طالب مختصون قانونيون وتربويون، بتشديد وتغليظ العقوبات على أشخاص اختطفوا فتى واعتدوا عليه بالضرب، وبتروا ساعديه، وفقؤوا عينيه، وعلى العقوبات التي تخلّ بالأمن المجتمعي وتروع المواطنين.

المحامية نور الحديد، التي تحمل شهادة عليا في علم الجريمة، قالت إن "الفتى تعرض لجناية الاختطاف في البداية ومن ثم التنكيل به، ومثل هذا الأسلوب في التنكيل يدل على أن النزعة الإجرامية الموجودة في مرتكبي الجريمة في غاية الخطورة، داعية إلى تطبيق قوانين رادعة على وجه السرعة في اتخاذ الحكم".

وفي تفاصيل الحادثة، اعتدت مجموعة من الأشخاص الثلاثاء على فتى بالأدوات الحادة على خلفية جريمة سابقة قام بها أحد أقربائه، حيث قاموا بضربه وبتر ساعديه وفقء عينيه.

ووجه جلالة الملك عبد الله الثاني، المعنيين بتوفير العلاج اللازم لفتى تعرض لجريمة بشعة في محافظة الزرقاء، وأكد على ضرورة اتخاذ أشد الإجراءات القانونية بحق المجرمين الذين يرتكبون جرائم تروع المجتمع، لافتا إلى أهمية أن ينعم المواطنون بالأمن والاستقرار.

وأمر جلالته بإحاطة الفتى البالغ من العمر 16 عاماً العناية الصحية اللازمة، عقب الاعتداء الذي أثار غضباً واسعاً بين الأردنيين.

وزير العدل بسام التلهوني، قال لـ "المملكة" الأربعاء، إن "القانون سيأخذ مجراه وسيتم تطبيق أشد العقوبات على مرتكبي الجرائم التي من شأنها الإخلال بالأمن والسلم المجتمعي وترويع المواطنين".

"عقوبة غير رادعة"

الحديد، قالت إن "العقوبة غير كافية لردع الجريمة، لأن من ارتكب بحقه الجُرم حدث، وعمره أقل من 18 عام، ويجب تغليظ العقوبات، إذ إن سلب أحد الأعضاء البشرية تعادل سلب الروح، بتواجد القصد الجرمي ابتداء عند ارتكاب جناية الاختطاف".

وأشارت إلى أن المعتدى عليه تعرض بحسب ما يظهر لـ "عجز كلي في جسده ويجب أن تعادل عقوبته جريمة سلب الروح وعقوبتها تصل إلى الإعدام، وخاصة مع وجود قصد جرمي يتمثل في وجود نية للجرم ابتداء من جناية الاختطاف بعد البحث عن المعتدى عليه".

وتنصّ المادة (335) من قانون العقوبات أنه "إذا أدى الفعل إلى قطع او استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، عوقب الفاعل بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات".

"عقوبة الاختطاف تصل إلى 6 سنوات وبتر ساعدي الفتى وفقء عينيه تصل إلى 10 سنوات وهتان العقوبتان لا تردعان المجرمين"، أضافت الحديد، داعية إلى عدم دمج القضية في عقوبة واحدة بهدف تخفيفها.

المحامي مازن القاضي، قال إن "قرار الاتهام سيحمل في طياته عقوبات مشددة تدور حول المادة 335 التي تتحدث عن قطع أو بتر أعضاء أي شخص في حال الاعتداء عليه والحد الأعلى لعقوبتها 10 سنوات".

"سيتم مراعاة وجود خلافات سابقة بين الأطراف والتي تعني أن الجريمة حصلت مع سبق الإصرار وقصد للمتهمين أن عندهم نية إزهاق روح المعتدى عليه جراء هذا التعذيب واستخدام أدوات حادة للاعتداء عليه"، بحسب القاضي.

وقالت الحديد إن "إلغاء عقوبة الإعدام تسببت في ارتفاع أعداد جرائم القتل وما يشوبها في الأردن".

وتنص المادة (302) من قانون العقوبات إلى أن "كل من خطف بالتحيل أو الإكراه شخصا وهرب به إلى إحدى الجهات عوقب بالحبس من سنتين إلى 3 سنوات إذا كان المخطوف على الصورة المذكورة ذكرا أكمل الثامنة عشرة من عمره ولا تقل عن سنتين إذا لم يكن قد أكملها".

وقال نقيب المحامين مازن ارشيدات لـ "المملكة"، إن "العقوبة قد تصل إلى الأشغال المؤبدة في حال جُمعت تهم الاختطاف والإيذاء والشروع بالقتل".

وقالت مديرية الأمن العام، في بيان، إن "المتهم الرئيسي في جريمة الزرقاء يحمل 172 أسبقية جرمية ألقي القبض عليه فيهن جميعاً وأُحيل للقضاء ولم يكن بحقه أي طلب أمني عند ارتكابه الجريمة بحق الفتى في الزرقاء"، موضحة أن "صلاحيات بقائه أو إخراجه من السجن بيد القضاء بحسب الإجراءات والمدد القانونية عن كل جريمة أحيل بها".

"تدمرت حياة ابني"

والدة الفتى المعتدى عليه، قالت لـ "المملكة" إن ابنها كان متجها لشراء الخبز ثم اختطفة أشخاص كانوا في مركبتين فيها نحو 8 أشخاص وأخذوه إلى منزل فيه أيضا 8 أشخاص وقاموا ببتر يديه وفقء عينيه".

