نزلت حشود كبيرة من المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية إلى شوارع هونغ كونغ الأحد، في استعراض قوي في ذكرى مرور 6 أشهر على بدء حركة الاحتجاج، فيما حذّر منظمون قادة المدينة المؤيدين لبكين بأن لديهم "فرصة أخيرة" لإنهاء الأزمة السياسية.

وشارك عشرات الآلاف رغم الأمطار الغزيرة في تجمعات حاشدة في شوارع المدينة، في ما بدا أكبر احتجاجات منذ أشهر.

وتأتي احتجاجات الأحد، التي حصلت على إذن نادر من الشرطة، بعد أسبوعين من اكتساح المرشحين المدافعين عن الديمقراطية انتخابات المجالس المحلية، مسقطين ادعاء الحكومة بأنّ "أغلبية صامتة" تعارض حركة الاحتجاج.

وأعرب العديد من المشاركين عن غضبهم إزاء استبعاد حاكمة المدينة كاري لام وبكين تقديم تنازلات إضافية رغم هزيمة القوى المؤيدة للصين.

وأوضح متظاهر، قال إن اسم عائلته وونغ 50 عاما "بغض النظر عن الطريقة التي نعبر بها عن آرائنا من خلال المسيرات السلمية (أو) من خلال الانتخابات المتحضرة، فالحكومة لن تصغي" إلينا.

وأضاف أنّ الحكومة "تتبع أوامر الحزب الشيوعي الصيني فقط".

وقال المتظاهر سيريوس تام 21 عاما "ما أثير في المجتمع خلال الأشهر القليلة الماضية لن يتلاشى ببساطة إذا رفضت الحكومة حل مشكلة الظلم المنهجي".

ترخيص نادر

وتشهد المدينة التي تعد مركزا ماليا عالميا اضطرابات عنيفة متزايدة منذ 6 أشهر للمطالبة بمزيد من الحكم الذاتي، في أكبر تحدٍ من المستعمرة البريطانية السابقة لبكين منذ عودتها إليها في العام 1997.

وشارك الملايين في احتجاجات في الشوارع أشعلها الخوف المتنامي منذ سنين من أن النظام الصيني المتسلط يسعى إلى قمع الحريات في المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.

وشهد الأسبوعان الماضيان تراجعا في المواجهات بين الشرطة والمحتجين في الشوارع، بعد الانتخابات المحلية التي اكتسحها المعسكر المدافع عن الديمقراطية. 

وفي خطوة غير معتادة، سمحت الشرطة للجبهة المدنية لحقوق الإنسان بتنظيم مسيرة الأحد، وهي أول تظاهرة مرخصة للجبهة منذ آب/أغسطس الفائت. لكنّها حذّرت من أنها لن تتسامح مع أي أعمال عنف يرتكبها محتجون متشددون.

ويرفع المحتجون 5 مطالب، من بينها إجراء تحقيق مستقل في تعامل الشرطة مع التظاهرات، والعفو عن نحو 6 آلاف شخص موقوفين، وإجراء انتخابات حرة.

وقال جيمي شام العضو في الجبهة المدنية لحقوق الإنسان للصحفيين إنّ "هذه الفرصة الأخيرة من الناس لكاري لام".

لا توجد قيادة توجه احتجاجات هونغ كونغ على نطاق واسع، ويتم تنظيمها وحشدها عبر الإنترنت. 

وانطلقت الاحتجاجات رفضا لقانون يجيز تسليم مطلوبين لبكين، ورغم سحبه لاحقا، توسعت الحركة وتحولت إلى معارضة للحكم الصيني للمدينة. 

والجبهة المدنية لحقوق الإنسان المؤيدة للنهج الاحتجاجي غير العنيف، هي المظلة التي وقفت خلف مسيرات الصيف الفائت التي شهدت مشاركة حشود غفيرة باستمرار رغم الحر الشديد.

وحظرت السلطات بشكل متواصل المسيرات الكبيرة خلال الأشهر الأخيرة متذرعة بمخاطر وقوع أحداث عنف من قبل المحتجين المتشددين.

لكنّ حشودا كبيرة تجاهلت ببساطة هذا الحظر؛ مما أثار مواجهات شبه أسبوعية أطلقت الشرطة خلالها الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين يلقون عليها قنابل المولوتوف، مما شكل ضربة لصورة المدينة ودفع اقتصادها نحو الانكماش.

مصادرة أسلحة

لكن المخاوف من وقوع أحداث عنف لا تزال قوية.

وقبل ساعات قليلة من انطلاق المسيرات، عرضت الشرطة أسلحة، من بينها مسدسات وسكاكين، قالت، إنها عثرت عليها خلال حملة مداهمات شملت توقيف 11 شخصا.

وقال المفتش لي كواي-وا من مكتب الجريمة المنظمة في المدينة للصحفيين: "نعتقد أن الموقوفين خططوا لاستخدام الأسلحة لإثارة فوضى خلال المسيرة لاحقا اليوم، وطعن (رجال) الشرطة".

وتتم الاحتجاجات الاثنين شهرها السادس، وتخللها حتى الآن توقيف 6 آلاف شخص، وإصابة المئات من بينهم عناصر في الشرطة.

وتعهدت المنتديات الإلكترونية المستخدمة لتنظيم أنشطة الجناح الأكثر تطرفا في حركة الاحتجاج باستهداف حركة توجه الموظفين لأعمالهم صباح الاثنين إذا لم يكن هناك رد من لام.

لكن ليس هناك مؤشرات تذكر إلى أن لام تعتزم تليين موقفها.

فهي لا تزال متمسكة برفضها تقديم مزيد من التنازلات وهي تحظى بدعم بكين على الرغم من تراجع معدلات التأييد لها إلى مستويات متدنية قياسي.

كما تراجع التأييد لقوات الشرطة أيضا إلى أدنى مستوياته.

لكنّ الشرطة دافعت عن طريقة تعاملها مع الاحتجاجات قائلة، إنّ عناصرها يواجهون عنفا متزايدا من محتجين.

أ ف ب