أعلنت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط الأربعاء، خفض قواتها في العراق، فيما يتوقع أن يصدر إعلان مماثل عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يشمل أيضا سحب قوات من أفغانستان.

وأعلن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي من بغداد "بعد الاعتراف بالتقدّم الكبير الذي أحرزته القوات العراقية والتشاور والتنسيق مع الحكومة العراقية وشركائنا في التحالف، قرّرت الولايات المتحدة خفض وجودها العسكري في العراق من حوالى 5200 إلى 3000 جندي خلال شهر أيلول/سبتمبر".

وأكد البيت الأبيض، الثلاثاء، أنه سيتمّ الإعلان في وقت قريب جداً عن خفض جديد لعديد القوات الأميركية في العراق، حيث يتعرّض جنود أميركيون يلاحقون إرهابيين إلى اعتداءات متزايدة على أيدي فصائل موالية لإيران.

وفي خطاب ألقاه لمناسبة تسلم القائد الجديد لتحالف مكافحة "تنظيم الدولة" الإرهابي المعروف بـ "داعش" الجنرال بول كالفير مهامه، قال ماكينزي إن الولايات المتحدة ستواصل دعم الجيش العراقي في معركته على آخر عناصر "داعش" الإرهابي في العراق وستُبقي وجوداً عسكرياً محدوداً في سوريا.

وكان ترامب جدّد خلال لقاء انتخابي في كارولاينا الشمالية، الثلاثاء، وعده بالانتهاء من "الحروب التي ليست لها نهاية".

وقال: "سنعيد قواتنا الى البلاد من كل تلك الأمكنة البعيدة"، مضيفا "صرفنا مليارات الدولارات، وما الذي حققناه من ذلك؟". 

وبحلول أواخر عام 2018، كان هناك ما يقدر بنحو 5200 جندي أميركي في العراق، وكانوا يشكلون الجزء الأكبر من قوات التحالف البالغ عددها آنذاك 7500، حسب مسؤولين أميركيين. ولكن الولايات المتحدة خفضت بشكل كبير حجم قواتها في الأشهر الأخيرة.

وجاء ذلك بعد اغتيال الأميركيين الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد العراقي أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد في كانون الثاني/يناير 2020. بعد ذلك، تعرضت السفارة الأميركية في بغداد ومصالح أميركية عسكرية وغير عسكرية في العراق لاعتداءات عدة تبنتها إجمالا مجموعات غير معروفة لكن يشتبه في ارتباطها بإيران.

وكانت طهران أطلقت صواريخ بالستية على قاعدة للقوات الأميركية في غرب العراق ردا على مقتل سليماني، من دون التسبب بأضرار بالغة.

وقال مسؤولون أميركيون لوكالة فرانس برس إنه أعيد نشر بعض القوات في القواعد الرئيسية في بغداد وأربيل في الشمال وعين الأسد في الغرب، لكن معظمها نُقل إلى خارج العراق.

وأشاروا الى أن التقليص كان مخططا له منذ فترة طويلة بعد هزيمة "داعش" الإرهابي، لكنهم اعترفوا بأنه تمّ تسريع الجدول الزمني بسبب الهجمات الصاروخية وفي ظل تفشي فيروس كورونا المستجد.

وفي البيت الأبيض قالت كيلي ماكيناني المتحدّثة باسم ترامب إن الرئيس الأميركي يسعى منذ وصوله إلى السلطة إخراج الولايات المتحدة من "حروب لا نهاية لها".

ولفتت المتّحدثة خلال مؤتمرها الصحافي اليومي أنّ "الرئيس ترامب وضع حدّاً لسلسلة من الرؤساء الأميركيين الذين على مدى 39 عاماً إمّا شنّوا حرباً أو ورّطوا الولايات المتحدة في نزاع دولي مسلّح".

وأضافت: "نعتقد أن الوقت الآن مناسب لتقليص عدد جنودنا والحفاظ على استقرار البلاد بفضل التدريب الذي قدّمته قواتنا" للجيش العراقي.

تصاعد الهجمات

وتعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لدى تسلمه السلطة بكبح جماح المجموعات المسلحة الخارجة عن السيطرة والتي تعارض بشدة الوجود الأميركي في العراق.

وأثناء اجتماعه مع الكاظمي في واشنطن الشهر الماضي، قال ترامب إن القوات الأميركية ستغادر العراق لكنه لم يعطِ جدولاً زمنياً أو مستويات محددة للقوات.

ويأتي الإعلان الأميركي في خضم الحملة الانتخابية الأميركية قبل موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر.

ونشرت الولايات المتحدة الآلاف من القوات في العراق في عام 2014 لقيادة تحالف دولي يقاتل "داعش" الذي اجتاح بعد ذلك ثلث أراضي العراق.

وتسبّبت عشرات الهجمات الصاروخية على القوات الأميركية والسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد منذ أول السنة، بمقتل ما لا يقل عن 3 عسكريين أميركيين وجندي بريطاني وجندي عراقي.

واتهم مسؤولون أميركيون فصائل قريبة من طهران تتمسّك منذ فترة طويلة بضرورة مغادرة جميع القوات الأميركية الشرق الأوسط، بتنفيذ الهجمات.

وكان آخر الاعتداءات في وقت متأخر الثلاثاء، عندما استهدفت عبوة ناسفة رتلا من الإمدادات كان متوجهاً إلى قاعدة عراقية تتواجد فيها قوات أميركية، ما أسفر عن مقتل أحد أفراد القوات الأمنية العراقية.

وشكك عراقيون بالإعلان الأميركي الأربعاء. وقال علي سليمان، وهو إداري في قوات الحشد الشعبي، "لا نريد قطع العلاقات تماماً مع أميركا"، مضيفا أن الولايات المتحدة "تسلم قواعدها، ولكن إذا لم ترحل نهائيا، سنحاربها".

الانسحاب في أفغانستان

وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية إن الرئيس الأميركي سيعلن انسحابات أخرى من أفغانستان في الأيام المقبلة.

وينتشر هناك حاليا 8600 جندي لواشنطن، حسب اتفاق ثنائي تم توقيعه في شباط/فبراير بين واشنطن وحركة طالبان.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في آب/أغسطس إن هدفها هو خفض عدد أفرادها إلى أقل من 5 آلاف جندي مع تقدم محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية من جهة والحركة من جهة أخرى.

وذكر ترامب سابقا في مقابلة صحافية أن البيت الأبيض يهدف إلى الوصول إلى ما بين 4000 و5000 جندي في أفغانستان بحلول الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر.

وبموجب الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، على جميع القوات الأجنبية مغادرة البلاد بحلول ربيع عام 2021، مقابل التزامات أمنية من الحركة المتطرفة.

وكان ترامب الذي يجد نفسه حاليا خلف منافسه الديموقراطي جو بايدن في استطلاعات الرأي قبل انتخابات 3 تشرين الثاني/نوفمبر، وعد سابقا بإعادة القوات "إلى الوطن" في محاولة لإنهاء ما وصفه "بحروب أميركا التي لا نهاية لها".

ويرى ترامب أن الدفع في اتجاه إعادة القوات إلى الولايات المتحدة يمكن أن يعزز موقفه الانتخابي. لكن تصريحات له انتقدت الجيش الأميركي في 2018 ونشرتها مجلة "أتلانتيك" الأسبوع الماضي جعلت شعبيته تتراجع.

ونفى البيت الأبيض التصريحات، لكن الصحافي الذي نقلها قال إنه يستند الى مصادر عدة، ودعمته وسائل إعلام أخرى في ما يقول.

أ ف ب +المملكة