القاضي، قال إنه "سيتم مراعاة اعتداء أكثر من شخص على هذا الفتى ما يعتبر في القانون تشكيل عصابة أشرار سندا للمادة 157 من قانون العقوبات وأنا أجزم أنه سيتم إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة على اعتبار أنها عصابة وسيتم اتخاذ كافة العقوبات الرادعة جراء ثورة المجتمع على هكذا أفعال".

"في هذه الحالة عقوبة الفاعل والمحرض والمتدخل يستوي فيها الأمر لجسامة الفعل وفظاعته وأي قاضي سيكون متشدد في العقوبة لأن الهدف وراءها هو الردع، بحسب القاضي.

وتنص المادة (157) من قانون العقوبات أنه "إذا أقدم شخصان أو أكثر على تأليف جمعية أو عقدا اتفاقيا بقصد ارتكاب الجنايات على الناس أو الأموال يعاقبون بالأشغال المؤقتة ولا تنقص هذه العقوبة عن 7 سنوات إذا كانت غاية المجرمين الاعتداء على حياة الغير"، فيما نص قانون منع الإرهاب، رقم 55 لسنة 2006 وتعديلاته، على اعتبار "تشكيل عصابة بقصد سلب المارة والتعدي على الأشخاص أو الأموال أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية في حكم الأعمال الإرهابية المحظورة".

"تدمرت حياة ابني ذو الـ 16 عاما وليس له ذنب وقاموا بضربه بـ (البلطة) على رأسه بهدف قتله وضربوه على قدميه ليتسببوا بإعاقة له"، أضافت والدة المعتدى عليه، مطالبة بإنزال أقسى العقوبات على المجرمين.

"جريمة مكتسبة لا تورث"

الاستشاري النفسي والتربوي موسى مطارنة، قال إن الجريمة تصنّف أنها "حدثت من قبل شخصية سادية عاشت على الانتقام وشخص تربى في أحضان العنف وهي اعتداء على الإنسانية وصاحبها يفتقد لكل المبادئ الإنسانية".

"الجريمة ليست عادية ولم تأت من ردّات فعل في حالات غضب وإنما جريمة منظمة ومخططة اتبعت أساليب سيئة في التعذيب والتمثيل في هذا الفتى، وهذا شكل من أشكال الجريمة التي لم يعتد عليها الشعب الأردني والشخص الذي قام بها مختل ولا يصنف كإنسان"، بحسب مطارنة.

وأضاف أن "الجريمة لا تورث لكن تكتسب، من خلال النشأة الاجتماعية والبيئة الأسرية، ولا نستطيع القول إن هذه الجريمة ظاهرة أو تفشت في المجتمع الأردني، لكنها تشير إلى أن هناك نوعا جديدا من الجرائم يثير الذعر والخوف ويجب أن يتم التعامل مع هذا النوع من الجرائم بشكل جدي وتوجيه وإرشاد المواطن إلى مثل هذه الجرائم في سبيل الحد من مثل هذه الجرائم".

وأشار بيان مديرية الأمن العام إلى أن "إجراءات إدارية تتخذ بالتنسيق مع الحكام الإداريين بحق مكرري ومعتادي ارتكاب الجرائم بعد الإفراج عنهم قضائياً لمزيد من الضبط الإداري وفرض الرقابة عليهم".

مدير مستشفى الزرقاء مبروك السريحيين، قال إن "العلامات الحيوية للفتى المعتدى عليه في الزرقاء جيدة"، مضيفا أنه "لا خوف على حياة الفتى المعتدى عليه لكنه بحاجة لعمليات كثيرة".

وأضاف لـ "المملكة" أن "إصابة الفتى في عينه اليمنى جسيمة وسطحية في اليسرى".

وأشار مطارنة إلى أن انعكاسات هذه الجريمة تسبب عند الأطفال حالة من الرهاب والخوف وعند الأسر حالة من عدم الاستقرار نتيجة الخوف على الأبناء من أن يتعرضوا لجرائم مماثلة فلا بد من إطلاق حملة توعية للمجتمع من أن هذه الجرائم ليست من سمات الإنسانية ويفضل عدم الحديث أو رؤية الأطفال لمثل هذه الجرائم لأنها تخلق عندهم حالة من الرعب ولها آثار نفسية جسيمة في المستقبل.

وقالت الحديد أن "الجريمة ظاهرة اجتماعية خلقية سياسية اقتصادية قبل أن تكون حالة قانونية، ووجدت مع وجود الإنسان ما دامت البشرية تصارع القيم في المجتمعات، وتعبير للموازنة بين صراع القيم الاجتماعية ومفهوم الإنسانية والضغوط الاجتماعية من قبل المجتمع، والانتقام هو الأساس في رد فعل السلوك الإجرامي".

ودعت إلى الاهتمام المتزايد والرقابة على المناطق التي تقع على أطراف المدن ذات الاكتظاظ السكاني المتزايد والقريبة ومن المصانع، وتشديد التركيز فيها حتى لا تكون مركزا مناسبا للانحراف، ومهيأة لارتكاب الجريمة، إذ إن معظم الجرائم التي شهدها المجتمع الأردني بدلالة الإحصاءات تقع على أطراف العاصمة.

المملكة