يحيي العالم، في الأول من تشرين أول/ أكتوبر من كل عام، الذكرى الثلاثين لليوم الدولي لكبار السن، في وقت يشهد العالم فيه بظهور جائحة كوفيد-19، التي تسببت في حدوث اضطرابات في جميع أنحاء العالم، ألحقت بهذه الفئة أثرا شديدا على صحتهم، حقوقهم ورفاهيتهم أيضا.

الأمم المتحدة، قالت إنه بالنظر إلى المخاطر الأكبر التي يواجهها كبار السن أثناء تفشي الأوبئة مثل جائحة كوفيد-19، يجب أن تستهدف التدخلات السياساتية والبرامجية زيادة الوعي باحتياجات كبار السن الخاصة، ومن المهم كذلك الاعتراف بمساهمات كبار السن في صحتهم والأدوار المتعددة التي يلعبونها في مرحلتي التأهب والاستجابة للأوبئة الحالية والمستقبلية.

يهدف اليوم العالمي لكبار السن، هذا العام إلى رفع مستوى الوعي بالاحتياجات الصحية الخاصة لهذه الفئة وإسهاماتهم في صحتهم وفي عمل المجتمعات التي يعيشون فيها، وزيادة فهم تأثير جائحة كوفيد-19 على كبار السن وتأثيرها على سياسة الرعاية الصحية والتخطيط. 

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "يحتفل العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لإعلان اليوم الدولي لكبار السن ونحن نعاين الأثر الشديد وغير المتناسب الذي لحق كبار السن في جميع أنحاء العالم من جراء جائحة كوفيد-19، لا من حيث صحتهم وحسب، وإنما من حيث حقوقهم ورفاهيتهم أيضا".

الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان عبلة عماوي، قالت بهذه المناسبة، إنه وبحسب التعداد العام للسكان والمساكن 2015 للأردن، بلغت نسبة كبار السن 65+ سنة حوالي 3.7 %، وعددهم حوالي 518.757 نسمة، وشكلت الإناث المُسنات ما نسبته 49.1%، في حين شكل الذكور ما نسبته 50.9 %، كما وبلغ معدل العمر المتوقع عند الولادة للإناث 74 سنة وللذكور 72.5 سنة. 

ورقة سياسات "الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا على كبار السن في الأردن"، التي أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة 2020، تأثير جائحة كوفيد- 19 على كبار السن من الناحية الاقتصادية في الأردن، حيث أظهرت أن نسبة العاملين من فئة كبار السن مع نهاية عام 2015 بلغت ما نسبته 2.3% من إجمالي المشتغلين الأردنيين، وبواقع 2.6% للذكور و0.4% للإناث.

وأضافت أن كبار السن في الأردن كغيرهم في دول العالم تأثروا بتبعات جائحة كورونا لأنهم أكثر عرضة لفقدان أعمالهم حيث تتحمل الفئة العاملة من كبار السن ومعظمهم يعملون بشكل مؤقت في قطاعات الحرف اليدوية أو الزراعية أو العمل من خلال المنزل العبء الأكبر من فقدان أعمالهم و/أو عدم قدرتهم على تسويق منتجاتهم.

وبين المجلس الأعلى للسكان أن الحكومة الأردنية اتخذت عدة إجراءات في ظل جائحة كورونا استجابة منها لاحتياجات كبار السن في الأردن من النواحي الصحية والاقتصادية، حيث أطلقت وزارة الصحة منصة خدمات إلكترونية لصرف الأدوية المزمنة دون الحاجة إلى الذهاب للمنشآت الصحية، وتوزيع الأدوية من قبل كوادر وزارة الصحة، وقامت وزارة التنمية الاجتماعية بإجراءات احترازية خاصة بدور الايواء ومنهم كبار السن مثل تعقيم المباني وخزانات المياه والمرافق الصحية وإدامة المحافظة على النظافة، وفحص حرارة المنتفعين قبل الدخول إلى دور الإيواء.

وقدمت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي إعانات عينية للمواطنين ومنهم فئة كبار السن ممن بحاجة إلى مساعدات عاجلة على شكل مواد غذائية، كما تم إنشاء صندوق همة وطن، بالإضافة لإنشاء حساب الخير لصالح الأسر الفقيرة والمحتاجة لدى وزارة التنمية الاجتماعي، إلى جانب الدور الإنساني الذي قامت وتقوم به المؤسسات الخيرية غير الحكومية (مثل الهيئة الخيرية الهاشمية وتكية أم علي وغيرها) والتي عززت جهودها خلال أزمة الكوفيد- 19.
 
