دعا مختصون إلى رفد الاقتصاد الوطني بمزيد من الاستثمارات السعودية، البالغة 12 مليار دولار أميركي، وخلق توازن في الميزان التجاري بين البلدين، بينما تدرس شركة الصندوق السعودي الأردني فرصا استثمارية في قطاعي الرعاية الصحية، وتكنولوجيا المعلومات.

الاستثمارات السعودية الكلية في الأردن حتى نهاية عام 2018، بما في ذلك نحو ملياري دولار أميركي مستفيدة من قانون الاستثمار، تشمل قطاعي النقل والسياحة، إضافة إلى القطاع المالي، بحسب هيئة الاستثمار.

وينص قانون الاستثمار على وضع إطار للحوافز والمزايا المتاحة للمستثمرين والمشاريع الاستثمارية داخل المناطق التنموية أو المناطق الحرة الحالية وخارجها على حد سواء، باستثناء منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.

"السعودية شريك اقتصادي وتجاري مهم للأردن،" تقول نائبة رئيس مجلس إدارة الصندوق الأردني للريادة، ووزيرة الصناعة والتجارة السابقة، مها العلي.

وتضيف لـ "المملكة" أن ذلك "يتطلب بذل جهد أكبر من قبل الحكومة والقطاع الخاص في البلدين، إضافة إلى دراسة احتياجات السوق السعودي من أجل تحقيق متطلباته،" داعية إلى التركيز على " تصدير الخدمات، وليس السلع فقط".

من أمثلة ذلك، قطاع تكنولوجيا المعلومات الأردني، الذي تقول العلي إنه "مميز، ويحوي شركات ناجحة تقدم محتوى عربيا، وغيره، الأمر يتطلب متابعة هذا القطاع لتصدير خدماته".

"يمكن العمل أيضا على قطاع السياحة من خلال استقبال مزيد من السياح السعوديين عبر توفير خدمات وبرامج جاذبة لهم،" تبين العلي.

"مراحل متقدمة جدا"

عمر الور، الرئيس التنفيذي لشركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار، التي تهدف إلى تعزيز الاستثمارات المشتركة بين البلدين، تحدث عن دراسة فرص استثمارية في الأردن.

وقال لـ "المملكة" إن الشركة "حددت وتدرس فرصا استثمارية مهمة للاقتصاد الأردني، ووصلت الدراسة إلى مراحل متقدمة جدا بخصوص الاستثمار في مشاريع في قطاعي الرعاية الصحية، وتكنولوجيا المعلومات".

"المشاريع الاستثمارية التي تسعى شركة الصندوق السعودي الأردني إلى لاستثمار في تنفيذها سيكون لها أثر كبير على كفاءة وتنافسية القطاعات الاقتصادية الحيوية في الأردن،" يضيف الور.

الشركة "ملتزمة بالاستثمار في الأردن في مشاريع استراتيجية مستدامة ومجدية اقتصادياً في مختلف القطاعات الحيوية والواعدة في الأردن، بالإضافة إلى سعيها للإسهام في تعزيز التنمية الاقتصادية في الأردن،" بحسب الور.

وتركز استراتيجية الشركة الاستثمارية على 3 محاور: (1) مشاريع بنية تحتية في قطاعات مثل النقل، الطاقة، السياحة والمياه، (2) مشاريع قيد التطوير في قطاعات الرعاية الصحية، التكنولوجيا، والسياحة، (3) استثمارات رأس المال التوسعي عبر دعم نمو وتوسع أعمال شركات أردنية ناجحة وواعدة.

ويساهم صندوق الاستثمارات العامة في السعودية بـ 90 % من رأس مال شركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار، في حين تساهم البنوك الأردنية بـ 10 % من رأس مال الشركة، بحسب الور.

الشركة أنشئت كثمرة تعاون بين السعودية والأردن، وكإحدى مخرجات مجلس التنسيق السعودي الأردني الذي أسس في 27 نيسان 2016، إضافة إلى مذكرة تفاهم في مجال تشجيع الاستثمار بين صندوق الاستثمارات العامة في السعودية وصندوق الاستثمار الأردني الموقعة في 25 آب/أغسطس 16، وفق الور.

