يتوجّه الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو الاثنين، إلى روسيا سعياً إلى الحصول على دعم نظيره فلاديمير بوتين، بعد شهر من حركة احتجاجيّة غير مسبوقة أثارها فوزه بولاية جديدة في انتخابات متنازع عليها.

وبعدما كان اتّهم موسكو قبل الاقتراع بالسعي إلى "زعزعة استقرار" بلاده، غيّر لوكاشنكو موقفه جذريّاً، فتقرّب إلى البلد الجار لمواجهة التظاهرات الاحتجاجيّة الضخمة في بيلاروس، والتي اتّهم الغرب بإثارتها.

وأوضح المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيّين أنّها "ستكون زيارة عمل" للوكاشنكو الذي يبلغ من العمر 66 سنة أمضى 26 منها على رأس السلطة.

ولم يُقدّم بيسكوف مزيداً من التفاصيل، مكتفياً بالإشارة إلى أنّه لم يتمّ التخطيط لعقد لقاء مع الصحافة أو توقيع اتّفاق.

وذكر الكرملين لاحقاً في بيان أنّ الاجتماع سيتناول "تطوير الشراكة الاستراتيجيّة المستقبليّة وعلاقات التحالف" بين البلدين، لافتاً إلى أنّ الاجتماع سيُعقد في سوتشي بجنوب روسيا.

ورأى المحلّل السياسي كونستانتين كالاتشيف أنّ "روسيا ستحاول الإفادة بشكل كامل من دعمها للوكاشنكو. هو لم يعد لديه أيّ مجال للمناورة. إنّه يعتمد كلّيًا على روسيا" من أجل بقائه السياسي. 

وفي إشارة إلى تعزيز العلاقات "السياسية والاقتصادية والعسكرية"، لفت الخبير إلى أنّ الكرملين سيسعى الآن إلى "ضمّ بيلاروس لعقود، بل حتّى لقرون".

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة، أنّه "قلق للغاية" بشأن استخدام القوّة ضدّ متظاهرين سلميّين في بيلاروس، مؤكّدًا أنّ الأزمة لا يمكن حلّها إلا "مِن قِبل الشعب البيلاروسي". 

وأكّدت الولايات المتحدة الجمعة، أنّها ستُعلن خلال أيّام قليلة حزمة عقوبات جديدة تستهدف شخصيّات وكيانات بيلاروسيّة، بالتنسيق مع الاتّحاد الأوروبي. 

وقال نائب وزير الخارجية الأميركية ستيفن بيغن إنّ موسكو تُعرّض نفسها لمخاطر جمّة في دعمها قمع حركة احتجاجيّة شعبيّة ضخمة ضدّ إعادة انتخاب لوكاشنكو. 

من جهته، أعرب الاتّحاد الأوروبي في بيان مساء الجمعة عن أسفه لـ "الازدراء الواضح للقانون، بشكلٍ متزايد" في بيلاروس، "ولا سيّما تصاعد العنف والنفي القسري" لأعضاء المعارضة.

نحو وحدة جديدة ؟ 

تربط موسكو بمينسك علاقات معقدة منذ سنوات عدة.

وفي السنوات الأخيرة، اتهم لوكاشنكو مرارا حليفه الروسي التاريخي بالسعي الى الهيمنة على بيلاروس، ورفض تلبية طموحات موسكو بتعميق الاتحاد القائم بين البلدين.

وأدت الحركة الاحتجاجية التي تشهدها بيلاروس منذ الانتخابات الرئاسية في 9 آب/أغسطس، والتي فاز بها لوكاشنكو بنسبة 80% من الأصوات، إلى تغيير كامل في اللهجة، إذ يقدّم الرئيس البيلاروسي نفسه الآن على أنه الحصن الأخير لروسيا في وجه الأطماع الغربية.

وفي سياق تعزيز محتمل للروابط بين البلدين، أهدى دميتري ميزينتسيف، سفير موسكو لدى مينسك لوكاشنكو الخميس، أطلس القرن التاسع عشر الذي يبيّن بيلاروس جزءًا من الإمبراطورية القيصرية الروسية.

وأوضح السفير أنه شهادة تاريخية للعلاقات التي توحد بين البلدين و"ردّ على من يفكّر خلاف ذلك". 

ولفتت شخصيات المعارضة البيلاروسية التي تم اعتقال أو نفي معظمها في الأسابيع الأخيرة، إلى أن حركتهم موجهة ضد لوكاشنكو، وليست معادية لروسيا ولا موالية للغرب.

وأكدت مرشحة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكا التي ادّعت فوزها في الانتخابات، في مداخلة عبر الفيديو للروس الأربعاء، أن الاحتجاج "لم يكن في أي مرحلة كفاحا ضد روسيا".

ويُتوقع تنظيم تظاهرة كبيرة جديدة الأحد في مينسك، هي الخامسة من نوعها. وشارك في التظاهرات السابقة ما لا يقل عن مئة ألف شخص للمطالبة برحيل السلطة القائمة.

من جانبه، أكد لوكاشنكو الذي كان ألمح الأربعاء إلى إمكان إجراء انتخابات رئاسية جديدة في إطار إصلاح دستوري، أنه لن يترك السلطة تحت الضغط. 

وقال "كثيراً ما أتعرض للنقد بسبب هذا الواقع: ‘ لن يترك السلطة‘. إنه انتقاد محقّ. لم يخترني الناس لهذا السبب". 

أ ف ب