مر أكثر من 15 عاما على مقتل رفيق الحريري في انفجار ضخم في بيروت، ومن المقرر أن تصدر محكمة مدعومة من الأمم المتحدة حكمها في القضية الثلاثاء، لكن البلد يعاني من آثار انفجار أكبر.

وخيم انفجار مرفأ بيروت يوم الرابع من أغسطس/آب، وأودى بحياة 178 قتيلا على الأقل على الحكم الذي طال انتظاره. فهو أكبر انفجار في تاريخ لبنان، وأشد قوة من القنبلة التي قتلت الحريري، و21 آخرين على كورنيش بيروت عام 2005.

وارتبط رفيق الحريري، الملياردير السني الذي اُعتبر تهديدا لإيران، والنفوذ السوري في لبنان، بروابط وثيقة بالولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والعرب في الخليج العربي المعارضين لمساعي إيران التوسعية في لبنان والمنطقة.

وتجري محاكمة أربعة من أعضاء جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية المدعومة من إيران غيابيا في اغتيال الحريري المدعوم من السعودية.

وينفي حزب الله أي دور له في القتل الذي هيأ الساحة لسنوات من المواجهات وصلت إلى حد نشوب معارك في عام 2008.

ويأتي الحكم في وقت تظهر فيه انقسامات جديدة بشأن مطالب بإجراء تحقيق دولي ومساءلة سياسية في انفجار المرفأ الناتج عن تخزين كمية ضخمة من الكيميائيات بطريقة غير آمنة.

وقد يعقد الحكم الموقف المضطرب بالفعل بعد انفجار المرفأ واستقالة الحكومة التي يدعمها حزب الله وحلفاؤه.

وقالت ابتسام سلام وهي في الستينات من عمرها، وتقيم في حي طريق الجديدة معقل تيار المستقبل الذي كان يتزعمه الحريري، ويقوده حاليا ابنه سعد الحريري "فزعانين، البلد منه مرتاح".

وتعتزم ابتسام مشاهدة النطق بالحكم على التلفزيون وتقول: "إن شاء الله بتطلع الحقيقة".

والمحكمة المدعومة من الأمم المتحدة هي الأولى من نوعها بالنسبة للبنان، وتمثل بالنسبة لمؤيديها الأمل في ظهور الحقيقة، ولو لمرة واحدة، في العديد من الاغتيالات التي شهدها لبنان.

وترفض جماعة حزب الله المحكمة باعتبارها أداة في أيادي خصومها.

وقال أمين عام الجماعة حسن نصر الله يوم الجمعة، إن حزب الله ليس معنيا بالحكم وأكد براءة أعضائه.

ويقول أنصار الحريري، وفي مقدمتهم سعد الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء، إنهم لا يسعون للانتقام أو المواجهة، لكنه يتعين احترام الحكم.

وقال باسم الشاب المستشار الدبلوماسي لسعد الحريري لرويترز "كثيرون ينتظرون هذا القرار لإغلاق القضية. هذه المحكمة لم تكلف المال فقط بل الدماء أيضا".

وأضاف أن الحكم سيكون له تداعيات: "أنا لا أتوقع اضطرابات في الشوارع. أعتقد رئيس الوزراء الحريري حكيم بما يكفي لضمان ألا يتحول الأمر إلى مسألة طائفية".

"اغتالوا مدينة"

لكن مهند الحاج علي من مركز كارنيغي للشرق الأوسط قال، إن احتمال تصاعد التوتر وارد.

وأضاف "يبدو أن تيار المستقبل وحزب الله في حالة تأهب، ويحاولان تجنب أي تداعيات لكن لاعبين آخرين قد يتدخلون ويظهرون رد فعل في ظل التوتر القائم".

وأثار انفجار الرابع من أغسطس/آب موجة غضب من النخبة السياسية الحاكمة التي تواجه انتقادات بالفعل بسبب الانهيار المالي الذي أغرق العملة المحلية وبدد قيم المدخرات.

ويشكك العديد من اللبنانيين في قدرة السلطات على إجراء تحقيق ملائم عن الانفجار.

ويريد البعض تدخلا أجنبيا لكن آخرين، وبخاصة حزب الله، لا يريدون ذلك.

وقالت مصادر لبنانية، إن مسؤولين من مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي وصلوا في مطلع الأسبوع للمساعدة بناء على طلب من السلطات لكنهم لم يزوروا المرفأ بعد.

ويعارض حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية، تدخل مكتب التحقيقات الاتحادي، وأي تحقيق دولي قائلا، إن هدفه سيكون التغطية على أي تورط محتمل لإسرائيل.

وتنفي إسرائيل أي دور لها في الانفجار.

وقال الرئيس اللبناني ميشال عون، إن التحقيق سيبحث فيما إذا كان الانفجار ناتجا عن إهمال أو حادثا أو "تدخلا خارجيا".

ويخشى العديد من اللبنانيين من احتمال إفلات النخبة من أي مساءلة.

وشكك زياد البالغ من العمر 55 عاما في أهمية الحكم بالنظر إلى انفجار المرفأ، وقال: "اغتالوا عاصمة، اغتالوا مدينة".

رويترز