إعلان الولايات المتحدة بأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تخالف القانون الدولي يدعم اليمين الإسرائيلي، ويمهد لما يعرف بـ "صفقة القرن"، ولسيطرة إسرائيل على وادي الأردن، بحسب تحذيرات مختصين سياسيين أردنيين.

وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، قال الاثنين، إن واشنطن لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية "غير متسقة مع القانون الدولي" في تحول للسياسة الخارجية الأميركية، وصفه المختصون بالانقلاب الخطير، وحذر منه الأردن، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وروسيا.

وأضاف بومبيو: "بعد دراسة جميع جوانب النقاش القانوني بعناية، توافق هذه الإدارة ... على أن (إنشاء) مستوطنات مدنية إسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي ...لم ينجح اعتبار إقامة مستوطنات إسرائيلية أمرا غير متّسق مع القانون الدولي ... لم يحقق تقدما على مسار قضية السلام".

ويضع هذا التصريح الولايات المتحدة في موقف متناقض مع الشريحة الكبرى من الدول، وقرارات مجلس الأمن الدولي، وهو يأتي في توقيت يسعى فيه المرشّح الوسطي الإسرائيلي بيني غانتس إلى تشكيل حكومة تخلف حكومة بنيامين نتنياهو، حليف الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وحتى إعلان بومبيو، كانت السياسة الأميركية تعتمد، نظريا على الأقل، على رأي قانوني صادر عن وزارة الخارجية في عام 1978 يعتبر أن إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية يتعارض مع القانون الدولي.

الإعلان الأميركي "قفز على مبادئ القانون الدولي، بما فيها معاهدة جنيف التي تقر بعدم أحقية سلطة الاحتلال في نقل مواطنيها إلى أراض تحتلها،" يقول المختص في القانون الدولي، أنيس القاسم، لـ "المملكة".

"التصريحات تدل على أن الولايات المتحدة لا تتصرف كدولة كبرى مسؤولة عن الأمن الدولي، بل على رعونة واضحة في مخالفة القانون الدولي ..." يضيف القاسم، الذي حذر أن تغير الموقف الأميركي "يدعم العدوان الإسرائيلي، ويزيد إسرائيل تعنتا في التوسع وفرض مزيد من المستوطنات، التي تحول دون حصول الفلسطينيين على حقهم في تقرير مصيرهم".

وبحسب ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب،فإن إقامة المستوطنات تناقض كل المبادئ الدولية، فيما تعتبر قرارات مجلس الأمن المستوطنات الإسرائيلية انتهاكا للقانون الدولي.

أما "الانقلاب" في الموقف الأميركي، فيظهر أن الإدارة الأميركية "تنفذ صفقة القرن عبر البدء في ضم الضفة الغربية، ومنع قيام دولة فلسطينية"، يقول رئيس الديوان الملكي الأسبق، عدنان أبو عودة، لـ "المملكة".

"شرعنة المستوطنات يظهر انقلابا في موقف واشنطن يلتقي مع اليمين الإسرائيلي ... أمر خطير يجب التعامل معه بجدية،" يحذر أبو عودة.

وخلال حملته الانتخابية، قال نتنياهو، إنه ينوي فرض سيادة على وادي الأردن وشمال البحر الميت في حال فوزه.

"عندما بني جدار الفصل العنصري، حذر الأردن أنه يهدد الأمن الوطني، فما بالنا بضم غور الأردن للسيادة الإسرائيلية؟" يتساءل القاسم، فيما يرى أبو عودة أن نتنياهو قد يكون قادرا على ضم الغور ونيل موافقة الكنيست، خاصة بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل، وبأن القدس عاصمة لإسرائيل.

في الوقت نفسه، "يعطل الفيتو الأميركي القانون الدولي، وأي قرار لمجلس الأمن الدولي".

"الأردن لم يجدد ملحقي الباقورة والغمر في معاهدة السلام، والباقورة تحديداً؛ لأهداف تتضمن ألا تتصل الباقورة بالغور في حال استولت إسرائيل على الغور،" يقول أبو عودة، موضحا أن "الموقف الأميركي خطير وجزء من عدوان إسرائيلي يهدد الأمن الوطني الأردني".

من الطبيعي أن يقلق الأردن من التوسع في بناء المستوطنات؛ لأن هذا، بحسب أبو عودة، "يجلب المزيد من اليهود، ويخرج الفلسطينيين من فلسطين ليدفعهم للبحث عن ‘وطن بديل‘..."

الخطوة الأميركية قد تشكل دعما لنتنياهو الذي يصارع للبقاء في السلطة بعدما فشل في تشكيل ائتلاف حكومي.

"ضم غور الأردن شيء أساسي بالنسبة لإسرائيل، ولو لم ينفذه نتنياهو قد ينفذه غانتس، الأمر الذي يؤثر سلبيا على الأردن وعلى فكرة حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة، ويسير باتجاه معاكس تماماً للموقف الأردني"، يقول لـ "المملكة" مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية زيد عيادات الذي يتفق مع أبو عودة والقاسم.

"الإعلان الأميركي جزء من صفقة القرن، ويدعم سياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين، في ظل وجود شبه إجماع دولي يجرم الاستيطان،" بحسب عيادات، الذي يرى "تحولا خطيرا في الموقف الأميركي، وقد يفهم من ناحية أخرى لكسب دعم يهودي في الانتخابات الأميركية الرئاسية والمنافسة بين الديمقراطيين والجمهوريين".

"عندما تقيم إسرائيل مستوطنات، هي لا تقيمها على أساس قانوني أصلاً، ولا تهتم للوضع القانوني، بل تقيمها على اعتبارات أمنية وسياسية، فالاحتلال في الأصل غير قانوني، والمسألة الأساسية في قيام الدولة الفلسطينية هي عدم بناء مزيد من المستوطنات،" يقول عيادات.

المملكة