يتولى كريس سكايف أحد أهم وظائف بريطانيا، فهو "سيد الغربان" في برج لندن، لكن جائحة فيروس كورونا المستجد منعت تدفق السياح إلى المكان؛ مما شكّل تحديا لهذا الرجل يتمثل في ترفيه الطيور الشهيرة التي وجدت نفسها فجأة وحيدة دون أحد لملاعبته، أو سرقة الطعام منه.

فوفقا للأسطورة المتناقلة عبر الأجيال في بريطانيا، إذا غادرت كل الغربان البرج، فإن المملكة المتحدة ستنهار، وستغرق البلاد في الفوضى.

إلا أن القيود المفروضة بسبب الفيروس أدت إلى إغلاق مناطق الجذب السياحي في جميع أنحاء البلاد بما فيها البرج الملكي الذي شيّد قبل 1000 عام على ضفاف نهر التيمز.

وترك هذا الأمر سكايف أمام تحدٍّ غير مسبوق، يتمثل في ترفيه هذه الطيور التي اعتادت على وجود السياح والتقاط بعض الوجبات اللذيذة منهم.

كما أثار ذلك مخاوف من أن الطيور، المعروفة باسم "حارسة البرج" قد تحلّق بعيدا في محاولة للعثور على الطعام في مكان آخر، والأسوأ من ذلك، أن تتحقق الأسطورة مع مغادرة الغربان.

مرسوم ملكي

تعيش في البرج 8 غربان هي "ميرلينا" و"بوبي" و"إيرين" و"جوبيلي" و"روكي" و"هاريس" و"غريب" و"جورج".

ونص مرسوم ملكي، يُقال إنه صدر في القرن 17، على أنه يجب أن يكون في الموقع 6 من الغربان في الوقت نفسه، لكن سكايف قال، إنه يحتفظ باثنين إضافيين "تحسبا لأي طارئ".

وهي تتمتع بحرية التجول في المكان، وتقص أجنحتها قليلا بهدف منعها من التحليق بعيدا.

في آذار/مارس، عندما بدأت تدابير الإغلاق، أعطي سكايف وهو رقيب متقاعد خمسيني، وعنصر سابق في فرقة موسيقى عسكرية في فوج أميرة ويلز الملكي، إجازة مؤقتة من العمل.

لكنه بقي يأتي إلى المكان من أجل الاعتناء بالطيور الملكية وإطعامها مع ثلاثة من مساعديه.

وقال سكايف "خلال تلك الفترة، لم تكن الغربان ترى أحدا"، مضيفا "قمت ببعض التغييرات الطفيفة. على سبيل المثال، كان علي أن أبقيها مشغولة مع عدم وجود السياح، ولذلك كانت هناك أمور أقل لتفعلها".

وأوضح "لذلك أعطيتها ألعابا من شأنها أن تساعدها على الاستمتاع بيومها".

مع عدم وجود أشخاص حولها، وضع بالونات وسلالم، وحتى مرايا في أقفاصها من أجل ترفيهها، وأخفى الطعام في الأراضي المحيطة بالبرج لكي تعثر عليه.

خلال وقت الفطور، يوزع سكايف بزيّه الرسمي وجبات مؤلفة من فراخ وفئران تلتهمها الغربان برضى.

و"ميرلينا" هو الغراب المفضل لدى سكايف، وقد أصبح نجما على وسائل لتواصل الاجتماعي خصوصا "تويتر" و"إنستغرام".

وبمجرد انتهاء وقت الطعام، يفتح سكايف الأقفاص للسماح للطيور بتمديد أجنحتها.

وقد أعاد البرج فتح أبوابه في 10 تموز/يوليو، لكن الجائحة أثرت بشدة على عدد الزوار.

ففي تشرين الأول/أكتوبر 2019، كان يزور البرج نحو 60 ألف شخص أسبوعيا، لكن اليوم أصبح هذا العدد 6 آلاف فقط، وفقا لـ"هيستوريك رويال بالأسز" التي تدير المكان.

وأوضح سكايف أنه خلال فترة الإغلاق التام التي استمرت 3 أشهر، أعطي الغربان حرية أكبر لاكتشاف أجزاء أخرى من البرج.

وبهدف التأكد من عدم تحليقها بعيدا، قصت أجنحتها بشكل إضافي.

تدابير إغلاق في الأقفاص

تبقى الطيور حاليا في الأقفاص لوقت إضافي؛ للتأكد من أنها تأكل ما يكفي من الطعام، إذ لم يعد هناك عدد كبير من سلال المهملات في البرج بسبب انخفاض عدد الزوار.

وقال سكايف "لا أحب القيام بذلك"، وتابع أن الغربان قد تحبس في أقفاص لكن البرج هو موطنها الحقيقي.

وأضاف "وبالتالي لا أريد الاحتفاظ بغراب في مكان مغلق".

والآن، بعدما بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها، بدأت الغربان تتأقلم مجددا مع وجود السياح حولها.

سكايف اعتنى بالغربان على مدى السنوات الـ 14 الماضية بدافع من مودة واضحة، لكن أيضا من منطلق الشعور بالواجب التاريخي والوطني.

وختم "بالطبع، لا نريد أن تتحقق الأسطورة".

أ ف ب