أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت، أنه اختار القاضية إيمي كوني باريت لخلافة روث بادر غينسبرغ في عضوية المحكمة العليا، متوقّعا أن يصادق مجلس الشيوخ سريعا على هذا الخيار، في حين طالب منافسه الديمقراطي جو بايدن أعضاء المجلس إلى عدم البت في هذا التعيين قبل الاستحقاق الرئاسي المقرر في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر.

ووصف ترامب باريت التي وقفت بجانبه في حديقة البيت الأبيض بأنها "أحد ألمع العقول في مجال القانون وأكثرها موهبة"، وهو توقّع أن يعطي مجلس الشيوخ "مصادقة مباشرة وسريعة" على هذا التعيين.

ومصادقة الجمهوريين الذين يشكلون غالبية في مجلس الشيوخ على تعيين باريت شبه محسومة، وهي ستمكّن ترامب من إمالة الدفة في المحكمة العليا إلى اليمين عشية انتخابات رئاسية محمومة يسعى فيها للفوز بولاية ثانية.

في المقابل، دعا بايدن مجلس الشيوخ إلى عدم البت في تعيين القاضية باريت في المحكمة العليا قبل الاستحقاق الرئاسي.

وجاء في بيان أصدره بعد دقائق على إعلان ترامب عن خياره أن "مجلس الشيوخ يجب ألا يبت في هذا المنصب الشاغر ما لم يختر الأميركيون رئيسهم المقبل والكونغرس المقبل".

وكانت وسائل إعلام أميركية رئيسية نقلت عن مصادر جمهورية مطلعة أن ترامب اختار باريت للمنصب.

ومساء الجمعة قال ترامب خلال تجمع انتخابي في نيوبورت نيوز في ولاية فيرجينيا "سنختار شخصا رائعا!".

وإذا صادق مجلس الشيوخ على تعيينها ستحل باريت مكان القاضية التقدمية غيسنبرغ رمز الدفاع عن حقوق المرأة التي توفيت الأسبوع الماضي بعد معاناة مع مرض السرطان.

وباشر ترامب سريعا إجراءات شغل المنصب الشاغر لكي يرسخ المحكمة العليا لمدة طويلة في نهج محافظ إذ أن القضاة فيها يعينون مدى الحياة.

ويعارض الديمقراطيون ذلك مشددين على ضرورة انتظار الانتخابات الرئاسية تجنبا لهيمنة المحافظين على هذه المؤسسة التي تبت في مسائل رئيسية تهم المجتمع مثل الاجهاض وحق حيازة أسلحة.

وفي حال صادق مجلس الشيوخ على خيار ترامب سيقتصر وجود الليبراليين في هذه المؤسسة على ثلاثة قضاة من أصل تسعة.

معارضة ديمقراطية 

وقد يؤمن خيار كوني باريت الكاثوليكية البالغة 48 عاما والأم لسبعة أطفال والمعارضة للإجهاض أصوات ناخبين محافظين استند إليهم ترامب كثيرا لانتخابه قبل أربع سنوات.

وكانت مجموعة "أكاونتبل يو إس" ذات الميول اليسارية قد علّقت قبل إعلان ترامب خياره على لسان رئيسها كايل هيريغ "لقد أثبتت باريت مرارا أن حماية الشركات، وليس الأشخاص، هي أولى أولوياتها".

وقال السناتور الديمقراطي ديك دوربين في تصريح لتلفزيون "سي إن إن" إنه "باعتبار أن هذه المرشحة للمحكمة العليا يمكن أن تخدم لثلاثين عاما، فإنه من المخزي أن يسعوا إلى إقرارها في أقل من 30 يوما". 

ووفق استطلاع مشترك بين "واشنطن بوست" و"أي بي سي بول"، تعارض أغلبية الأميركيين (57% مقابل 38%) حسم المسألة قبل الانتخابات. 

