قال وزير الثقافة باسم الطويسي، إن الخطّة الوطنيّة لعناصر التراث الثقافي غير المادّي للأعوام (2020-2024)، التي أقرها مجلس الوزراء الأربعاء، تأتي ضمن الجهود الوطنية لترسيخ الهوية الثقافية الأردنية.

وبين أن الخطة تستند على تجهيز وإعداد مجموعة من عناصر التراث الثقافي غير المادي والتي يُتطلع لوضعها على قائمة التراث العالمي التي ترعاها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

وأضاف الطويسي، الخميس، أن القائمة تتضمن قسمين، الأول التراث الثقافي غير المادي المستدام، والثاني التراث الثقافي المهدد بالانقراض، وتشمل حماية 16 عنصرا تراثيا والمحافظة عليها من خلال دعم النشر الثقافي، وفتح وإطلاق مسارات البحث العلمي حول موضوعاتها، وإنتاج المحتوى الإعلامي للترويج لها والتركيز عليها من منظور الصناعات الثقافية بتحويلها إلى منتجات ثقافية قابلة للاستدامة.

وأشار إلى أن هذه العناصر تشمل مجموعة من العروض الأدائية، والعناصر التي تتعلق بثقافة الطعام الأردني مثل المنسف، مبينا أن الوزارة تطمح إلى إعداد ملف متكامل عنه بحيث يصبح معترفا به عالميا كعنصر ثقافي وطني أردني، جنبا إلى جنب مع بعض العناصر مثل: الهجيني؛ التراث الثقافي لوحدة الهجانة الأردنية، والتراث الثقافي للزراعة في المناطق الوعرة، والتراث الثقافي المرتبط بالحصاد المائي في المجتمعات الريفية الأردنية.

ولفت إلى أن هذه العناصر وغيرها ستكون على قائمة أولويات عمل وزارة الثقافة خلال الأعوام الخمسة المقبلة في حماية التراث الثقافي غير المادي الوطني، مشيرا إلى أن مديرية التراث في الوزارة ستقوم برعاية هذا الجهد ومتابعة تنفيذ هذه الخطة الوطنية، وهناك قوائم جاهزة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي في مختلف المجالات وحسب الموضوع/ العنصر التراثي بالتعاون مع عدد من الخبراء والأكاديميين الأردنيين في الجامعات الأردنية.

وقال الطويسي "سيكون لكل عنصر ملف متكامل ومحتوى علمي ومحتوى ثقافي ومحتوى إعلامي للتعريف به وترويجه حتى يكون هذا العنصر معدا لترشيحه على القوائم العالمية التي ترعاها منظمة اليونسكو".

وأوضح أن الأردن وقع "اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي 2003"، الصادرة عن يونسكو عام 2006، والتي نصت على إنشاء قوائم عالمية للتراث الثقافي للبشرية، يتم من خلالها توثيق روائع التراث الثقافي للبشرية، والعمل على التعريف به وصونه ومنذ ذلك الوقت استطاع الأردن تسجيل عنصرين من التراث الثقافي الوطني هما: (الفضاء الثقافي للبدو في البتراء ووادي رم، والسامر الأردني) وعنصر جماعي عربي (النخلة العربية).

وأشار إلى أنه نظراً لتواضع حجم العناصر الوطنية المسجلة على قائمة التراث الثقافي غير المادي خلال هذه المدة، مقارنة مع ثراء ذاكرة التراث الوطنية الأردنية، تتقدم وزارة الثقافة بهذه الخطة التي تضم (16) عنصراً تراثياً سيتم العمل عليها خلال السنوات القادمة لكي تكون معدها للترشيح على القوائم العالمية.

وأوضح الطويسي أن التراث الثقافي أداة محركة للتّنمية المستدامة، وتذهب الممارسات الجيدة في العالم إلى أن خبرات الاهتمام بهذا التراث أفادت بشكل كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي استدامة البيئة، وأثبتت الممارسات التّقليديّة في مجالات التّغذية وإدارة الموارد المائيّة ونظم الطاقة، والاستثمار الرشيد للتراث الشفهي وتراث الطبيعة عبر الزّمن، دورها في تحقيق التّنمية الاجتماعية الشّاملة للجماعات، وتوفير البدائل الملائمة في أوقات الأزمات والكوارث.

وقال وزير الثقافة "إن وضع عناصر التراث على القوائم العالمية يعني ضمان الاعتراف العالمي بالعنصر الثقافي ونسبه الوطني والقومي للمجتمعات والدول، كما سيطلق جهودا وطنية متعددة لصون هذا العنصر من خلال التوثيق والبحث العلمي وإنتاج المحتوى الإعلامي، وضمان التوعية والتثقيف والدراية بالعنصر الثقافي، إلى جانب صون العنصر الثقافي والمحافظة عليه، والحد من تدهوره، ومن التهديدات التي قد يتعرض لها. كما أن العديد من العناصر التراثية ستكون ملائمة للاستثمار في الصناعات الثقافية والابداعية في مجالات السياحة والريادة وغيرها".