ولتعزيز الاستثمارات السعودية الأردنية المشتركة، تأسست شركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار كشركة مساهمة عامة محدودة عام 2017 بموجب قانون صندوق الاستثمار الأردني رقم (16) لعام 2016،من قِبَل صندوق الاستثمارات العامة في السعودية، وبالشراكة مع 16 بنكاً أردنياً من البنوك التجارية والإسلامية.

المختص والمحلل المالي، خالد الربابعة قال لـ "المملكة" إن الاستثمار السعودي في سوق عمّان المالي يحتل المرتبة الأولى من بين الاستثمارات العربية والأجنبية في الشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمّان.

بيانات مركز الإيداع المالي تظهر أن الاستثمارات السعودية في سوق عمّان المالي البالغة 987.253 مليون دينار حتى 31 آب/أغسطس 2019، تحتل المرتبة 2 بعد استثمارات الأردنيين.

"نسبة المساهمة السعودية في سوق عمّان المالي نحو 6.2% من إجمالي القيمة السوقية للبورصة، بقيمة إجمالية بلغت 987.2 مليون دينار (نحو 1.4 مليار دولار أميركي)،" بحسب الربابعة.

ويشكل حجم الاستثمار السعودي ما نسبته 13% من إجمالي الاستثمار العربي والأجنبي في السوق، حتى نهاية أغسطس/آب الماضي، وفق الربابعة.

العائد على الاستثمار

المختص الاقتصادي حسام عايش يتفق مع العلي على أهمية الاستثمارات السعودية في الأردن، لكنه يؤكد أهمية التركيز على العائد على الاستثمار.

"الدول الخليجية ومنها السعودية تسعى إلى تنويع مصادر دخلها عبر أدوات اقتصادية أهمها الاستثمار المبني على العائد؛ ولذلك يجب أن يعرض الأردن مشاريع يُمكن أن تنعكس إيجابا على البلد، وعلى المستثمر في الوقت نفسه،" يقول عايش، الذي عمل في مراكز دراسات وأبحاث اقتصادية.

"استثمارات السعودية في الأردن تتنوع في قطاعات مثل البنوك والطاقة وغيرها، ويمكن للأردن تطوير هذا الاستثمار ليشمل قطاع التعليم، عبر تأسيس جامعات سعودية في الأردن؛ لأنها تحظى بتصنيفات متقدمة،" يضيف عايش.

ودعا إلى"دراسة التوجهات الاستثمارية الجديدة في السعودية المبنية على زيادة العائد من الاستثمار، وتقليل الاعتماد على النفط" وغير ذلك، الأمر الذي يقول إنه يتطلب إعادة النظر في الخارطة الاستثمارية في الأردن.

الميزان التجاري

العلي قالت لـ"المملكة": "بلغ حجم مستورداتنا من السعودية العام الماضي نحو 2.392 مليار دينار ، تشكل 16% من إجمالي مستورادت الأردن".

"بلغت الصادرات الأردنية إلى السعودية العام الماضي نحو 500 مليون دينار تشكل 10% من إجمالي الصادرات الأردنية"، وفق العلي، مضيفة:"بالأرقام نتحدث عن شريك مهم".

بلغ التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الحالي 1.942 مليار دولار، وفق بيانات غرفة تجارة عمّان، فقد أظهرت البيانات التي اطلعت عليها "المملكة" أن الميزان التجاري يميل لمصلحة السعودية بـ 1.246 مليار دولار.

بلغت صادرات الأردن إلى السعودية 347.8 مليون دولار، والمستوردات منها 1.594 مليار دولار.

العلي أشارت إلى أهمية "التركيز على متابعة ما يجري الاتفاق عليه بين الجانبين، من خلال مجالس الأعمال المشتركة".

وأضافت أنه من "المهم متابعة استقطاب الاستثمارات السعودية إلى الأردن، التي تتجاوز 10 مليارات دولار في قطاعات مهمة "، وفق العلي.

"الاستثمار في الأردن مفيد كونه يتمتع ببيئة استثمارية جاذبة، واتفاقيات تمكن المستثمر السعودي من دخول أسواق جديدة مثل الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الاستفادة من تسهيلات قواعد المنشأ وغير ذلك"، بحسب الوزيرة العلي، التي أشارت إلى أن"السوق السعودي رئيسي في تصدير المنتوجات الزراعية الأردنية".

المختص الاقتصادي عايش قال، إن العلاقة الاقتصادية "بين الدول تُبنى على مبدأ الربح والعائد من الاستثمار".

المملكة