قال منتدى الاستراتيجيات الأردني، إن السياسات المالية والنقدية التي اتخذت في الربع الثاني من العام الحالي، واستجابة القطاع الخاص وقدرته على الاستمرار بالعمل وسلاسل التزويد والاستمرار في الصادرات الرئيسية في مجال الخدمات والصناعات جنّبت الأردن السيناريو الأسوأ الذي تعرضت له العديد من الدول.

وأشار، في ورقة "بإيجاز" أصدرها الاثنين حول مستويات النمو في الناتج المحلي خلال الربع الثاني 2020 لعدد من الدول، إلى ضرورة توجيه الدعم لهذا النوع من الصناعات وإزالة العقبات أمامها، والتفكير بأدوات مالية تساعد في تعزيز مستوى الخدمات وتساعد الصناعات على التكيف مع المستجدات والاستمرار بأعمالها لتجنب المزيد من التراجعات في الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المقبلة.

وبين المنتدى أن الأردن كان من أقل الدول تراجعاً، وبحسب التقرير، تباينت مستويات النمو الاقتصادي في العديد من دول ومناطق العالم خلال الربع الثاني من العام الحالي، إلا أن القاسم المشترك بين هذه الدول هو نسب النمو السلبية الكبيرة التي سجلت رغم إجراءات عديدة اتخذت في تلك الدول وحزم الإنقاذ المالية التي تم تبنيها والتي من الواضح أنها رغم أحجماها ومبالغها الكبيرة لم تتمكن من عكس مسار الاقتصاد السلبي والتراجع الكبير في مستوى الطلب الكلي والذي رافقه تدهور في مستوى الصادرات في العديد منها.

وأوردت الورقة تقديرات منظمة دول التعاون الاقتصادي والتنمية للناتج المحلي الإجمالي لعدد من الدول، مبينة أن دولاً متقدمة ذات قاعدة صناعية راسخة مثل ألمانيا لم تتجنب التراجع في الناتج المحلي الإجمالي رغم الجهود الكبيرة التي بذلت والمبالغ التي خصصت والتي قدرت بحوالي 130 مليار يورو، وذات الكلام ينطبق على الولايات المتحدة الأميركية التي أنفقت ما يقارب 2.4 تريليون دولار إلا أن معدل النمو جاء سالبا بحوالي 9.5% في الربع الثاني 2020 نسبة إلى الربع الثاني للعام 2019 ، وأشارت الورقة إلى أن الدول التي تتصدر العالم في  معايير الأداء الاقتصادي المتميز مثل سنغافورة  والتي تعتمد كثيرا على التكنولوجيا وأسواق التصدير تراجع الأداء  فيها بدرجة كبيرة بلغت 13.2% في الربع الثاني 2020، ودول مجموعة الدول الصناعية الكبرى حوالي سالب 12%.

وفي الدول العربية، بينت الورقة أن التراجع جاء متفاوتا، حيث إن تراجع أسعار النفط عالميا بسبب تراجع الطلب انعكس على معظم الدول المصدرة للنفط وبالتالي أثر على ميزانيتها وقدرتها على الإنفاق وهو ما انعكس سلبا على مستويات النمو، فتراجع الناتج المحلي الإجمالي في السعودية في الربع الثاني 2020 بحوالي سالب 7% وحوالي 8% في دولة الإمارات، أما الدول غير النفطية مثل تونس والمغرب فتراجعت مستويات النمو فيها بحدة بحوالي 21.6% و 15% على التوالي مما يعكس محدودية قدرتها على التكيف مع المستجدات وضيق الهامش المالي المتاح لها لعكس الدورة السلبية للاقتصاد من خلال توظيف أدوات مالية أو نقدية في ذلك الإطار.

وأظهرت أن التراجع في نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع في الأردن وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي يقدر بحوالي 3.6%، وهي ذات النسبة التي أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة حول تقديرات الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني 2020، حيث اعتبر المنتدى أن هذه النسبة قليلة إذا ما قورنت بمعدلات التراجع عالميا أو إقليميا، وتعكس درجة معقولة من المنعة الاقتصادية التي يتمتع بها الأردن، كما تعكس نجاعة بعض الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأردني.

وأشارت الورقة إلى أن الاتفاقيات الدولية التي عقدها الأردن مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي أتاحت ضخ سيولة في السوق المحلي ومكنت  من الحفاظ مستويات الإنفاق العام من جهة، وعززت من رصيد العملات الأجنبية في البنك المركزي واكتساب ثقة الفاعلين المحليين من جهة أخرى.

المملكة