قبِل الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، استقالة حكومة حسان دياب وطلب منها الاستمرار بتصريف الأعمال ريثما تشكل الحكومة الجديدة، بحسب ما أعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية.

دياب، أعلن الاثنين، استقالة حكومته، قائلا إن "منظومة الفساد في لبنان أكبر من الدولة ذاتها"، بعد 6 أيام من انفجار هائل دمر مناطق واسعة من بيروت وأودى بحياة العشرات.

وأضاف، خلال كلمة وجهها  إلى اللبنانيين من السرايا الحكومية، أن "منظومة الفساد أكبر من الدولة ونحن لا نستطيع التخلص منها، وأحد نماذج الفساد انفجار بيروت".

وبعد مرور ستة أيام على الانفجار الضخم الذي تسبب بمقتل 160 شخصاً وإصابة أكثر من ستة آلاف بجروح، مع استمرار فقدان قرابة عشرين شخصاً، لم يصدر التقرير الذي وعدت به السلطات حول ما حصل.

وبحسب السلطات، نتج الانفجار عن حريق لم يجزم بأسبابه بعد، في عنبر يحوي 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم لم يعرف سبب الاحتفاظ بها منذ أكثر من ست سنوات بعد مصادرتها من على باخرة غرقت في ما بعد.

وقال دياب: "لا نزال نعيش هول المأساة التي ضربت لبنان وأصابت اللبنانيين في الصميم والتي حصلت نتيجة فساد مزمن في الإدارة. حجم المأساة أكبر من أن يوصف، ولكن البعض يعيش في زمن آخر والبعض لا يهمه سوى تسجيل النقاط الشعبوية الانتخابية".

وأضاف: "هؤلاء لم يقرأوا جيدا ثورة 17 تشرين، وتلك الثورة كانت ضدهم واستمروا في حساباتهم وظنوا انهم يستطيعون تمييع مطالب اللبنانيين بالتغيير".

وتابع: "كل ما يهمنا إنقاذ البلد، وتحملنا الكثير من الأمور وكنا نريد العمل ولم تتوقف الأبواق عن محاولة تزوير الحقائق لحمايتها، نطلب اللبنانيين بالتغير ولكن بيننا وبين التغيير جدار سميك جدا تحميه طبقة تقاوم بكل الأساليب الوسخة من أجل الحفاظ والتحكم بالدولة، وقاتلنا بشراسة وشرف ولكن هذه المعركة لا يوجد فيها تكافؤ واستعملوا كل الاسلحة وكذبوا على الناس وشوهوا الحاقائق وكانو يعلمون ان الحكومة تشكل تهديد لهم".

وقال: "اليوم وصلنا إلى هنا إلى هذا الزلزال الذي ضرب البلد مع كل تداعياته الإنسانية والاجتماعية والوطنية، وهمنا الأول التعامل مع هذه التداعيات اجراء تحقيق فعال، نحن اليوم نحتكم إلى الناس إلى مطلبهم محاسبة المسؤولين على هذه الكارثة".

وتابع دياب: "حاولوا تحميل الحكومة مسؤولية الانهيار والدين العام، وهذه الحكومة بذلت جهدا لوضع خريطة طريق"، ولفت إلى أن "هناك من يزور الحقائق ويعيش على الفتن ويتاجر بدماء الناس في ساعات التخلي".

"استقالة النواب غير واردة"

نائب رئيس البرلمان اللبناني إيلي الفرزلي، قال لـ "المملكة" إن "استقالة مجلس النواب اللبناني غير واردة".

وأضاف أن "أي تفكير بضرب الاستقرار النيابي في لبنان هو تفكير بضرب الاستقرار الأهلي فيه".

وزيرة الشباب والرياضة اللبنانية فارتينيه اوهانيان، قالت لـ "المملكة" في وقت سابق، إن "رئيس الوزراء يتجه إلى إعلان استقالته، وكان هناك إجماع من الوزراء ومطالبات بتقديم الاستقالة بشكل جماعي وليس فرديا وعليه وافق رئيس الوزراء".

وقال وزير الصحة اللبناني حمد حسن لرويترز الاثنين إن "رئيس الحكومة سيعلن في وقت لاحق اليوم استقالة الحكومة بعد الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت الأسبوع الماضي ودمر أحياء فيها".

ونقل المكتب الإعلامي بيانا لنائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع زينة عكر قولها إن "الاستقالة لقناعات مبدئية تحترم، أما الاستقالة خوفا أو إستعطاء لشارع بل شوارع وقوى بحثا عن مستقبل الأنا فهي لا تعكس مسؤولية بالنسبة لي".

وأضاف البيان: "إن وقوع هذه الكارثة يقتضي إستقالة حكومة لا وزراء أفراد، فالحكم مسؤولية، والثورة مسؤولية، والمواطنة مسؤولية، والقضاء مسؤولية، والإعلام مسؤولية، والإستقالة مسؤولية، أين نحن من كل هذا؟".

وسبق إعلان دياب استقالة أربع وزراء من الحكومة.

- غليان في الشارع -

وستكون الحكومة مسؤولة عن تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، وهو أمر قد يستغرق وقتاً طويلاً في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية والغضب الشعبي السائد.

ويستمر الغليان في الشارع. ورفعت التظاهرات شعارات "علّقوا المشانق" و"يوم الحساب".

وتجددت المواجهات عصر الإثنين بين محتجين غاضبين نزلوا الى وسط العاصمة مجددا وألقوا الحجارة والمفرقعات على القوى الأمنية التي استخدمت القنابل المسيلة للدموع.

ولا يظهر في الأفق أي حل للوضع الحالي المهترىء. إذ لن يكون من السهل تشكيل حكومة جديدة. كما أن إجراء انتخابات نيابية مبكرة في ظل قانون فُصّل على قياس القوى السياسية الممثلة في البرلمان حالياً، قد يعود بالقوى السياسية ذاتها الى البرلمان، ناهيك عن صعوبة تنظيمها في ظل الفوضى السائدة.

ويواصل الجيش اللبناني عملية البحث عن المفقودين تحت ركام المرفأ الذي تهدمت كل منشآته باستثناء جزء من أهراءات القمح السميكة، لا يزال منتصبا.

وتبدو السلطات شبه غائبة عن الأرض على الرغم من الدمار الهائل بينما ينشط متطوعون في كل شارع وزقاق لرفع الركام وشظايا الزجاج المبعثرة في كل ناحية وصوب. ويشكو مواطنون متضررون ان أحدا لم يتصل منهم من جانب السلطات، أو عرض عليهم أي مساعدة. 

وقدّرت الأمم المتحدة بنحو 117 مليون دولار قيمة المساعدات التي يحتاجها لبنان في الأشهر الثلاثة المقبلة لتلبية الاحتياجات الطبية ومتطلبات الإيواء وتوزيع المواد الغذائية وتنفيذ برامج لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد وغيرها.

وتعهّد المجتمع الدولي الأحد بتقديم مساعدة عاجلة بقيمة أكثر من 250 مليون دولار، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية، على أن تسلّم إلى الشعب اللبناني والجمعيات غير الحكومية مباشرة، في مؤشر إضافي على انعدام الثقة الخارجية بالدولة اللبنانية ومؤسساتها.

المملكة + أ ف ب