خرجت بريطانيا ليل الجمعة من الاتّحاد الأوروبي، منهيةً بذلك 47 عامًا من الزواج الصاخب بين لندن وبروكسل، ومفتتحةً بعد 3 سنوات ونصف من المفاوضات الشاقّة، صفحةً جديدة من تاريخها.

وبعدما أرجئ 3 مرّات، دخل بريكست حيّز التنفيذ في الساعة 23,00 بتوقيتي لندن وغرينيتش والساعة صفر من فجر السبت بتوقيت بروكسل.

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أعلن في خطاب وجّهه إلى الأمّة قبل ساعة من خروج بلاده رسميًا من الاتّحاد الأوروبي، أنّ بريكست "ليس النهاية، بل بداية فصل جديد من مسيرتنا الوطنيّة الكبرى".  

وقال: "الأهمّ هذه الليلة هو أن نقول إنّها ليست النّهاية بل البداية، إنّها لحظة بزوغ الفجر، وبدء فصل جديد من مسيرتنا الوطنيّة الكبرى".

وأضاف جونسون، "أيّاً تكُن العقبات على الطريق، أنا أعلم أنّنا سننجح"، مشدّداً على أنّ بريكست سيُشكّل "نجاحاً باهراً"، في وقت تستعدّ فيه بلاده لبدء مفاوضات صعبة مع الاتّحاد الأوروبي بشأن علاقتهما التجاريّة المستقبليّة.

وتابع: "نريد أن تكون هذه بداية عهد جديد من التعاون الودّي بين الاتّحاد الأوروبي وبريطانيا المفعمة بالطاقة".

وحلّ يوم بريكست. فبعد 3 أعوام من الانقسامات، ستصير المملكة المتحدة بعد ساعات أول دولة تغادر الاتحاد الأوروبي، لتبدأ كتابة صفحة جديدة من تاريخها.

الولايات المتحدة

وعد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، فور خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بتعزيز العلاقات الثنائية بين واشنطن ولندن.

وقال بومبيو في تغريدة بعيد وقوع الطلاق رسمياً بين لندن وبروكسل "سنواصل تعزيز علاقاتنا القوية والمثمرة والمزدهرة أصلاً مع بريطانيا، في الوقت الذي تفتح فيه صفحة جديدة" من تاريخها.

إيرلندا الشمالية

رفعت إيرلندا الشمالية لافتة كتب عليها "هذه الجزئرة ترفض بريكست". وقال دكلان فيرون المسؤول في حركة "الشعوب الحدودية ضد بريكست" أمام البرلمان في بلفاست "نشعر بالحزن للخروج من الاتحاد وخسارة حقوقنا" بسبب حكومة "يمينية التوجه لا تكترث لما يحصل هنا".

إسكتلندا

قالت رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا ستورجن، إنّه "وقت حزين جدًا تُواكبه مشاعر غضب". وأكّدت تصميمها على المضيّ قدمًا في تنظيم استفتاء على الاستقلال، رغم رفض لندن.

وسيظلّ العلم الأوروبي يُرفرف على برلمان إسكتلندا.

بلجيكا

أُنزِل العلم البريطاني الذي كان يرفرف أمام المجلس الأوروبي في العاصمة بروكسل

ومن بروكسل إلى برلين، مرورًا بباريس، عبَّر القادة الأوروبيون عن أسفهم.

فرنسا

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّه "مؤشّر إنذار تاريخي يجب أن يدفعنا إلى التفكير".

ألمانيا

اعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنّ بريكست يمثّل "تغييراً جذرياً" للاتحاد الأوروبي، وفق ما نقل عنها المتحدث باسم الحكومة شتيفان سيبرت في مؤتمر صحفي.

وعبّر سيبرت أيضاً عن رغبة برلين في أن تبقى المملكة المتحدة "شريكا وثيقا وحليفا"، مضيفا "نأسف لـ(بريكست)، ونعتقد أن غالبية الشعب الألماني يشعر بالأسف أيضا، لكننا نحترم قرار الشعب البريطاني".

