تعتزم الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، السماح لآلاف السوريين الموجودين في مخيم الهول المكتظ، بينهم عائلات مقاتلي "تنظيم الدولة" الإرهابي المعروف بـ "داعش"، بالمغادرة إلى مناطقهم، وفق ما أكد مسؤول، الاثنين.

وقال رياض ضرار، الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديموقراطية، "سيخرج السوريون من مخيم الهول ويبقى الأجانب فقط".

وأضاف "يوجد في المخيم عوائل ‘داعش‘ من السوريين وهؤلاء سيتم الإفراج عنهم، لأنه لا معنى لاحتجاز العائلة إذا كان هناك ضامن لحياتهم من أقاربهم".

ولم يحدد بعد موعد بدء تنفيذ القرار الذي لن يشمل مقاتلي التنظيم السوريين المعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية.

ويؤوي المخيم الواقع في محافظة الحسكة، وفق الأمم المتحدة أكثر من 64 ألف شخص، 24300 منهم سوريون، ممن نزحوا أو جرى اعتقالهم خلال المعارك ضد "داعش".

ويشكل العراقيون غالبية الأجانب في المخيم، إضافة إلى آلاف من عائلات مقاتلي التنظيم الذين يتحدرون من أكثر من 50 دولة.

وبحسب ضرار، سيُسمح للعراقيين الراغبين بالمغادرة، لافتاً إلى أن العديد منهم يفضلون البقاء في المخيم خشية اعتقالهم أو محاكمتهم في العراق لصلاتهم بالتنظيم.

ولطالما حذّرت منظمات إنسانية ودولية من ظروف المخيم الصعبة جراء الاكتظاظ والنقص في الخدمات الأساسية. وسجل المخيم خلال آب/أغسطس أولى الإصابات بفيروس كورونا المستجد.

وقال أرين شيخموس، المسؤول في الإدارة الكردية، إن السوريين من أبناء المناطق الواقعة في شمال البلاد وشرقها، وخصوصا محافظتي الرقة ودير الزور، سيكونون أول المغادرين.

وتابع "أما أولئك المتحدرون من مناطق سيطرة (الحكومة السورية) وتلك الخاضعة للسيطرة التركية... فنسعى إلى إيجاد من يضمنهم وإلى إخراجهم".

وبالنسبة للعراقيين، قال شيخموس إن حكومة بغداد "تماطل في عملية" استعادتهم.

"براغماتية سياسية"

وشهد المخيم في الأشهر الأخيرة توترات عدّة مع توثيق محاولات هرب منه أو طعن حراس من قبل نساء متشددات، يحاولن فرض سيطرتهن في القسم الخاص بالنساء الأجنبيات.

ومنذ إعلانهم القضاء على "داعش" في آذار/مارس 2019، يطالب الأكراد الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين لديهم أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة المقاتلين مع التنظيم المتطرف. إلا أن غالبية الدول، وخصوصاً الأوروبية، تصر على عدم استعادة مواطنيها.

واعتبر ضرار أن المخيم بات يشكل "عبئاً كبيراً على الإدارة الذاتية على مستوى الإمكانات الأمنية والمعيشية".

وسبق للسلطات الكردية أن أفرجت عن 4345 سورياً من قاطني المخيم منذ حزيران/يونيو 2019، وفق إحصاء لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة صدر في تموز/يوليو.

كما أفرجت قوات سوريا الديمقراطية عن عشرات السوريين المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، بعد الحصول على ضمانات من زعماء العشائر العربية التي تشكل أكثرية في شمال وشمال شرق سوريا.

وجذبت هذه القوات عند تأسيسها آلافا من المقاتلين العرب من أبناء المنطقة، في محاولة لاستمالة المكون العربي والتخفيف من الحساسية العربية الكردية في المنطقة التي تمسك الإدارة الذاتية الكردية بمفاصلها.

ووصف نيكولاس هيراس، الباحث في معهد دراسات الحرب قرار الإدارة الذاتية الكردية السماح لمن تبقى من السوريين بمغادرة المخيم بأنه "قمة البراغماتية السياسية".

وقال هيراس إن السلطات الكردية "لم تعد قادرة على إبقاء هؤلاء النساء والأطفال في الهول والحفاظ على علاقة جيدة مع القبائل".

وتابع أن القبائل قادرة على التأثير بشكل كبير في قوات سوريا الديمقراطية، معتبرا أن خطوة هذه القوات "هي إقرار منها بأنها غير قادرة على تحقيق الاستقرار... من دون القبائل".

لكن دارين خليفة من المجموعة الدولية للأزمات حذّرت من تداعيات سلبية محتملة.

وقالت خليفة إن "عملية إخراج شاملة غير منسّقة ستكون مضرة".

وتابعت "ليست هناك برامج جدية في شمال شرق سوريا تساعد العائلات المغادرة في إعادة الاندماج، سواء عبر تقديم دعم اجتماعي أو نفسي لها أو عبر الاندماج في سوق العمل".

أ ف ب + المملكة