عبر أهالي طلبة عن قلقهم على مستقبل تعليم أبنائهم خاصة طلاب المرحلة الأساسية في حال تم تفعيل التعليم عن بُعد، رغم خوفهم الشديد على صحة أطفالهم في ظل تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد. 

ماجدة، أم لطالب سيلتحق بالصف "التمهيدي"، تتساءل عن كيفية تعليمها طفلها القراءة والكتابة، وهي لا تتقن فن التعليم الأساسي.  

في حين تقول زهراء، إنها "قلقة جدا على صحة أطفالها؛ بسبب ذهابهم للمدرسة وتعليمهم بشكل مباشر"، لكنها محتارة في كيفية تعليمهم إذا تم تفعيل التعليم عبر المنصات.  

أما فراس فقال، إنه سيتوجه لإحضار مدرس خصوصي لأطفاله في حال التعليم عن بُعد؛ لأنه لم يستطع التعامل معهم بشكل مناسب في التجربة السابقة.  

وأكدت مدارس خاصة جاهزيتها الكاملة في حال تم تفعيل التعليم عن بُعد، إضافة إلى استحداثها منصات متطورة خاصة بالتعليم، لتشمل تعليم القراءة والكتابة لطلاب الروضة والمرحلة الأساسية خطوة بخطوة. 

وشددت على دور الأهالي في المتابعة في مرحلة التعليم المباشر، مطمئنة إياهم حيال جودة التعليم التي سيتلقاها الطالب، وإتاحة أوراق عمل واختبارات مثل التعليم المباشر. 

نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني، قال، إن "المنصات الخاصة بالتدريس عن بُعد تطورت عما سبق، وكلفت مبالغ كبيرة"، مشيرا إلى أن "تعليم الطلاب في المرحلة الأساسية يجب أن يكون في الغرف الصفية حتى يستفيد فعليا من عملية القراءة والكتابة والمهارات الأساسية". 

وأوضح أن كثيرا من الأهالي لا يملكون مهارات التعليم أو مؤهلاته لتعليم أبنائهم في المنزل، مضيفا أن التعليم عن بُعد سيضر المدارس الخاصة كثيرا في المرحلة المقبلة، إذا تم اعتماده كنظام تعليمي رئيسي. 

الناطق باسم وزارة التربية والتعليم عبد الغفور القرعان، أكد التزام الوزارة بالتعليم المباشر، وابتداء العام الدراسي بشكل طبيعي مع مراعاة إجراءات السلامة العامة، وإقرار التعليمات المناسبة في المدارس التي تشهد اكتظاظا، لافتا النظر إلى التحاق نحو مليون ونصف المليون من الطلبة في المدارس في العام الجديد. 

وأكد القرعان جاهزية الوزارة في حال تفعيل التعليم عن بُعد في حال زيادة سوء الوضع الوبائي، بتطوير منصات تعليمية للصفوف الدراسية كافة، بشكل مختلف عما تم تقديمه في التجربة السابقة، موضحا أنه تم حوسبة جميع المناهج الدراسية، وتم شرح الدروس على يد معلمين أكفياء وعلى درجة عالية من الوضوح، وطورت المنصات لتستوعب أكبر عدد من الطلبة دون تأثرها بهذا الضغط. 

وأشار إلى أن هذا دور وزارة التربية والتعليم من ناحية توفير المادة العلمية ووسائل تحصيلها، لكن ذلك لا يلغي دور أولياء الأمور في إنجاح العملية التعليمية. 

ونبه القرعان إلى توفير الوزارة عبر الصفحة الرسمية لها والمنصات، إرشادات ومواد خاصة لأولياء الأمور عن كيفية التعامل مع أبنائهم الطلبة وكيفية تشجيعهم على تلقي المادة العلمية في حال التعليم عن بُعد، إضافة إلى فتح المنصة بكل الأوقات لمراعاة ظروف الأهالي وأوقات دوامهم في وظائفهم.  

الخبير التربوي ذوقان عبيدات، قال، إن الأطفال في المرحلة الدراسية الأساسية ليسوا في حاجة فعليا للذهاب يوميا إلى المدرسة، بل في حاجة تعليمهم كيفية تعلم العلوم، وليس تعلم العلوم نفسها، وهذا يتم من خلال التركيز على القراءة والكتابة، وفهم المعاني. 

وأضاف أن النظام التعليمي في هذه المرحلة مجبر على التطور في ظل أزمة فيروس كورونا، فالأطفال ليسوا في حاجة تعلم التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، لكن من خلال التركيز على اللغة بالقراءة والكتابة نستطيع تعليمهم نصوصا من كل العلوم، وهنا لا يكون الأطفال في حاجة للذهاب للمدرسة إلا يومين أو ثلاثة في الأسبوع مع تنمية مهاراتهم الأساسية. 

"في حاجة لنظام تربوي متطور يدرس قدرات الطلبة ونمطهم التعليمي، وتقديم مادة علمية تناسب مستواهم بمواد قصيرة"، بحسب عبيدات، الذي أكد أهمية تعليمهم المبادئ والقيم الكبرى التي تجعلهم يحبون المادة العلمية، ويبحثون عنها خارج المدرسة.  

وحول التعليم عن بُعد لكل المراحل العمرية، لفت عبيدات النظر إلى أن هذا النظام التعليمي هو لغة المستقبل سواء كانت تجربتنا الأولى جيدة أم ضعيفة، فهي لا تعكس قيمته الفعلية ومدى الحاجة إليه، موضحا أن تجربتنا الأولى جاءت فجأة تحت ظرف طارئ قامت خلاله وزارة التربية والتعليم ببذل كل ما تستطيع من جهد حتى لو لم يكن متطورا ومقنعا بشكل كاف. 

عبيدات، أشار إلى أنه "لم يكن هناك بديل آخر في ظل الأزمة، ويجب ألا نرفض التعليم عن بُعد بسبب تجربة لم نكن مهيئين لها، بل علينا الاستعداد لها بالأدوات والتقنيات المطلوبة"، مؤكدا أن "تجربة الدولة الأردنية في التعليم عن بُعد ستكون ناجحة على مستوي الدول الأخرى في السنوات المقبلة". 

وقال عبيدات، إن "التعليم مستقبلا لابد أن يكون عن بُعد، لأن التعليم المباشر لم يؤتِ ثماره كما هو مطلوب، وهذا يشهد له الواقع الجامعي الذي يصطدم به الطلاب لدى دخولهم فيه، بالإضافة إلى أن التعليم عن بُعد يكثف التعلم لديه؛ لأنه يتم بشكل فردي فيحصل كل شخص على القدر المناسب من العلم دون منافسة من أحد في الغرف الصفية. 

وأشار إلى أن من المآخذ التي يأخذها أهالي الطلاب على التعليم عن بُعد هو منعهم من التفاعل الاجتماعي الذي يشكل شخصياتهم، وينمي مهاراتهم في التعامل مع الآخرين، لكن علينا أن نفرق بين الوهم والحقيقة في أن المدرسة تهيئ فرص التفاعل الاجتماعي، لكن التنمر والعنف والإهانات التي قد يتعرض لها الطفل في بيئة بعض المدارس تعادل ذلك.

بترا