وأشار المجلس إلى أنه وعلى الرغم من أن التدابير التي نفذتها الحكومة الأردنية كانت تركز على المواطنين بشكل عام، إلا أنها افتقرت إلى التدابير أو البرامج الاقتصادية الموجهة لكبار السن تحديداً، لذا يمكن اقتراح عدة توصيات منها تضمين مخصصات طوارئ في موازنات الوزارات المعنية لمواجهة المواقف غير المتوقعة ذات العلاقة بكبار السن، وأن تشمل التدابير الاقتصادية التي يجري تبنيها تقديم الدعم اللازم للأعمال الصغيرة والمتوسطة التي يملكها كبار السن لإستمرار ديمومتها، وقيام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بصرف معونات نقدية فورية للمتقاعدين الذين تقل رواتبهم التقاعدية عن خط الفقر.

وأشارت عماوي إلى أن نسبة كبار السن في الأردن سوف تكون في تزايد عبر الأعوام المقبلة بحسب وثيقة سياسات الفرصة السكانية 2017، حيث من المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 8.6% مع نهاية عام 2040 وهو عام ذروة الفرصة السكانية، مبينة أنه وعلى الصعيد العالمي، بلغ عدد الاشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر حوالي 703 ملايين في عام 2019، ومتوقع أن يتضاعف على مدى العقود الثلاثة المقبلة عدد كبار السن في جميع أنحاء العالم، ليصل إلى أكثر من 1.5 مليار شخص في عام 2050.

"خطر متزايد"

وأضافت أنه وعلى الرغم من أن جميع الفئات العمرية معرضة لخطر الإصابة بكوفيد-19، إلا أن كبار السن هم أكثر عرضة للمضاعفات المسببة للوفاة أو الأمراض المستعصية بعد الإصابة بالفيروس، حيث يتسبب الفيروس بوفاة أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا بمعدل اعلى بخمسة أضعاف من الفئات العمرية الاخرى على المستوى العالمي.

وأشارت إلى أن نحو 66٪ من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن الـ70 عامًا يعانون من حالة مرضية واحدة على الأقل، مما يضعهم في خطر متزايد للتأثير الشديد من العدوى أو الاصابة بكوفيد-19، كما يؤدي انتشار الجائحة أيضًا إلى تقليص فرص توافر الخدمات الطبية الطارئة التي لا علاقة لها بـ كوفيد-19 مما يزيد من المخاطر التي تهدد حياة كبار السن. 

وبينت عماوي أن فيروس كورونا يؤثر على مرضى الامراض المزمنة بشكل أكبر من الأصحاء وخاصة فئة كبار السن، وبحسب دراسة واقع كبار السن في الأردن 2017 يعاني حوالي 86% من فئة كبار السن في الأردن من أمراض مزمنة أبرزها ضغط الدم والكولسترول والسكري وأمراض القلب والفشل الكلوي المزمن.

وبلغت نسبة كبار السن 60 سنة فأكثر الذين تم تشخيص إصابتهم بالسكري وفق بيانات مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018) حوالي 34.6% بين الإناث و29.3% بين الذكور، كما بلغ عدد كبار السن الأردنيين الذكور 60 فأكثر المسجلين ضمن مرضى الفشل الكلوي المزمن حوالي 1114 مصاب، مقابل 999 مصابة من الاناث، وذلك وفق السجل الوطني لإمراض الكلى 2018 الصادر عن وزارة الصحة. 

ويهدف موضوع اليوم العالمي لكبار السن لعام 2020 إلى إبلاغ المشاركين بالأهداف الاستراتيجية والتمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة (2020-2030)، رفع مستوى الوعي بالاحتياجات الصحية الخاصة لكبار السن وإسهاماتهم في صحتهم وفي عمل المجتمعات التي يعيشون فيها، وإلى زيادة الوعي والتقدير لدور القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية في الحفاظ على صحة كبار السن وتحسينها، مع إيلاء اهتمام خاص لمهنة التمريض.

ويهدف أيضا إلى تقديم مقترحات لتقليص الفوارق الصحية بين كبار السن في البلدان المتقدمة والنامية، وزيادة فهم تأثير جائحة كوفيد-19 على كبار السن وتأثيره على سياسة الرعاية الصحية والتخطيط.

المملكة