أشغل الاعتداء على الموظف العام نسبة تجاوزت 11%، من بين أرقام الجرائم التي ارتكبت في الأردن خلال العامين الماضيين، وهو ما تظهره أرقام رسمية أفصحت عنها إدارة المعلومات الجنائية.
ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة حسين محادين أن ضرب أي شخص خاصة الموظف العام، يعبّر عن ثقافة "عنف جوانية"، فضلا تعبيره عن شعور المعتدي بأنه أقوى من قانون الدولة ومؤسساتها.
محادين يرجع "هذا السلوك للتنشئة التي تقوم على المغالبة وعدم احترام النظام العام".
العديد من المتابعين يدعون إلى توعية تنهض بها المؤسسات الإعلامية والتعليمية لتعزيز قيم التسامح والمحبة والصبر، واحترام الإنسان والنظام العام، بصفته أساسا للبناء الاجتماعي المتوازن.
وتوضح أرقام التقرير الإحصائي الجنائي الصادر عن إدارة المعلومات الجنائية للعام 2017، إلى أن عدد الجرائم التي تقع على الموظفين سواء بالمقاومة أو الاعتداء، بلغت 2525 جريمة من أصل 22550 جريمة مرتكبة في الأردن للعام ذاته ، مقارنة ب 2639 جريمة مقاومة واعتداء على الموظف للعام 2016 من أصل 22595 جريمة مرتكبة في الأردن للعام ذاته.
ووفق المادة 187 من قانون العقوبات الأردني مع تعديلاته لعام 2017، فإن من ضرب موظفا أو اعتدى عليه أثناء ممارسته وظيفته أو من أجل ما أجراه بحكم وظيفته، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر.
وإذا وقع الفعل على أحد من أفراد الأجهزة الأمنية المختلفة أثناء ممارسته وظيفته، أو من أجل ما أجراه بحكمها، كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة.
ويضيف محادين أن الأفراد ضمن الجموع، في مواكب الأعراس وغيرها، تضعف لديهم القدرة على التمييز بين السلوك المقبول والمرفوض اجتماعيا وقانونيا، وعليه تصبح الذات الناقدة المنخرطة في هذه الجموع هشة وغير قادرة على الاستقلالية أو القيام بسلوك متوازن؛ بسبب أن مكونات هذه الجموع تشكل هوية إقصائية أو تحطيمية (عدوانية) تجاه ما يقابلها من أفراد أو ضوابط، بحيث تشعر أن الاعتراض والتوقيف لاندفاعها إنما يهشم ويحطم هويتها الجمعية المتدحرجة العمياء.
وأكّد على دور المؤسسات المرجعية التنويري، كالمسجد، والكنيسة، والمؤسسات التعليمية، في التركيز على قيم التسامح والمحبة، واحترام الآخر، وتعميق الإحساس بأهمية احترام النظام العام كمرتكز أساسي في البناء الاجتماعي المتوازن والآمن.
ودعا إلى ضرورة تدريب الموظفين العامين على كيفية التصرف مع الجموع في مثل هذه المواقف، وكيفية الاستيعاب الرشيد لها، وتأجيل معالجة ارتكاب أي خطا أو انتهاك قانوني تقوم به إلى وقت لاحق، بهدف الخروج من ذروة اللحظة الانفعالية التي تمثل شرارة السلوك العنيف المخالف للقانون والأعراف والقيم.
من جهته، أوضح استشاري الاضطرابات النفسية وعلاج الإدمان عبدالله أبو عدس أن الاعتداء الجسدي أو اللفظي على الأفراد، هو خرق لخصوصية الغير، وهو ليس بالظاهرة الجديدة على الإطلاق، فهي موجودة بالمجتمعات البشرية منذ القدم، وتقل وترتفع وفقا لمتغيرات وعوامل مختلفة.
وقال إن الأردن لا يختلف عن بقية الدول العربية الأخرى في مسألة الاعتداء على الآخر، إذ أشار إلى إحدى الدراسات الأكاديمية السايكو اجتماعية للسمات الإنسانية التي أجريت مؤخرا، التي أظهرت أن الأردن من ضمن 17 دولة عربية، تتأثر فيها نسبة الاعتداء على الآخر(سواء جسديا أو لفظيا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي) بعوامل خارجية عدة قد تفضي إلى العنف كالعامل الاجتماعي (تفكك أسري، والابتعاد عن الموروث الاجتماعي الذي يدعو للحوار الهادئ والتسامح)، إضافة إلى الضغوطات الاقتصادية، فضلا عن أسباب جغرافية؛ فالمساحة الجغرافية المتاحة للفرد قليلة بسبب الزيادة في عدد السكان؛ مما يؤدي إلى التوتر الداخلي المفضي للعنف، متابعا أن المجتمع الرقمي وانفتاحه اللامحدود على العالم يفرض قيما وعادات هجينة، مما يولد العنف عن طريق التقليد إلى جانب الاضطرابات النفسية والإدمان.
وشدّد أبو عدس على أهمية دور وسائل الإعلام للتوعية بالمساحة النفسية لكل فرد، من حيث عدم الاعتداء على حرية الآخرين، فضلا عن أهمية الدور التقليدي للمؤسسات الدينية والتعليمية في التركيز على قيم التسامح وقبول الآخر التي هي من الثوابت التي تقوم عليها الدولة الأردنية، إضافة إلى التركيز والتدريب على كيفية التعامل مع الغضب وإدارته.
أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية بسام العموش، قال إن الاعتداء على الإنسان مطلقا، ممنوع شرعا وقانونا، والموظف العام داخل في هذا المنع لأنه إنسان، ويقوم بخدمتنا، وهو مسؤول عن تطبيق القانون.
أمّا مدير العلاقات العامة في المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء العميد المتقاعد بسام المهيرات، فقال إن رجال الأمن العام هم ركيزة أساسية في ضمان حماية وأمن المجتمع الأردني، والاعتداء عليهم هو اعتداء على الوطن وعلى كل مواطن أردني.
بترا