تكبدت سوريا خسائر اقتصادية تُقدّر بنحو 442 مليار دولار، بسبب حرب أتت على الأخضر واليابس منذ عام 2011، وكلفت البلاد مكاسبها الاجتماعية والاقتصادية.

وقال تقرير مشترك بعنوان "سوريا: بعد ثماني سنوات من الحرب" أعدّته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) ومركز الدراسات السورية في جامعة سانت آندروز، إن مؤشر التنمية البشرية في الجمهورية العربية السورية شهد انخفاضا حادا من 0.64 عام 2010 إلى 0.549 في عام 2018، مما قلل من مكانته من مظلة البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة إلى البلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة.

ملايين المحتاجين للمساعدات

ويكشف التقرير، الذي يغطي الفترة الواقعة بين 2011 إلى 2019، أن 82% من الأضرار الناجمة عن الصراع تراكمت في سبعة من أكثر القطاعات كثافة في رأس المال: الإسكان والتعدين والنقل والأمن والتصنيع والكهرباء والصحة.

وتُقدّر قيمة الدمار المادي لرأس المال بنحو 117.7 مليار دولار، والخسارة في الناتج المحلي الإجمالي بمبلغ 324.5 مليار دولار، مما يضع تكلفة الاقتصاد الكلي للصراع عند نحو 442 مليار دولار.

وقال بيان صدر عن إسكوا إنه "على الرغم من ضخامة هذا الرقم، إلا أنه لا يلخص حجم معاناة السكان الذين تم تسجيل 5.6 ملايين شخص منهم كلاجئين، و6.4 ملايين كنازحين داخليا، و6.5 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و11.7 مليون لا يزالون بحاجة إلى شكل واحد على الأقل من أشكال المساعدة الإنسانية".

إضافة إلى ذلك، كشف التقرير أن نحو 3 ملايين طفل داخل البلاد فوّتوا المدرسة خلال العام الدراسي 2017-2018. وبحسب التقرير، فإن الخسائر في التنمية البشرية في مجالي التعليم والصحة كارثية، ويبدو أنه "لا يمكن معالجتها مما سبب معاناة على نحو خاص لجيل السوريين الذين بلغوا سنّ الرشد في وقت النزاع".

تحوّل جذري في حياة السوريين

وفي مقدمة التقرير، قالت إسكوا وجامعة سانت آندروز "أسفر النزاع الذي نشب منذ ما يناهز عقداً من الزمن عن تحوّل جذري في جميع نواحي حياة المجتمع السوري".

وأشار التقرير إلى أن النزاع يفرض تحديات مستقبلية رهيبة سواء كانت في الإنتاج أو الاستثمار أو التنمية البشرية، مستشهدا أيضا ببيانات رسمية تفيد بأنه بحلول نهاية عام 2018، فقدَ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 54% من مستواه في عام 2010.

وفيما يتعلق بالتبادل التجاري، يشير التقرير إلى أن الصادرات السورية شهدت انهيارا، من 8.7 مليارات دولار عام 2010 إلى 0.7 مليار دولار في عام 2018، مما تسبب باضطرابات في الإنتاج وسلاسل التجارة.

ومن العوامل التي ساهمت في هذا الانهيار: الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والعقوبات الاقتصادية التقييدية الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى هروب رأس المال المادي والبشري.

ويشير التقرير إلى أن الواردات لم تشهد انهيارا مماثلا، مما أدّى إلى اتساع العجز التجاري وخلق ضغوط متزايدة على قيمة الليرة السورية.

"تحسين نوعية الحياة"

يقدم التقرير أيضا لمحة عامة عن تداعيات الصراع على الحكم وسيادة القانون ومختلف مظاهر تدويله. ويحدد بعض مبادئ بناء السلام ويسلط الضوء على تحديات التعافي ثم يقترح سبل الخروج من المأزق.

وتؤكد كل من إسكوا وجامعة سانت آندروز أن اعتماد سياسات تعمل بشكل مباشر على تحسين نوعية الحياة لجميع السوريين، وإدراج طيف أوسع من الأصوات السورية وإحياء المبادرات المجتمعية السورية وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي المشترك على المستوى المحلي، كل ذلك مهم لإعادة بناء الدولة وإعادة تركيز الجهود نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

المملكة