وبين أن عناصر القائمة الوطنية تشمل حسب هذه الخطة على 16 عنصرا هي: (المنسف الأردني، القضاء العشائري، الهجيني، التطريز التقليدي في الأردن، الاستمطار أو الاستسقاء في التراث الأردني، مهارات وتقنيات نسج البسط في الأردن، عادات القهوة في الأردن، الممارسات والعادات المرتبطة بزيارة مقام الخضر، الوسم عند القبائل الأردنية، الغناء المرتبط بآلة السمسمية العقباوية، الفنون الأدائية (الرقص والغناء) لدى الشراكسة الأردنيين، قصُّ الأثر، الداية وتقاليد الولادة في المجتمع الأردني، الفضاء الثقافي والتقاليد المرتبطة بوحدة الهجَّانة الأردنية، تقاليد الحصاد المائي في الريف الأردني، تقاليد الزراعة في المناطق الوعرة في الأردن)، مشيرا إلى أن هذه العناصر التي سيتم العمل عليها خلال الخمس سنوات المقبلة تنطبق عليها المعايير الدولية والمعايير الوطنية من حيث الفرادة والأصالة ومراعاة التنوع الثقافي.

وقال الطويسي إن الخطة تشمل على خطة فرعية تضم الإجراءات الموازية التي تعنى بصون التراث غير المادي وحمايته، والمجال الأول يشمل كافة الإجراءات التي تتخذها السلطات الرسمية لتعزيز البيئة الملائمة لنجاح هذه الخطة والتي تتطلب: إصدار تشريع يؤكد الاعتراف الرسمي بالتراث الثقافي غير المادي، ويسهم في توفير الحماية لعناصره، وتوفير الدعم للمجتمعات المحلية من خلال الهيئات والجمعيات المهتمة باستدامة عناصر التراث الثقافي غير المادي.

وفيما يتعلق في المجال الثاني، فهو التعريف بعناصر التراث ويشمل التعريف بعناصر القائمة الوطنية، والتعريف يعني زيادة تراكم المعرفة حول هذه الأنشطة، وتعمل المؤسسات الشريكة على التعريف بهذه العناصر، سواء أدرجت على القوائم العالمية أو أُجّلت.

ونوّه الطويسي إلى أن ما سبق يتطلب منح العناصر الوطنية الأولوية ضمن أولويات البحوث العلمية في مجالات التراث، من خلال مؤسسات البحث العلمي والجامعات، ودعم إدخال التعريف بهذه العناصر والمفاهيم المرتبطة بها في النظام التعليمي الوطني، سواء في المناهج أو في الأنشطة الإثرائية، وتشجيع حركة التأليف والنشر والترجمة المتعلقة بهذه العناصر، وإطلاق جوائز وطنية تعزز التعريف بهذه العناصر وتؤكد ضرورة صونها.

أما المجال الثالث فيركز على جانب الترويج، ويشمل كافة الأنشطة الاتصالية والإشهارية التي تسهم في زيادة الوعي حول العناصر الوطنية، وزيادة وصولها للمجتمع، سواء باستخدام وسائل الاتصال والإعلام أو من خلال الأنشطة الإشهارية الأخرى مثل: إقرار يوم وطني سنوي للتراث الثقافي غير المادي. إنتاج مواد إعلامية تعريفية بكل عنصر من هذه العناصر، تشمل النشرات والملصقات وإنتاج الأفلام الوثائقية، إنتاج محتوى إعلامي يعتمد على قوائم الجرد الوطني، يروي نماذج من الخطاب الشفهي حول هذه العناصر من مصادره الأصلية، وإنتاج مواد ومحتوى بصري يحتفي بهذه العناصر ويعرف بها ويؤكد الاعتزاز بها وتقديمه من خلال وسائل إعلام الخدمة العامة التي تتلقى تمويلا من الدولة، وإعداد قوائم وطنية لمالكي المعرفة والخبراء الشعبيين والأكاديميين في مجالات هذه العناصر، واختيار من ينطبق عليهم مفهوم (الكنوز البشرية)، والعمل على تكريمهم وتكريس حضورهم في أنشطة النفع العام.

ولفت وزير الثقافة أنه في مجال الاستدامة، تشمل الخطة الوطنية وضع برنامج لبناء القدرات والتدريب يضم مجموعة من المؤسسات المعنية بالتراث للتأهل في مجالات الجرد والحفظ والصون. ووضع ثلاث خطط فرعية للشراكة في إعادة توظيف العناصر الوطنية في الأنشطة الإنتاجية الأساسية، بمراعاة مبادئ المسؤولية والتنمية العادلة، وهذه الخطط هي: توظيف العناصر الوطنية في الصناعات الثقافية والإبداعية، توظيف العناصر الوطنية في التنمية البيئية والريفية، توظيف العناصر الوطنية في منتجات سياحية جديدة.

يشار إلى أن الخطّة تهدف إلى تعزيز وحماية البعد التراثي في الهويّة الوطنيّة، وصون عناصر التراث الثقافي غير المادّي، وحمايتها من الاندثار، ونشر الوعي بأهميّتها لدى المجتمع وحثّه على المساهمة في جمعها وتوثيقها، وتسعى للمساهمة في تعزيز موقف وزارة الثقافة في تسجيل عناصر وطنيّة على قوائم التراث الثقافي غير المادّي للبشريّة، والاستفادة من فرص حماية التراث التي ترعاها المنظّمات الأمميّة وغيرها؛ ما يسهم في نقل المعرفة وبناء القدرات في هذا المجال.

يذكر أن التراث الثقافي غير المادّي يعد أحد المجالات الأساسيّة في الدراسات الثقافيّة المعاصرة، ويتضمن أشكال التعبير والتقاليد الشفويّة بما فيها اللغة، وفنون وتقاليد العروض، والمعارف والممارسات المتّصلة بالطبيعة والكون، والممارسات الاجتماعيّة، والمهارات المرتبطة بالفنون الحرفيّة.

بترا