كان نجم الهجوم أحمد راضي الذي توفي الأحد، عن 56 عاما بسبب فيروس كورونا المستجد، علامة مضيئة في كرة القدم العراقية، وأحد أبرز النجوم في تاريخها.

برز راضي بشكل لافت في منتصف الثمانينيات، وكان أبرز لاعبي العصر الذهبي لكرة القدم العراقية، وشارك أساسيا في المباريات الثلاث التي خاضها منتخب "أسود الرافدين" في مونديال المكسيك عام 1986، ويكفيه فخرا أنه كان صاحب الهدف الوحيد لبلاده فيها.

هزّ شباك الحارس المميّز جان-ماري بفاف بتسديدة قوية في المباراة التي خسرها العراق أمام بلجيكا 1-2، بعد أن ألغى له الحكم هدفا برأسه في مباراة الباراغواي (صفر-1) أثار الاستهجان وغضب البعثة العراقية.

وكانت لأحمد راضي، المتوّج بلقب الدوري العراقي خمس مرات والكأس سبع مرات، علاقة عشق مع الصحافة المحلية التي أطلقت عليه لقب النورس الساحر.

استعاد راضي المولود عام 1964، في تصريح لوكالة فرانس برس بعضا من ذكريات المونديال، وتحديدا الهدف الذي سجله في مرمى بلجيكا حيث قال "من شدة التعب في تلك المباراة لم أشعر بنشوة الهدف؛ لأننا كنا نلعب في منطقة مرتفعة عن سطح الأرض ونسبة الأكسجين كانت قليلة جدا".

وأضاف صاحب الكرات الرأسية القاتلة "في خضم مباريات كأس العالم، كان تسجيل هدف يعد حلما كبيرا بالنسبة لي، ومع مضي الوقت أشعر بأنه إنجاز كبير، لكن الشيء الوحيد الذي نأسف عليه هو أن هذه المشاركة كانت الوحيدة لنا في كأس العالم".

وتابع اللاعب الذي شارك في أولمبياد 1984 و1988 "كانت المجموعة التي لعب فيها المنتخب العراقي قوية، فالمكسيك البلد المضيف، وبلجيكا احتلت المركز الثالث، والباراغواي لديها منتخب قوي جدا".

ومضى صاحب 62 هدفا في 121 مباراة دولية مع منتخب العراق قائلا "شكلت مع حسين سعيد ثنائيا رائعا، وكنا الأحسن آسيويا حتى عام 1988".

حسرة الاحتراف الخارجي

وبرزت مواهب أحمد راضي في سن مبكرة؛ فجمع صفات المهاجم العصري بعد تألقه مع الزوراء في الدوري المحلي، واتسعت رقعة التألق عربيا في كأس فلسطين للشباب في المغرب (1983)، ومع منتخب بلاده الأول في المغرب أيضا بعد عامين، ثم حجز بطاقته إلى النجومية العالمية في مونديال المكسيك.

ومن سوء طالع راضي أنه عندما وجد فرصة العمر التي لا تأتي إلا مرة واحدة، لم يستفد منها لأسباب عدة.

وتمثلت هذه الفرصة في تلقيه عرضا للاحتراف في الباراغواي مع نادي إنترناسيونال مقابل مليون ونصف المليون دولار عندما كان في قمة عطائه عام 1989، أي بعد عام من اختياره أفضل لاعب في آسيا، لكن القوانين في بلده لم تكن تسمح يومها باحتراف اللاعبين.

وبعد عام، وضع العراق في عزلة دولية؛ إثر غزوه للكويت، ولم يجد أحمد راضي متنفسا إلا في قطر حيث احترف وزميله ليث حسين مع الوكرة وامتدت الفترة 3 مواسم (93-96)، لكن هذه التجربة لم تغن مسيرته؛ لأن الاحتراف في قطر كان في بداياته وجمهور الملاعب قليل حسب رأيه.

وتلقى عرضا من أحد الأندية الكورية الجنوبية، لكن الصفقة لم تتم وفضّل العودة من جديد إلى الزوراء، ولعب معه موسمين قبل أن يعتزل محليا ودوليا بعد أن دافع عن ألوان بلاده أكثر من عقد ونصف.

أما أبرز الأندية المحلية التي لعب معها، فهي الزوراء (82-85، ثم 89-93 وأخيرا 97-99) والرشيد (85-89).

مع المنتخب الوطني، أحرز بطولة كأس الخليج في 1984 و1988 عندما نال جائزة أفضل لاعب في القارة الآسيوية.

رحلة إدارية-سياسية

واتجه راضي إلى التدريب حيث عمل مدربا لمنتخب الناشئين كما أشرف على تدريب فريق الشرطة، ولفترة بسيطة على فريق القوة الجوية، بالإضافة إلى نادي الزوراء.

اتجه بعدها إلى المسؤولية الإدارية حيث شغل منصب رئيس نادي الزوراء بين 2003 و2006.

غادر معقل فريقه مرغما بسبب التأثيرات والمتغيرات التي أخذت تجتاح العراق في تلك السنوات.

في عام 2008، دخل معترك السياسة بترشحه إلى مجلس النواب العراقي، وأصبح عضوا في لجنة الشباب والرياضة في البرلمان حتى عام 2009.

خاض راضي تجربتين لاحقتين للترشح إلى مجلس النواب، لكنه لم ينجح بالوصول مجددا إلى البرلمان.

ولراضي ثلاث بنات وشاب، وتستقر عائلته في عمّان التي عاد منها إلى العراق في آذار/مارس الماضي، بعد أن تم طرح اسمه مرشحا لحقيبة وزارة الشباب والرياضة، لكنه اضطر للبقاء في بغداد بعد إغلاق الحدود وتوقف رحلات الطيران.

أ ف ب