سجلت في العالم حوالى 4.5 ملايين إصابة بفيروس كورونا المستجد في 196 بلدا ومنطقة، إلا أن قارة أنتاركتيكا هي الوحيدة التي لا تزال بمنأى عنه بفضل إجراءات المراقبة الصارمة ... وبعض الحظ.

وبعدما استحال المرض جائحة عالمية في 11 آذار/مارس ابتعدت هذه المنطقة المتجمدة النائية، بشكل أكبر عن العالم مع منع الرحلات السياحية وأي اتصال بين القواعد الدولية بينها، فضلا عن اعتماد إجراءات صارمة جدا.

ويروي الكابتن أليخندرو فالنسيولو قائد الفرقاطة والحاكم البحري للجزء التشيلي من هذه القارة في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة فرانس برس "نحن معزولون وهذا الوضع يضاف إلى العزلة الطبيعية التي نعرفها بالأساس".

وتتطلب الحياة في انتاركتيكا عادة تنسيقا وتعاونا كبيرين بين فرق حوالى 40 قاعدة دائمة وبعثة علمية في شبه الجزيرة وفي الجزر المحيطة.

ويقيم عشرة عناصر من البحرية التشيلية على قاعدة إيسكوديرو في خليج فيلديس على جزر شيتلاند الجنوبية التي تعتبر مدخلا للوصول إلى القارة المتجمدة.

وفي المنطقة أيضا قواعد لسلاح الجو التشيلي والمديرية العامة للطيران المدني. وعلى مسافة قريبة قواعد عدة لدول أخرى مثل روسيا وأوروغواي وكوريا الجنوبية والصين.

بعض الحظ

قبل الجائحة، كانت كل هذه القواعد في تفاعل مستمر من أجل تحميل المؤن وتنزيلها مثلا فضلا عن أمور مفرحة أكثر كالمسابقات الرياضية ومناسبات مثل أعياد الميلاد.

إلا أن الخوف من انتقال العدوى وضع حدا لأي تواصل جسدي لخفض الأخطار.

وحالف انتاركتيكا في مكافحتها الوباء أيضا بعض الحظ فالأزمة الصحية بدأت في وقت شارف فيه الموسم السياحي على نهايته وهو يستقطب سنويا نحو 50 ألف زائر.

فقد وصلت آخر سفينة سياحية إلى خليج فيلديس في الثالث من آذار/مارس في وقت أعلنت فيه تشيلي تسجيل أول إصابة على أراضيها.

واعتبارا من نيسان/أبريل تمنع الأحوال الجوية أي عملية وصول أو مغادرة من هذه القارة ما يغرق طواقم القواعد الدائمة عادة في عزلة إلزامية.

وزادت الجائحة من صرامة إجراءات التدقيق والمراقبة.

ويقول فالينسويلا "كل حمولة كانت تعقم قبل إدخالها وكان التواصل مع السفينة التي نقلت الحمولة يبقى في الحد الأدنى. ويبقى طاقم السفينة على متنها ولا نقيم أي تواصل مباشر معه".

طوال الشتاء

في قاعدة الرئيس إدواردو فري مونتالفا، عززت الإجراءات الصحية أيضا فيمكن لأربعة أشخاص فقط أن يكونوا موجودين في مقصف القاعدة بالتزامن في حين علقت النشاطات الرياضية.

ومنذ 20 آذار/مارس، باتت العمليات الجوية الوطنية والدولية في مدرج مارش محدودة جدا. ويقول قائد القاعدة أليخندرو سيلفا لوكالة فرانس برس "يسمح فقط استثنائيا بعمليات الدعم اللوجستي أو الإنساني".

أما قاعدة ارتيغاس التابعة لأوروغواي، فقد أجلت عشرة أفراد من طاقمها منذ بداية الأزمة تاركة تسعة فقط في المكان.

ويقول الأميرال مانويل بورغوس رئيس معهد انتاركتيكا التابع لأوروغواي أيضا "التبديل المقبل للطاقم يجب أن يحصل في النصف الأول من كانون الأول/ديسمبر ما يعني أن الأشخاص الذين بقوا هنا سيمضون كل موسم الشتاء (من حزيران/يونيو إلى أيلول/سبتمبر) في المكان".

لكن هل يجعل انقطاع التواصل مع القواعد الأخرى العزلة أصعب؟

يقول فالينسويلا الذي وصل في تشرين الثاني/نوفمبر لتمضية سنة كاملة "نحن ندرك ما نعيشه ونقبل به ولا نجعله يقضي على معنوياتنا".

وتبقى الأجواء جيدة بين الطاقم المعزول والمعنويات عالية "بحيث بتنا نحن نرسل رسائل دعم إلى عائلاتنا" في بقية أرجاء تشيلي.

أ ف ب