قال رئيس الوزراء عمر الرزاز، الأحد، إن إيرادات الحكومة تقلصت خلال الأشهر الأربعة الأولى بواقع 550 مليون دينار، لافتا النظر إلى أن "أكبر أثر اقتصادي لجائحة كورونا في الأردن كان على سوق العمل".

وأضاف، في فيديو نشرته رئاسة الوزراء للتعليق على أبرز المستجدات والمواضيع المتداولة مؤخرا، أنه "في نفس الوقت الكيفية التي تعاملنا فيها مع الجانب الصحي، ولكن كيف تفاعلنا مع التداعيات الاقتصادية للجائحة. الاقتصاد العالمي تعرّض للانكماش، وهذا انعكس علينا في الأردن".

"الحكومة اتخذت أكثر من 400 قرار وإجراء بعد 5 أشهر من مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد" بحسب الرزاز.

وأوضح الرزاز أن "الأردن تجنّب منذ البدايات التعامل مع جائحة كورونا وفقاً لنهج مناعة القطيع التي تعني ترك المصابين دون تدخّل؛ وبالتالي تفشي المرض في المجتمع".

وبين أن "نهج مناعة القطيع يعني عمليّاً البقاء للأقوى وشريعة الغاب، وهذا لا ينسجم مع قيمنا الدينية ولا مع تاريخ الهاشميين والثقافة التي جسّدوها في الدولة الأردنية على مدى 100 عام، ولا مع عاداتنا وتقالدينا، وذهبنا فوراً لنموذج الأسرة الواحدة المكتافلة التي تركّز وتعنى بالعنصر الأضعف في الأسرة، وليس الأقوى".

وأضاف الرزاز أن "مؤشرات جائحة كورونا في الأردن إيجابية، لكن هذا لا يعني أن التحدي انتهى"، موضحا أن "القطاع الخاص المنظّم أيضاً تعرّض لهزّة؛ لأنّ الكثير من القطاعات توقّفت بشكل كامل لفترة طويلة نوعاً ما عن العمل".

وأوضح أنه "نتيجة للوضع المالي الذي كانت فيه الحكومة، وجدت من الضروري تأجيل الزيادة على رواتب موظفي القطاع العام إلى بداية السنة المقبلة، وقد لجأت الحكومة لهذا الخيار للتركيز على القطاعات الأضعف، وعملاً بروح التكافل مع بقية القطاعات المتضررة من الوباء، ونؤكد أن الزيادة ستعود لجميع الموظفين في بداية عام 2021".

وقال الرزاز، إن "الحكومة اتخذت إجراءات أخرى استهدفت الفئات العليا من موظفي القطاع العام عبر خفض العلاوات والميزات سواءً في الحكومة أو في الهيئات المستقلة أو الشركات المملوكة للحكومة، وذلك أيضا من منطلق التكافل و"الأقوى يشيل الأضعف بالمجتمع".

ولفت إلى أن "الوضع المالي في المملكة يتطلب من الجميع الالتزام بدفع الضرائب، و دفع الضريبة ليس منّة بل واجب لمن يحقق ربحاً في الاقتصاد الأردني على الأرض الأردنية، ويستخدم مهارات وموارد أردنية".

وبين الرزاز أن 40% من العاملين الأردنيين في القطاع العام من حكومة وقوات مسلحة وأجهزة أخرى ونحو 60% في القطاع الخاص، وفي القطاع الخاص فئتان من الـ 60% نصفهم في القطاع الخاص المنظّم (المشتركون في الضمان الاجتماعي)، والنصف الآخر في القطاع الخاص غير المنظّم وغير المحمي وليس لديه راتب تقاعدي، أو تعطّل عن العمل، أو أيّ منظومة حماية من الضمان الاجتماعي.

وأشار إلى أنه "من منطلق التركيز على الحلقة الأضعف جاءت توجيهات جلالة الملك، وجهودنا في الحكومة ومبادرات الأردنيين للتبرّع والمساعدة للفئات الأكثر عرضة لخطر الفقر، وربما الجوع لولا تدخّل جميع الجهات، وهذه كانت أولويتنا الأولى".

