تواجه سناء تحديا كبيرا في تأمين قوت عائلتها بعد سجن زوجها، وفي مواجهة إخطار بإخلاء سكنها خلال أيام، إلا أنها تحاول الحفاظ على رباطة جأشها أمام أطفالها.

تعمل المرأة في مزارع محصول البامية، في منطقة تل الأربعين، في الأغوار الشمالية، من الساعة 04:00 فجرا، وحتى 11:00 صباحا، برفقة أطفالها الـ 4.

خلال أيام الأسبوع، تقطن وأبناؤها، الذين تتراوح أعمارهم بين 3-14، في بيت أهلها في الأغوار، وتعود إلى منزلها في إربد في نهاية الأسبوع، حين يزور متنزهون الأغوار، ويتوقف العمل في المزارع.

تتقاضى سناء، وهي في بداية العقد الـ 3 من عمرها، 5 دنانير فقط يوميا عن عملها.

"لا أجد وسيلة أخرى للإنفاق على أولادي، ولا بيتي، الذي لم أتمكن من دفع أجرته لمدة 9 أشهر، أو ما مجموعه 720 دينارا،" تقول سناء لـ "المملكة"، وهي تقطف البامية.

تعمل سناء يوميا من الفجر حتى الظهر، أو أحيانا، من الظهر حتى المساء (صلاح ملكاوي/المملكة).


كان يعمل زوجها سائق سيارة أجرة، عندما أوقفته الشرطة في مطلع أيار/مايو 2019؛ بسبب ديون تراكمت عليه.

"سجن زوجي بسبب عدم سداد ديون مستحقة في 8 قضايا، بقيمة تقارب 5 آلاف دينار، بعد أن توجه أصحاب هذه الحقوق إلى القضاء،" تبين سناء.

بعد أن حكم على زوجها، المعيل الوحيد للأسرة، بالسجن 3 شهور عن كل قضية، لجأت سناء إلى صندوق المعونة الوطنية في إربد في محاولة للحصول على مساعدة.

سناء تحمل طفلها الأصغر، محمد، (3 أعوام)، وفي يدها ورقة استصدرتها من صندوق المعونة الوطنية في إربد، في محاولة للحصول على مساعدة (صلاح ملكاوي/المملكة).


استيفاء شروط الحصول على معونة تطلب من سناء تصديق ورقة رسمية تثبت أن زوجها أمضى 3 شهور في السجن.

"لم أتمكن من الحصول على تلك الورقة. أُسقطت قضية ضد زوجي، فاحتسبت له إدارة السجن نصف مدة العقوبة المقررة، أي شهر ونصف،" تشرح سناء، التي تواظب على زيارة زوجها في سجن قرب المفرق.

"عمل زوجي سائق أجرة منذ سنوات، إلا أنه لم يتمكن من تحصيل ما يكفي لسداد قيمة ضمان سيارة الأجرة اليومي، والبالغ 23 دينارا، إلى جانب التزاماته تجاه بيته وأطفاله، الأمر الذي اضطره إلى الاقتراض... فتراكمت الديون".

تضطر سناء إلى التنقل بين إربد وتل الأربعين مع أطفالها للعمل في الحقول الزراعية، إضافة إلى المواظبة على زيارة زوجها في سجن قرب المفرق (صلاح ملكاوي/المملكة).


زواج مبكر؟

في تل الأربعين، وفي إربد، التقت "المملكة" سناء، التي تقول، إنها تأمل أن يساعدها هذا الأمر في إيجاد حل لمعضلتها.

قبل اللقاء، حصلت سناء على 10 دنانير من عملها، تبقى منها 3 دنانير خصصتها لتأمين حاجات أطفالها.

والدتها تقيم في بيت يضم 3 أبناء، 2 منهم متزوجان، ويتقاسم الجميع المنزل البسيط، غرفة لكل منهم، إضافة إلى سناء، ليصبح مجموع الأطفال في هذا المسكن 22.

سناء مع والدتها، وأبناء أخويها، في منزل أهلها في تل الأربعين الذي قد تلجأ إليه إن أجبرت على إخلاء بيتها في إربد (صلاح ملكاوي/المملكة).


"تزوجت عندما كان عمري 17 عاما، كغيري من بنات منطقتي، وتركت المدرسة بعد انتهاء الفصل الأول من الصف الأول الثانوي ... اعتقدت آنذاك أنني لست بحاجة للمدرسة،" تقول سناء، وكأن في نبرة صوتها ندم على عدم إكمال الدراسة.

في البداية، عملت سناء برفقة زوجها في مزارع في الأغوار، مقابل أجر لم يمكن الرجل من دفع 1300 دينار ثمن أثاث بيت الزوجية.

"بعنا الأثاث، وانتقلنا إلى إربد، حيث عمل زوجي سائق أجرة، وعملت أنا آذنة في مدرسة، لكن الأمور لم تسر على ما يرام واستمرت الديون في التراكم".

في منزله في إربد، محمد، كبقية أطفال سناء، يلعب بما لا يمكن تسميته بلعبة (صلاح ملكاوي/المملكة).


تواجه سناء اليوم إخطارا بإخلاء سكنها، إضافة إلى استحقاقات العام الدراسي الجديد بداية الشهر المقبل، حين يستوجب إلحاق 3 من أطفالها في مدرسة في إربد.

وتقول إنها تحاول قدر الإمكان الحفاظ على قوّتها أمام أطفالها، وهي تبحث لهم عن حياة مستقرة، وتبدو حريصة على مشاعر ابنتها الكبرى الخجولة التي ترفض الظهور أمام الكاميرا.

"لا أعرف ماذا يخبئ المستقبل ... قد لا أتمكن من إرسال أبنائي إلى المدرسة، وقد أضطر إلى الانتقال للعيش مع والدتي وأشقائي وعائلاتهم في تل الأربعين".

في غرفة نومها في منزلها، تحتفظ سناء بكل ما تبقى لها من أثاث (صلاح ملكاوي/المملكة).


المملكة