وعود ترامب

وسط أعلام المملكة المتّحدة وعلى وقع الأبواق، غادر نوّاب بريطانيّون عدّة مناهضون للمنظومة الأوروبية البرلمان الأوروبي في بروكسل صبيحة اليوم التاريخيّ لمستقبل المملكة المتّحدة والاتّحاد الأوروبي الذي خسر 66 مليون مواطن بريطاني، وثاني اقتصاد إقليمي. وهتفت النائب آن ويديكومب "وداعاً! لن نعود".

ورغم تاريخيّة هذا اليوم، إلا أنّه لن يَقود فورًا نحو تغييرات كبيرة ملموسة. فلكي يتمّ الانفصال بسلاسة، ستُواصل المملكة المتّحدة تطبيق النظم الأوروبية، من دون أن تشارك في قرارات الاتّحاد طيلة الفترة الانتقاليّة الممتدّة حتّى 31 كانون الأول/ديسمبر.

ولن تكون هذه النهاية سوى بداية فصل ثان من مسلسل بريكست الطويل، يتمثّل في المفاوضات المعقدة حول العلاقات التي ستربط لندن وبروكسل في مجالات التجارة والأمن، أو حتى الصيد.

وترغب لندن في الانتهاء من ذلك خلال وقت قياسي، قبل نهاية العام، وترفض أي تمديد للمرحلة الانتقالية إلى ما بعد 2020. وتعتبر بروكسل أنّ مهلة كهذه ضيقة جداً.

وتسعى الحكومة البريطانية لأن تكون 80% من مبادلاتها بموجب اتفاقات للتبادل الحر خلال السنوات الثلاث المقبلة. وستتمكن البلاد، السبت، من بدء مفاوضات مع دول أخرى كالولايات المتحدة بعد أن وعد الرئيس دونالد ترامب باتفاق "رائع".

وسبق لرئيس الوزراء البريطاني الذي سيقدّم رؤيته التفصيلية في بداية الأسبوع المقبل، أن أعلن بوضوح أنّه يرغب بالتوصل إلى اتفاق تبادل حر على غرار الذي تم التوصل إليه بين الاتحاد الأوروبي وكندا، لا يشترط أن يكون متوائماً مع قواعد الاتحاد الأوروبي إضافة إلى رفض الضوابط الجمركية، بحسب وسائل الإعلام.

في المقابل، ثمة من يخشى في بروكسل من الوصول إلى منافسة غير عادلة. وحذّر مسؤولو الاتحاد الأوروبي (رؤساء المجلس والمفوضية والبرلمان) في مقال نشر في الصحافة الأوروبية، من أنّه "في غياب شروط عادلة في مجالات البيئة والعمل والنظام الضريبي ومِنح الدولة، لا يمكن أن تكون ثمة فرص واسعة للوصول إلى السوق الموحدة".

وقالوا: "لا يمكننا الحفاظ على المكتسبات المنشودة من العضوية حين نفقد هذه الصفة".

ويُشكّل تحويل بريكست إلى واقع ملموس انتصارًا لجونسون الذي نجح حيث فشلت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي التي خاضت مفاوضات طويلة وصعبة مع الاتحاد الأوروبي ولم تتمكن من إقناع البرلمان بتمرير الاتفاق.

وبعدما أعاد التفاوض على النص في الخريف مع بروكسل، تمكن رئيس بلدية لندن السابق من تمريره في البرلمان في نهاية كانون الثاني/يناير بعد حصوله على غالبية برلمانية قوية، قبل أن يصادق عليه أيضا البرلمان الأوروبي في جلسة كانت مؤثرة جدا للنواب البريطانيين الأوروبيين عند رحيلهم.

وما أن تحقّق بريكست حتى بدأت حشود من البريطانيين احتفالات أمام البرلمان في ويستمنستر.

أ ف ب