"غيّرنا معايير صندوق المعونة الوطنية، وفتحنا الضمان الاجتماعي للمنشآت الصغيرة للتسجيل والاستفادة من التعطّل عن العمل، وصندوق الزكاة كان يعمل بشكل مثالي" أضاف الرزاز.

وقال، إن "صندوق همة وطن أوجدناه حتى تكون هناك طريقة وآليّة واضحة لتبرّع الناس، وتذهب هذه التبرعات مباشرة لتداعيات الجائحة الصحيّة والاجتماعيّة هذا كلّه بجهد الجميع؛ القطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمع الأهلي وجميع المؤسسات وقد عملنا معاً حتى نحمي الفئة الأضعف".

وتابع الرزاز: "قمنا بحثّ أصحاب العمل على عدم تسريح العمالة بأيّ شكل من الأشكال، والمحافظة على العاملين لديهم، وهذا هو عنوان التكافل الحقيقي في القطاع الخاص، وساعدنا أصحاب العمل على خفض الكُلف وتأجيل الكثير من الدفعات والأقساط وغيرها من الكُلف، مع تأمين الكثير من التسهيلات".

ولفت إلى أن "دفع الضريبة هو واجب وحق للمجتمع الأردني؛ لأن هذه الضريبة هي التي تمول رواتب القطاع العام والخدمات التعليمية والصحية والصرف الصحي وغيرها من الأمور الأساسية التي ساعدتنا على اجتياز هذه الجائحة".

وأضاف الرزاز أن الحكومة مدركة ومتفهمة للقطاعات التي تضررت بسبب الجائحة وتدرس دعمها من خلال إجراءات خاصة مع الأخذ بالاعتبار القطاعات الأضعف التي تعرضت لهزة كبيرة كقطاعي السياحة والنقل، وبدأت الحكومة في توجيه حزم إصلاحية لهذين القطاعين، بغية أن يبقيا وينتقلا لمرحلة التعافي في المرحلة المقبلة.

وبين أن الأفق في المرحلة المقبلة يتجه نحو التعافي والتحسن والمَنَعة في اقتصادنا، و الأردن اليوم مشمول بالرحلات السياحية التي ترغب الدول المجاورة إرسالها عند فتح حركة الطيران.

"نسعى أن نفتح حركة الطيران مع الدول المشابهة لوضعنا الوبائي خصوصاً أننا حافظنا على مستوى مميز من عدد الإصابات لغاية الآن، ونؤكد على التمسك بثقافة ومنهج الأسرة الواحدة المتكافلة المتعاضدة بالتوازي مع الإنجاز الصحي" بحسب الرزاز.

وقال: جلالة الملك عبد الله الثاني يصر في توجيهاته للحكومة على مراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية والظروف المعيشية للمواطنين: "عندما يوجهنا جلالة الملك كان يشوف سيدة مسنة لم تستطع الوصول للمستشفى تعاني من السكري أو طفلة بحاجة لرعاية، وهذا التوجه ينطبق على مجتمعنا بكل أطيافه في ظل ما هو قادم من تحديات وفرص كبيرة للأردن".

وأضاف أن "الأردن يعد من أفضل الدول أداءً في القطاع الطبي، وهو قطاع واعد مستقبلاً، الإجراءات الحكومية مستمرة للاحتراز من الموجة الثانية المحتملة من انتشار فيروس كورونا، وذلك من خلال مواصلة استقبال العائدين من المواطنين والطلاب والذين تقطعت بهم السبل من الخارج، مع الحرص على تشديد الإجراءات المتعلقة بالحجر الصحي، بهدف وقاية أهلهم والحفاظ على صحة وسلامة المجتمع".

وبين أن هناك قطاعات واعدة، تأثرت بسبب جائحة كورونا، ستنطلق في القريب العاجل، كالسياحة وبعض من القطاعات الحيوية الأخرى، التي تعمل الحكومة على حزم متكاملة لدعمها، مع الاستمرار بحماية الحلقة الأضعف في الاقتصاد، وسوق العمل بشكل كامل.

المملكة