أدلى الناخبون في مونتينيغرو، الأحد، بأصواتهم في انتخابات تشريعية تشكل امتحانا لهيمنة حزب الرئيس الموالي للغرب ميلو جوكانوفيتش الذي يواجه في أجواء من التوتر، معارضة تدعمها الكنيسة الأرثوذكسية الصربية التي تتمتع بنفوذ كبير.

وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 18:00 ت غ. وسجلت نسبة مشاركة مرتفعة رغم فرض وضع كمامات على الناخبين وقواعد التباعد التي أقرت للحد من انتشار وباء كوفيد-19.

وقبل ساعة من إغلاق مراكز الاقتراع، تجاوزت نسبة المشاركة تلك المسجلة في الانتخابات الماضية، وبلغت نحو 75% مقابل أقل من 71% في انتخابات العام 2016، بحسب مركز محلي غير حكومي لمراقبة الانتخابات.

ويقود جوكانوفيتش (58 عاما) الإصلاحي النشيط في نظر البعض والمستبد والفاسد في نظر آخرين، الجبل الأسود بلا انقطاع تقريبا منذ انتهاء العهد الشيوعي في بداية تسعينات القرن العشرين.

ولم يسبق أن خسر "الحزب الديمقراطي للاشتراكيين" في أي اقتراع، بينما قاد جوكانوفيتش البلد الذي يضم أقل عدد من السكان في منطقة البلقان (620 ألف نسمة) إلى الاستقلال عن صربيا في 2006، والانضمام الى حلف شمال الأطلسي في 2017 وأعتاب الاتحاد الأوروبي.

لكن غالبيته المنتهية ولايتها ضئيلة لذلك يبدو أن المواجهة مع معارضة يمينية مؤيدة للصرب ولعلاقات أقوى مع بلغراد وموسكو ستكون صعبة.

وحسب استطلاع للرأي لدى الخروج من مراكز الاقتراع، أجراه مركز "سي إي إم آي"، يتصدّر الحزب الديمقراطي الاشتراكي "دي بي إس" الحاكم، الانتخابات بنسبة 34.7% من أصوات الناخبين، متقدّمًا على حزب المعارضة الموالي لصربيا الذي نال نسبة 33.1% من الأصوات.

ويواجه ميلو جوكانوفيتش منذ فترة طويلة اتهامات بالفساد وبفرض هيمنة الدولة وبالارتباط بالجريمة المنظمة.

لكن الحملة الانتخابية تركزت على خلافه مع الكنيسة الأرثوذكسية الصربية والجدل حول الهوية.

وبدأ هذا الخلاف في نهاية 2019 عند تبني قانون حول حرية الدين يمهد لوضع يد الدولة على مئات الكنائس والأديرة التي تديرها الكنيسة الأرثوذكسية الصربية المهيمنة في مونتنيغرو ومقرها في بلغراد.

وبحسب إحصاء أجري في 2011، يؤكد حوالى 30% من سكان البلاد أنهم صرب.

"تهديد للسيادة"

أدى تبني القانون إلى تظاهرات حاشدة على شكل مواكب بقيادة رجال دين وبدعم من المعارضة. ونظمت خلال وباء كوفيد-19 على الرغم من الإجراءات الوقائية.

وخلال الحملة، صرح رئيس هذه الكنيسة في مونتينيغرو الأسبوع الماضي أن "الكنيسة لا تملك حزبا" لكنها مسرورة "بطبيعة الحال للذين يقفون ضد القانون ويدافعون عن الأماكن المقدسة".

وفي الأيام الأخيرة نظم المتظاهرون مواكب بسيارات في البلاد رافعين أعلام صربيا.

وخلال إدلائه بصوته، أعرب جوكافونيتش عن ثقته بفوز حزبه رغم "محاولات إثارة التوتر من خارج مونتينيغرو".

في المقابل، قال زعيم التحالف الرئيسي الموالي للصرب، زدرافكو كريفوكابيتش، إنه يريد توجيه "رسالة سلام"، مضيفًا أن "يومًا جديدًا لمونتينيغرو، سيأخذ مسارا مختلفا".

وأكدت الكنيسة الأرثوذكسية الصربية أنها "لا تعتزم تنظيم اي تجمعات"، وحثت الجميع على تمضية المساء في منازلهم.

وقالت في بيان "نناشد الجميع الانتظار حتى نهاية يوم الانتخابات في المنزل بسلام ومحبة أخوية، حتى نتمكن من المضي قدما بسلاسة في العملية الانتخابية".

وسبق أن اعتبر ميلو جوكافونيتش هذه التظاهرات "تهديدا لسيادة البلاد" ويصف المعارضة بأنها "كتيبة سياسية للدفاع عن القومية التي تدعو إلى صربيا الكبرى".

وقال خلال الحملة الانتخابية إن "خصمنا السياسي لا يعرض سوى الدمار (...) سياسة الخيانة والخضوع (...) إنهم يريدون ألا يكون لمونتينيغرو وجود".

ومر اليوم بدون تسجيل حوادث كبرى رغم تحذير الشرطة من احتمال وقوع حوادث، مؤكدة انها اكتشفت خطة "للنزول إلى الشوارع لإحداث شغب والإخلال بالنظام العام".

ويذكر هذا التحذير بالانتخابات التشريعية التي جرت في 2016 وشهدت توقيف حوالى عشرين ناشطا يعارضون انضمام بلدهم إلى الحلف الأطلسي، اتهموا بالسعي إلى التخطيط لانقلاب بدعم من روسيا لكن موسكو نفت ذلك.

وحكم على اثنين من قادة المعارضة الموالية لصربيا بالسجن خمس سنوات في محكمة البداية.

قال المحلل ميلوش بيسيتس إن المنافسة تبدو حادة بين الكتلتين لذلك يمكن أن تلعب أحزاب صغيرة تركز على الاقتصاد الذي تضرر بوباء كوفيد-19 وعلى الخلل في دولة القانون، دورا حاسما في تشكيل الحكومة الجديدة.

وتبلغ نسبة البطالة بين السكان في سن العمل 18% ومتوسط الأجور 520 يورو.

ومونتينيغرو هي الدولة التي حققت أكبر تقدم في مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، في البلقان. لكن الفساد وقضايا حرية التعبير والصحافة والجريمة المنظمة ما زالت مصدر قلق للمفوضية الأوروبية.

أ ف ب