أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس إنه سيقترح على القادة اللبنانيين "ميثاقاً جديداً"، وذلك خلال تجوله في حي الجميزة، المتضرر جراء انفجار مرفأ بيروت، حيث استقبله لبنانيون بهتافات تندد بالطبقة السياسية، مرددين "ساعدونا".

وقال ماكرون "أنا هنا لإطلاق مبادرة سياسية جديدة، هذا ما سأعبّر عنه بعد الظهر للمسؤولين والقوى السياسية اللبنانية"، مشيراً إلى ضرورة بدء "الإصلاحات ... ووقف الانقسام ومحاربة الفساد".

واستقبلت مجموعة من اللبنانيين كانوا يتفقدون منازلهم المتضررة أو يساعدون على إزالة الركام في الشارع، ماكرون بهتافات "ثورة، ثورة، ساعدونا".

وتحدث ماكرون مع امرأة أمسكت يديه شاكية الوضع، وتوقف أثناء جولته مرات عدة ليتحدث مع العشرات ممن تجمعوا حوله.

وقال "أتيت إلى هنا بداية لأقول إنها مساعدة من دون شروط للشعب برعاية الأمم المتحدة لتصل مباشرة إلى الشعب وإلى المنظمات غير الحكومية".

وقال متوجهاً إلى الناس الغاضبين من حوله "سأتحدث معهم (القادة اللبنانيين)، أنا مجبر على الجلوس معهم، سأقول لهم الحقيقة، وسأسائلهم عما فعلوه".

وماكرون هو أول رئيس دولة يزور لبنان بعد الانفجار الضخم الثلاثاء الذي دمر مرفأ بيروت وطالت أضراره الكبيرة أحياء في بيروت، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 137 شخصاً وإصابة خمسة آلاف آخرين بجروح.

وبعد انتهاء جولته الميدانية التي بدأها بزيارة موقع الانفجار في مرفأ بيروت، وصل ماكرون إلى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

ووقع الانفجار، وفق السلطات، في مستودع خزن فيه منذ سنوات 2750 طناً من نيترات الأمونيوم.

وفور وصوله، أعلن ماكرون أنه يريد "تنظيم مساعدة دولية" بعد الانفجار.

ومنذ وقوع الانفجار، يتداول لبنانيون على منصات التواصل الاجتماعي وسم "علقوا_المشانق"، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين وبرحيل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والإهمال والهدر منذ عقود، ويحملونها أساساً مسؤولية الانهيار الاقتصادي في البلاد.

وحذّر ماكرون فور وصوله الخميس أن لبنان سيواصل "الغرق" في حال لم تُنفذ إصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطاً لحصول لبنان على دعم يخرجه من دوامة الانهيار اقتصادي.

ماكرون عقد ثلاث اجتماعات مع كل من عون ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت. وهو يلتقي حاليا ممثلين عن الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. وسيعقد مؤتمراً صحافياً قبل مغادرته.

وعبّر لدى خروجه من قصر بعبدا عن أمله في "أن تجرى التحقيقات في أسرع وقت في إطار مستقل تماما وشفاف ليكون في الإمكان معرفة ما حصل وأسباب الانفجار".

وقال إنه أحسّ "بوجود غضب في الشارع"، مشيرا الى أنه تحدث مع عون وبري ودياب بموضوع "الأزمة السياسية والأخلاقية والاقتصادية والمالية المتواصلة منذ سنوات بكثير من الصراحة".

غير مسبوق

وكان ماكرون تفقد موقع الانفجار حيث قال له ضابط من فريق الإنقاذ الفرنسي الذي يساعد الفرق اللبنانية على البحث عن ناجين، إنه لا يزال هناك أمل بالعثور على ناجين.

وقال الكولونيل فنسنان تيسييه "نعتقد أنه لا يزال هناك أمل بالعثور على ناجين"، مشيراً إلى أن البحث مستمر "عن سبعة أو ثمانية أفراد مفقودين يفترض أن يكونوا عالقين" في قاعة تهدمت جراء الانفجار.

وأجريت الخميس مراسم دفت لعدد من ضحايا الانفجار.

في الوقت ذاته، يواصل سكان بيروت وعدد كبير من الشبان والشابات المتطوعين تنظيف شوارع العاصمة في ظل غياب تام لأجهزة الدولة.

وهم يجمعون قطع الزجاج المتناثر في كل مكان، ويقومون بإصلاحات لتعود بعض الشقق قابلة للسكن. وينشط كثيرون لتقديم مساعدات غذائية وأساسية.

في شارع مار مخايل في بيروت، قال خليل (78 عاما) الذي يقطن المنطقة منذ خمسين سنة الأربعاء، "ما حصل أمس لم يمرّ علينا مثله يوماً ، ولا حتى في الأحلام كنا نتخيل شيئاً مماثلاً".

وكان محافظ بيروت مروان عبّود قال الأربعاء لوكالة فرانس برس إنّ هناك "بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، لأنّ منازلهم أصبحت غير صالحة للسّكن"، مشيرا إلى أنّ "نحو نصف بيروت تضرّر أو تدمّر".

ويُعتبر هذا الانفجار الأضخم في تاريخ لبنان الذي شهد عقودا من الاضطرابات والحروب والتفجيرات والأزمات.

وقال وزير الخارجية اللبناني شربل وهبه الخميس في مقابلة مع إذاعة "اوروبا 1" إنه تمّ إنشاء لجنة تحقيق "عليها أن تقدم تقريرا خلال أربعة أيام حول المسؤوليات"، مضيفا "ستكون هناك قرارات قضائية".

أ ف ب + المملكة