فُرض حظر تجول في مدن أميركية كبرى إثر وقوع صدامات على خلفية العنف الممارس من قِبل الشرطة، وسط تجاهل المتظاهرين تحذيرات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن حكومته ستضع حدا للاحتجاجات العنيفة.

وشهدت مدينة مينيابولس الأميركية، السبت، أعمال عنف لليلة الخامسة على التوالي، وقد أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق محتجين غاضبين على خلفية مقتل جورج فلويد، وهو أميركي أسود أعزل قضى الإثنين خلال توقيفه في المدينة.

ووقعت مواجهات في أكثر من عشرين مدينة بينها لوس أنجليس وشيكاغو وأتلانتا، ما دفع السلطات في هذه المدن إلى فرض حظر تجول ليليا، في حين استدعت ولايات عدة قوات الحرس الوطني للمساعدة في السيطرة على الاضطرابات الأهلية التي لم تشهد الولايات المتحدة مثيلا لها منذ سنوات عدة.

ومن سياتل إلى نيويورك تظاهر عشرات الآلاف للمطالبة بتوجيه تهمة القتل العمد وتوقيف آخرين في قضية فلويد، الذي قضى اختناقا بعدما ثبّته الشرطي الأبيض ديريك شوفين على الأرض بساقه.

في لوس أنجليس أطلق عناصر الأمن الأعيرة المطاطية واستُخدمت الهراوات لتفريق متظاهرين أحرقوا سيارة تابعة للشرطة.

وفي مدن عدة بينها نيويورك وشيكاغو وقعت مواجهات بين المحتجين والشرطة التي استخدمت رذاذ الفلفل ردا على رشقها بمقذوفات، في حين تم تكسير واجهات زجاجية لمحال في فيلادلفيا.

وأفادت وسائل إعلام أميركية بتوقيف أشخاص في مينيابوليس وسياتل ونيويورك.

وأعلنت شرطة مينيابلويس العثور، الأحد، على جثة قرب سيارة محترقة.

المتحدث باسم الشرطة جون إلدر، قال إنّه جرى فتح تحقيق لكشف الملابسات. ولم يتّضح ما إذا للأمر علاقة بالاحتجاجات.

واتّهم الرئيس الأميركي ترامب، اليسار المتطرّف بإثارة أعمال العنف التي شملت النهب وإشعال الحرائق.

وقال ترامب، الذي دان الموت "المفجع" لجورج فلويد، إن المتظاهرين يلحقون العار بذكرى الرجل. 

واعتبر أنه "يجب علينا ألا نسمح لمجموعة صغيرة من المجرمين والمخربين بتدمير مدننا". ونسب حالة الفلتان إلى "مجموعات من اليسار الراديكالي المتطرف" وخصوصا المعادين للفاشية.

ودان المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن، الأحد، العنف في الاحتجاجات، مشددا في الوقت نفسه على حق الأميركيين في التظاهر. وقال في بيان إنّ "الاحتجاج على هذه الوحشية حق وضرورة. إنه رد فعل أميركي خالص". 

وأضاف أن الأمر لا ينطبق على "إحراق مدن وتدمير مجاني"، مؤكدا أن "العنف الذي يعرض حياة الناس للخطر ليس كذلك. العنف الذي يطال الأعمال التي تخدم المجتمع ويغلقها ليس كذلك".

نشر الحرس الوطني

ونظّمت تظاهرات سلمية في مدينة تورونتو الكندية، بعدما اتّسعت رقة التنديد بالعنف الممارس من قبل الشرطة لتتخطى حدود الولايات المتحدة.

ورفع المتظاهرون الكنديون الذين وضع معظمهم كمامات بسبب فيروس كورونا المستجد، لافتات كتب عليها "حياة السود تهم" و"لم أعد قادرا على التنفس"، العبارة التي قالها جورج فلويد عندما كان الشرطي يثبته على الأرض.

وفي مينيسوتا، أعلن الحاكم تيم والتز حشد جنود الحرس الوطني في الولاية البالغ عددهم 13 ألفا في سابقة.

ليل السبت، أغلقت كافة الطرق السريعة المؤدية إلى مينيابوليس مع تحليق للمروحيات العسكرية في أجواء الولاية وسط تخوّف من استمرار أعمال الشغب والنهب وإشعال الحرائق.

ويقول كثر من أبناء الولاية إن غالبية أعمال العنف يرتكبها أشخاص أتوا من خارجها.

وفي النهار، حاول السكان إعطاء صورة أخرى للمدينة. وقالت كايلي جونسون 28 عاما، إن مينيابوليس "مريضة وتحترق"، وأضافت أن "كل ما أستطيع فعله هو التنظيف".

في مدينة هيوستن مسقط رأس فلويد وحيث سيدفن، قالت ربة العائلة شافون ايلين إنها "منهكة وحزينة" من رؤية "إخوتها وأخواتها يقتلون بالخطأ بيد شرطة هيوستن ولم يتم تحقيق العدالة يوما".

وأعلن رئيس بلدية هيوستن في مؤتمر صحافي، أن جثمان فلويد سيعاد إلى المدينة.

ونشرت 8 ولايات على الأقل، بينها تكساس وكولورادو وجورجيا، الحرس الوطني الذي تم نشره أيضا في محيط البيت الأبيض لاحتواء الاحتجاجات.

في واشنطن، وقعت مواجهات بين محتجين وعناصر أمن قرب البيت الأبيض لليلة الثانية على التوالي.

ويواجه ترامب أخطر موجة أعمال عنف أهلية في عهده الذي تطغى عليه أيضا جائحة كوفيد-19.

وسجّلت أعمال نهب في ميامي، حيث تم فرض حظر تجول، في حين وَصف رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلاسيو بـ"المثير للاستياء" تسجيل فيديو يظهر على ما يبدو سيارة تابعة لشرطة نيويورك تصدم محتجين في بروكلين، من دون أن يندد بسلوك عناصر الشرطة.

في لوس أنجليس،  مدد رئيس بلدية المدينة حظر التجول المفروض بعدما تزايدت أعمال النهب.

وأشعلت حرائق في جادة ميلروز، وفي فندق قرب ساحة لافاييت في واشنطن.

ومن المتوقّع أن تتواصل الاحتجاجات على الرغم من توقيف شوفين الذي طرد من شرطة مينيابوليس، وتوجيه تهمة القتل غير العمد إليه، الجمعة.

وتطالب عائلة فلويد ومتظاهرون بتوجيه تهم أشد وتوقيف 3 شرطيين آخرين في القضية

أ ف ب