من تأخر وصول الرسائل إلى إزالة علب البريد من الشوارع، يتهم معارضو دونالد ترامب الرئيس بالسعي إلى تدمير خدمة البريد الأميركية العامة ليجعل مستحيلا التصويت بالمراسلة، إذ قد يساهم هذا التصويت بترجيح كفة خصمه الديمقراطي جو بايدن.

وتتركز حملة الانتخابات الرئاسية منذ أيام على "الخدمة البريدية للولايات المتحدة" (يو اس بي اس) والإصلاحات التي يقوم بها مدير الهيئة الجديد لويس ديجوي وسط ضجة إعلامية كبيرة.

وتواجه الإصلاحات التي بدأها لتستأنف الخدمة تحقيق أرباح، انتقادات حادة ويشتبه بأنها تهدف في الواقع إلى منع التصويت بالمراسلة للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر.

واعتبر ترامب السبت أن التصويت عبر البريد سيكون "كارثيا"، وهو ما عارضه خبراء في الانتخابات وعدد من المسؤولين الديمقراطيين الرفيعي المستوى.

وهذا ما دفع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر وغيرهم الأحد الى دعوة ديجوي الى جلسة استماع أمام لجنة الرقابة في مجلس النواب في 24 آب/أغسطس.

وقالا في بيان إن ديجوي "من كبار المتبرعين لحملة ترامب، وقد تصرف كشريك في حملة الرئيس لتزوير الانتخابات، مطلقا تغييرات جديدة شاملة تخفض من معايير تسليم" البريد.

ويتوقع الديمقراطيون استخدام القضية لتعبئة الناخبين مع افتتاح المؤتمر الوطني للحزب الاثنين مع نائب الرئيس السابق جو بايدن الذي من المقرر أن يقبل ترشيح الحزب الخميس. ويلي ذلك مؤتمر الجمهوريين بعد أسبوع.

والأحد قال كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز إن بإمكان الديمقراطيين الحصول على المزيد من التمويل لخدمة البريد إذا كانوا مستعدين لإبرام اتفاق بشأن حزمة التحفيز الاقتصادي.

ووسط الغضب المتصاعد بشأن قضية البريد، تجمع متظاهرون السبت أمام منزل ديجوي في واشنطن وقرعوا على الاواني المنزلية.

"تعكس صورة ترامب"

ما أثار التساؤلات خصوصا هو تأخر البريد الذي يشكو منه الأميركيون.

بعد ذلك سحبت من مراكز فرز الأصوات أجهزة اعتبرت قديمة. وشهدت بعض المدن سحب صناديق بريد في إطار إجراءات لتوفير الأموال.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن خدمة البريد أبلغت خصوصا الولايات بأنها لن تتمكن من أن توصل في الوقت المناسب، ملايين بطاقات الاقتراع لاحتسابها قبل الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر.

ويريد الديمقراطيون تمويل هذه الخدمة العامة التي يبلغ عمرها مئتي عام التي تجوب شاحناتها الصغيرة البيضاء والزرقاء شوارع الولايات المتحدة.

وقالت الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي في رسالة إلى زملائها السبت إن الأمر يتعلق "بتمويل (...) انتخابات سليمة وعادلة في بلدنا".

لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لدونالد ترامب. فقد أوضح الخميس في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" المحافظة أنه لا يريد تمويل خدمة البريد "حتى لا تكون مجهزة (...) لتصويت معمم بالمراسلة" لا يرغب فيه.

ورأى منافسه الديمقراطي جو بايدن أن القضية "تعكس صورة ترامب. إنه لا يريد انتخابات".

وعلق على المسألة أيضا الرئيس السابق باراك أوباما الذي قال "لم نر من قبل رئيسا يقول ‘سأقوم بتركيع خدمة البريد (...) وسأقول لماذا بوضوح‘".

" ما يريده الشعب"

يرى مراقبون أن ترامب يعارض التصويت بالمراسلة ليعد الناس لإمكانية الاعتراض على النتائج في حال هزم في الاقتراع.

ورأى مارك ديموندستين رئيس نقابة عمال البريد "الاتحاد الأميركي لعمال البريد" أن ترامب "يريد على الأقل إثارة تساؤلات كافية ليفقد الناس ثقتهم".

ويدرك ترامب أيضا أن التصويت بالمراسلة يمكن أن يشجع على الاقتراع الأميركيين الأفارقة والمتحدرين من أميركا اللاتينية الذين يبدون أكثر ميلا إلى الامتناع عن المشاركة، بسبب أوضاعهم الهشة في معظم الأحيان.

كما أنه يدرك أن الناخبين الديمقراطيين يميلون إلى التصويت بالمراسلة أكثر من مؤيديه.

وقالت ناطقة باسم خدمة البريد "نحن لا نتباطأ في توزيع البريد الانتخابي ولا أي بريد آخر"، مشيرة إلى مشاكل مالية في المؤسسة.

وتعاني خدمة البريد منذ 2008 من عجز ومن صعوبات مع ازدهار الانترنت وتراجع حجم المراسلات. ويتحدث الجمهوريون منذ فترة طويلة عن خصخصتها.

وألمح ترامب الجمعة للمرة الأولى إلى أنه قد يقدم أموالا. وقال في مؤتمر صحافي "ليس هذا ما أريده أنا بل ما يريده الشعب الأميركي".

أ ف ب