اعتبر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، الثلاثاء، أن تجدد المعارك في إقليم ناغورني كارباخ سببه الدعم التركي لأذربيجان، في حين أكدت أنقرة وقوفها بجانب باكو في النزاع داعية دول العالم إلى الاقتداء بها.

وقال باشينيان في مقابلة مع وكالة فرانس برس في يريفان "لولا التحرك الكثيف لتركيا لما بدأت هذه الحرب"، وذلك في اليوم العاشر من معارك دائرة حول الإقليم المتنازع عليه منذ عقود، أوقعت نحو 300 قتيل.

وأوضح رئيس الوزراء الأرميني أن "قرار بدء الحرب سببه دعم تركيا التام".

وجاءت تصريحات باشينيان بعيد موقف لوزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو حضّ فيه من باكو قادة دول العالم على دعم أذربيجان، مقللا من جدوى الدعوات لوقف إطلاق النار.

في الأثناء أفاد مسؤولون أرمينيون بتجدد القصف على مدينة ستيباناكرت، عاصمة الإقليم.

وأفاد مراسلو فرانس برس بسماع دوي انفجارات في المدينة التي تشهد منذ أيام قصفا متقطعا، وشاهدوا عددا من السكان يمرون بجانب قذيفة غير منفجرة في وسط المدينة التي امتلأت شوارعها ببقايا الزجاج المحطّم والركام.

وجاءت تصريحات وزير الخارجية التركي بعدما دعت روسيا والولايات المتحدة وفرنسا إلى وقف "غير مشروط" لإطلاق النار، وهي دعوة كرّرتها الثلاثاء بريطانيا وكندا اللتان أبدتا قلقا بالغا إزاء قصف المناطق السكنية.

والمواجهات العنيفة التي اندلعت في 27 ايلول/سبتمبر بين انفصاليين مدعومين من أرمينيا والقوات الأذرية حول إقليم ناغورني كارباخ المتنازع عليه، مستمرة من دون أي مؤشر إلى خفض التصعيد، ووسط توعد الجانبين بمواصلة القتال.

"أصحاب الحق"

وتحض الدول الغربية تركيا، الحليف القديم لأذربيجان، على استخدام نفوذها لدى باكو لاستعادة الهدوء، لكن تشاوش أوغلو قال إن على قادة العالم أن يرموا بثقلهم خلف باكو.

وقال تشاوش أوغلو إن "وضع هذين البلدين على قدم المساواة يعني مكافأة المحتل. على العالم أن يكون إلى جانب أصحاب الحق، وتحديدا إلى جانب أذربيجان".

ويعود الصراع على ناغورني كارباخ إلى التسعينيات عندما انفصل الإقليم ذو الغالبية الأرمينية عن أذربيجان متسببا بحرب أوقعت 30 ألف قتيل.

ولا يبدي أي طرف رغبة في خفض التصعيد رغم سقوط العديد من الضحايا المدنيين.

وأكدت أذربيجان مرارا انها لن توافق على وقف إطلاق النار ما لم تسحب أرمينيا قواتها، وهو موقّف كرّره الثلاثاء وزير خارجيتها جيهون بيرموف بقوله "سنقاتل حتى الرمق الأخير".

وفي مقابل تجديد تركيا دعمها لأذربيجان، أبدى رئيس الوزراء الأرميني "ثقته بأن روسيا ستساعد بلاده إذا تعرضت لهجوم مباشر.

وتنضوي أرمينيا ذات الغالبية المسيحية، في تحالف عسكري يضم دولا سوفياتية سابقة بقيادة روسيا التي لها قاعدة دائمة في أرمينيا لكنها لم تبد رغبة في تصعيد عسكري.

وصرّح باشينيان لفرانس برس "أنا واثق بأن روسيا ستفي بالتزاماتها إذا تطلب الوضع ذلك" في إطار التحالف العسكري القائم بين البلدين.

والثلاثاء أكدت وزارة الدفاع الأذرية ووزارة خارجية كارباخ استمرار المعارك على عدة جبهات.

وفي اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسن روحاني، قال رئيس أذربيجان إلهام علييف إن قواته سيطرت على مناطق محاذية لإيران وتنوي إقامة مراكز حدودية ونشر حرس الحدود.

ويؤكد كل من طرفي النزاع تكبيد الآخر خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، ويتهم كل منهما الآخر باستهداف مناطق مدنية.

وتوسعت رقعة النزاع في الأيام الأخيرة بعد أن طال القصف مدنا كبرى بينها عاصمة الإقليم ستيباناكرت، وغنجه ثاني أكبر مدن أذربيجان.

وأعلنت وزارة الدفاع الأذرية الثلاثاء أنها كبدت الانفصاليين خسائر فادحة ما أجبرهم على التراجع.

وأكدت تدمير مخزن ذخيرة قرب ستيباناكرت، ومنصات صواريخ ومدفعية.

تزايد القتلى

وأفاد الجانبان عن سقوط 286 منذ اندلاع القتال بينهم 46 مدنيا. لكن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.

ومعظم الوفيات المؤكدة هي في الجانب الأرميني الذي أفاد عن سقوط 240 من المقاتلين الانفصاليين. ولا تعلن أذربيجان عن أي خسائر في صفوف قواتها.

وتركيا حليف مقرب من أذربيجان التي تدين مثلها بالإسلام وتنطق بأحد فروع اللغة التركية. وتركيا متهمة بإرسال مرتزقة من سوريا وليبيا إلى منطقة المعارك.

وأدانت موسكو وقادة في العديد من العواصم الغربية إرسال مقاتلين أجانب عن طريق تركيا، وحضوا القيادة التركية على العمل نحو التوصل لتسوية سياسية للقتال.

وتحدث مدير جهاز الاستخبارات الأجنبية الروسية سيرغي ناريشكين الثلاثاء عن مقاتلين من مجموعات إرهابية بينها جبهة النصرة "وهم مئات بل الاف من المتطرفين الذين يأملون جني المال في الحرب الجديدة في كارباخ"، فيما قال الكرملين إن الأوضاع تشهد تدهورا.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لا يزال الناس يقتلون، وهذا الأمر غير مقبول".

وجمّدت المحادثات لحل نزاع كارباخ الذي أوقع 30 ألف قتيل، والذي يعد من أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي العام 1991، منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم سنة 1994، مع حدوث مناوشات بين الحين والآخر.

أ ف ب