وكانت تقارير أفادت بإمكان رسو خيار ترامب على مرشحة ثانية هي باربرا لاغوا المولودة قبل 52 عاما في فلوريدا في عائلة فرت من نظام فيدل كاسترو الشيوعي في كوبا. وهي كانت لتشكل ورقة انتخابية رابحة لدونالد ترامب في هذه الولاية الواقعة في جنوب شرق البلاد والتي قد يساهم ناخبوها في حسم نتيجة الانتخابات.

وكان ترامب قال عنها إنها "امرأة رائعة ومن أصول أميركية لاتينية" لكنه أشار مساء الجمعة إلى أنه لم يلتقها شخصيا.

ورغم المعارضة الديمقراطية القوية، يعتزم مجلس الشيوخ التصويت على هذا التعيين قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وفي أحد التجمعات الانتخابية الجمعة في فلوريدا حيث يعتبر تصويت الاميركيين من أصل لاتيني مهما جدا، قال ترامب إن منافسه الديمقراطي جو بايدن كان "سيئا جدا بالنسبة إليهم".

وأضاف "أنا جدار بين الحلم الاميركي والفوضى".

وفي وقت لاحق في جورجيا، أصر على أنه كرئيس، تجاوز وعوده للأميركيين من أصل إفريقي.

وقال "لقد فعلت من أجل مجتمع السود في 47 شهرا... أكثر مما فعله جو بايدن في 47 عاما" في إشارة إلى القوانين الصارمة المرتبطة بالجرائم التي أقرت في التسعينات والتي يقول العديد من الخبراء إنها أدت إلى ارتفاع معدلات سجن الأميركيين السود.

وفي مؤشر إلى التوتر السياسي الحاصل، ارتفعت صيحات الاستهجان عندما أتى ترامب ليلقي النظرة الأخيرة على جثمان روث بادر غينسبرغ المسجى عند مدخل المحكمة العليا.

وبعد اسبوع على وفاتها أقيمت في مبنى الكابيتول مراسم وداع رسمية للقاضية التي رحلت عن 87 بحضور بايدن وكامالا هاريس التي اختارها نائبة له.

وغرد بايدن الذي كان نائبا للرئيس في عهد باراك أوباما "القاضية غينسبرغ طبعت التاريخ اليوم للمرة الأخيرة".

فهي أول امرأة تحصل على شرف هذه المراسم الرسمية في الكابيتول.

وستوارى غينسبرغ الثرى الأسبوع المقبل في مراسم عائلية في مقبرة ارلينغتون قرب واشنطن.

وغادر نعشها الملفوف بالعلم الأميركي مبنى الكابيتول وسط ثلة شرف مؤلفة بغالبيتها من نساء جمهوريات وديمقراطيات.

ترامب يرجح

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن من المرجح أن يبدأ مجلس الشيوخ جلسات التصديق على القاضية إيمي كوني باريت مرشحته للمحكمة العليا في 12 تشرين الأول/ أكتوبر وتوقع تصويت مجلس الشيوخ بكامل أعضائه على هذا الترشيح قبل انتخابات الثالث من  تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض السبت، إن موعد أول جلسة يعود في نهاية الأمر لرئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ ليندسي جراهام.

وأضاف "ستسير الأمور بسرعة. نتطلع إلى القيام بذلك قبل الانتخابات. لذلك ستسير الأمور بسرعة كبيرة".

وتمثل هذه الجلسات جزءا من جدول زمني تم تسريعه مع سعى مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون للتصويت على مرشحة ترامب قبل الانتخابات وتعزيز الأغلبية التي يحظى بها المحافظون في المحكمة بواقع ستة مقابل ثلاثة .

وإذا صدق مجلس الشيوخ على تعيينها ستحل باريت محل القاضية الليبرالية روث بادر جينسبيرج التي توفيت في 18 أيلول/سبتمبر.

وقال جراهام الجمهوري الحليف لترامب إنه يأمل في إجراء جلسة عادية على الرغم من الجدول الزمني المسرع واحتجاجات الديمقراطيين على ضرورة عدم تعيين ترامب من يشغل هذا المنصب الشاغر قبل أن تختار البلاد رئيسها. (إعداد أحمد صبحي للنشرة العربية)

أ ف ب