بعد التوقعات الكبيرة وشبه المؤكدة بدخول دول في ركود اقتصادي بفعل تأثير جائحة كورونا، التي أدت إلى أكبر إغلاق اقتصادي للعالم في التاريخ، تظهر 4 أشكال للتعافي بعد مرحلة الركود.

ويعرف الركود الاقتصادي بأنه "انكماش الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين على الأقل"، أما الكساد فهو "أشد من الركود حيث يستمر لسنوات بعد سلسلة متواصلة من الركود الاقتصادي".

وأول تلك النماذج للتعافي هو الشكل الذي يأخذ حرف (V) والذي يعني أن حدوث ارتفاع وتحسن سريع بعد بلوغ ذروة الركود الاقتصادي، والذي تعكسه المؤشرات الاقتصادية للدولة.

في أزمة كورونا تراهن الكثير من دول العالم بأنه في حال السيطرة على الجائحة وإعادة فتح الاقتصاد أو التوصل للقاح أو علاج فعال ضد الفيروس، فإن الارتداد سيكون سريعا بنفس الوتيرة التي تراجعت بها المؤشرات الاقتصادية نتيجة عمليات الإغلاق الاقتصادي التي أجرتها كل دولة.

وفي المقابل يوجد ترابطات وضبابية حول قدرة جميع دول العالم في النجاح بالسيطرة على الجائحة وإعادة فتح الاقتصاد، حيث إن الترابط والتكامل الاقتصادي العالمي قد يؤخر تحقيق نموذج التعافي على شكل حرف (V) على مستوى العالم ككل.

أما النموذج الثاني للتعافي فياخذ حرف (U)،  ويختلف عن نموذج حرف (V) من حيث الفترة الزمنية لتحسن الاقتصاد والخروج من الركود، حيث يأخذ وقتا أطول نسبيا للتعافي والارتداد، وهو ما يشير إلى أن التعافي يحدث بعد فترة المكوث في اتجاه أفقي واستقرار على مستوى للمؤشرات الاقتصادية المتراجعة عما كانت عليه قبل الأزمة، وذلك الاستقرار في المؤشرات الاقتصادية المتراجعة يفيد باحتمالية حدوث تعافٍ اقتصادي وبالطبع يعتمد على قدرة كل دولة على تحفيز الاقتصاد من جديد من خلال السياسة المالية والنقدية والاستثمارية لكل دولة.

وفي أزمة كورونا يميل كثير من المحللين إلى هذا النموذج من التعافي للاقتصاد العالمي ولكن تختلف نسبية حدوث ذلك لكل دولة وعلى درجة تعاملها واحتواءها وسيطرتها على الفيروس وفتح الاقتصاد وقوة أدواتها المالية والنقدية لتحفيز اقتصادها.

وأبرز مثال لهذا النموذج من أشكال التعافي شهده العالم كان منذ آواخر عام 2007، وانتهى في منتصف 2009، الذي ترافق مع الأزمة المالية العالمية.

أما النموذج الثالث للتعافي الاقتصادي يأخذ شكل حرف (W) حيث يتعافى الاقتصاد بشكل سريع من الركود ولكن لا يستمر طويلا وتنتكس المؤشرات الاقتصادية مرة أخرى وتدخل في حالة تراجع كبير من جديد، بفعل عوامل عديدة منها عدم نجاعة السياسات التي تبنتها الدولة لإنقاذ اقتصادها، ولكن بعد ذلك يحدث استجابة سريعة بالتحسن بعد الموجة الثانية من الهبوط حيث يرتد الاقتصاد مرة أخرى ومواصلة التحسن بشكل مستمر.

وفي أزمة كورونا ربما في حالة حدوث موجة ثانية من المرض على مستوى العالم بعد التحسن وفتح الاقتصاد ربما يتحقق هذا النموذج، ولكن حتى لو حدث ذلك ربما يكون العالم قد توصل للقاح ناجع أو دواء فعال ضد الفيروس المستجد، وبالتالي معاودة التعافي السريع للاقتصاد.

والنموذج الرابع والأخير للتعافي الاقتصادي فهو الذي يأخذ حرف  (L) ويعتبر السيناريو الأسوأ؛ أي بتراجع كبير في الاقتصاد وارتفاع كبير في معدلات البطالة وانهيار كبير في أسواق الأسهم ثم المكوث في فترة ضعف وتراجع اقتصادي كبير لفترة طولة تستمر لسنوات طويلة، وهذا النموذج قد تحقق في فترة الكساد الكبير عام 1929، والذي استمر لأكثر من عشر سنوات، والذي لم ينتهي فعليا بحسب مؤرخين  إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتحديدا عام 1946.

* محلل مالي

المملكة