفراد إلى إنفاق أموالهم لشراء سلع كالسيارات والعقارات، أو استثمارها في مشاريع تشغيلية تنتج لهم دخلا، بدلًا من إيداعها في بنوك والحصول على نسبة فائدة صغيرة، وغير مجدية.

يتشجع المستثمرون أيضا على الاقتراض من بنوك لتوسعة مشاريعهم وأعمالهم التجارية، نظرًا لانخفاض تكلفته، الأمر الذي يترتب عليه، في المحصلة، زيادة الدخل ومعدلات التوظيف والإنفاق، مما يؤدي إلى تنشيط الاقتصاد وزيادة فرص الاستثمار.

رفع سعر الفائدة

رفع سعر الفائدة، يزيدها على القروض والودائع، وبالتالي يلجأ الأفراد، وبينهم المستثمرون، إلى إيداع أموالهم في البنوك للاستفادة من أسعار الفائدة العالية، والمتمثلة في الودائع وشهادات الإيداع والسندات الحكومية، والتي تشكل ربحًا مضمونا وآمنا، بخلاف المجازفة بالاستثمار في مشاريع، في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض والاستثمار. يؤدي ذلك إلى إحجام المستثمرين عن الاقتراض من البنوك لتوسعة مشاريعهم، أو فتح مشاريع جديدة، في ظل زيادة سعر الفائدة، التي تشكل عبئا ماليا يتجاوز الإيرادات المتأتية من الاستثمار.

ويؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في النهاية إلى انخفاض الاستهلاك حيث يمتنع الناس من الحصول على قروض إسكان، أو سيارات، أو غير ذلك، بسبب ازدياد تكاليف الاقتراض من البنوك.

ويسهم عادة في ارتفاع وتعزيز قيمة العملة الوطنية، لأن الطلب عليها يزيد من قبل الأفراد، بما في ذلك المستثمرين المحليين والدوليين، الذين يسارعون لشراء سندات حكومية، أو الإيداع بالعملة الوطنية، من أجل الاستفادة من سعر الفائدة المرتفع.

لماذا ترفع أو تخفض البنوك المركزية نسب الفوائد؟

البنك المركزي لدولة ما يتدخل من خلال خفض أو رفع سعر الفائدة، بصورة دقيقة ومحدودة، بهدف تعزيز النمو، والحد من التضخم والبطالة، ودعم العملة الوطنية، مع إعطاء أولوية للمشاكل الاقتصادية التي تعاني هذه الدولة.

تعزيز النمو

في حالة الركود، لا يمتلك الأفراد مالا كافيا لشراء السلع المعروضة، أي أن الطلب أقل من العرض، مما يؤدي إلى الكساد أو التباطؤ الاقتصادي، الأمر الذي يدفع أصحاب الشركات والمصانع إلى تسريح العمال والتوقف عن الاستثمار، وبالتالي ترتفع البطالة.

لذلك تعمل الحكومات على مواجهة ذلك من خلال "سياسة نقدية توسعية"، تركز فيها على تحفيز النمو الاقتصادي من خلال خفض أسعار الفائدة، مما يشجع الأفراد، ومنهم المستثمرين، على سحب أموالهم المودعة لدى البنوك واستثمارها في نشاط اقتصادي مربح، أو استخدامها في شراء سلع وخدمات، فيزداد الطلب.

التحكم في التضخم أو ارتفاع الأسعار

في حالات التضخم التي يعاني فيها الأفراد من ارتفاع أسعار سلع وخدمات بشكل كبير، تميل الدول إلى التدخل باتباع "سياسة نقدية متشددة" تهدف إلى تقليل نسبة التضخم من خلال تقليل النقد المعروض في السوق، سواء لدى المستهلكين أو المستثمرين، وبالتالي الحد من تنافسهم على شراء سلع وخدمات، مما يؤدي لانخفاض أسعارها لمستويات طبيعية.

ويحقق ذلك عبر رفع سعر الفائدة الذي يشجع الأفراد على الادخار وإيداع أموالهم لدى البنوك، ويقلل إقبالهم على الاستهلاك. وبسبب صعوبة الاقتراض الناتجة عن ارتفاع معدل الفائدة، يعزف المستثمرون عن إنشاء مشاريع جديدة، مفضلين الاستثمار في شهادات بنكية وسندات حكومية، فتقل الأموال المتاحة لشراء سلع وخدمات، ويتراجع التنافس، وبالتالي تنخفض الأسعار.

دعم العملة الوطنية

تلجأ الدول إلى رفع سعر الفائدة لجذب المستثمرين الأجانب إلى السندات الحكومية والإيداع بالعملة الوطنية أو المحلية، واستخدام هذه الأموال في دعم الاقتصاد الوطني. ويميل الأفراد إلى الودائع، والاستفادة من معدل الفائدة المرتفع، بدلًا من شراء الدولار الأميركي أو العملات الأجنبية، الأمر الذي يزيد الطلب على العملة المحلية ويعزز من قيمتها.

ومثال على ذلك ما قام به البنك المركزي الأردني من رفع لأسعار الفائدة بعد خطوة مماثلة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) خلال السنوات الماضية. ويسعى البنك المركزي الأردني من خلال ذلك إلى زيادة جاذبية الدينار وتشجيع الأفراد على حيازته من خلال ايداعه في بنوك بسعر فائدة أعلى منها على الدولار الأميركي، أو أية عملات أجنبية أخرى، الأمر الذي يحافظ على سعر، جاذبية، حيازة، وتداول العملة المحلية في الأسواق.

خلاصة القول أن معدل سعر الفائدة أداة من عدة أدوات نقدية تمتلكها الدولة للتحكم في كمية الأموال في حوزة الأفراد، ومنهم المستثمرون، والتي توجه ميولهم الاستهلاكية أو الاستثمارية، وقراراتهم بالاستثمار، الاستهلاك، أو الإيداع البنكي.

محلل مالي*

المملكة