أعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب الأربعاء، فوزه في الانتخابات الرئاسية، فيما لا يزال فرز الأصوات مستمرا؛ مما استدعى هجوما مضادا على الفور من منافسه جو بايدن، الذي يبدو في وضع متقدم عليه للفوز.

بات شبح الأيام الطويلة من عدم اليقين، وحصول معارك قضائية حامية يخيم حاليا على أكبر قوة في العالم تشهد أساسا أزمات صحية، واقتصادية، واجتماعية كبرى.

وقال ترامب في كلمة مقتضبة في البيت الأبيض "بصراحة، فزنا في الانتخابات" متحدثا عن "تزوير" لكن بدون تقديم أي دليل ملموس على ذلك، وطالب بشكل مبهم جدا "بوقف (فرز) كل الأصوات" مؤكدا أنه يعتزم اللجوء إلى المحكمة العليا.

وإعلان ترامب فوزه بشكل سابق لأوانه عند الساعة 02:20 بالتوقيت المحلي (07:20 ت غ) يعتبر أمرا غير مسبوق لرئيس أميركي، فيما لا تزال الولايات تقوم بفرز الأصوات.

وصوت أكثر من 100 مليون ناخب، وهو رقم قياسي، قبل اليوم الانتخابي؛ بسبب المخاوف من ازدحام في مكاتب الاقتراع في أوج انتشار فيروس كورونا المستجد. ويعتقد أن معظم الديمقراطيين أدلوا بأصواتهم في البريد أكثر؛ مما فعل مناصرو ترامب.

"ولايات متأرجحة"

وقالت فوكس نيوز، إن النتائج الأولية تظهر فوز بايدن بولايات تمثل 238 مقعدا في المجمع الانتخابي، مقابل 213 لترامب، فيما تقول (سي إن إن) إن بايدن يتقدم بـ 227 مقعدا، مقابل 213 مقعدا لترامب، أما واشنطن بوست فذكرت أن بايدن أحرز 227 مقعدا في المجمع الانتخابي، مقابل 213 لترامب، وتقول أسوشيتد برس إن بايدن حاز 238 مقعدا، مقابل 214 لترامب.

يعتمد الحزبان الرئيسيان الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة على العديد من الولايات للفوز في الانتخابات الرئاسية، لكن هناك عددا من الولايات لا يمكن التنبؤ بهوية الفائز فيها؛ إذ تتعادل فرص المرشحين.

وهذه "الولايات المتأرجحة" فيها سكان منقسمون سياسيًا على نحو متقارب. فقد تأرجحت بين المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين في السنوات الأخيرة. إنها أرض المعركة التي يستهدفها المرشحون بإقامة الحملات، ونشر الإعلانات وتوظيف المساعدين.

وقال كريس والاس الصحفي في فوكس نيوز "إنه وضع قابل للاشتعال للغاية، ولقد رمى الرئيس الشرارة للتو".

وندد معسكر بايدن بتصريحات "فاضحة" وغير مسبوقة صادرة عن الرئيس.

وقال فريق الحملة الانتخابية الديمقراطية "إنها محاولة متعمدة لحرمان المواطنين الأميركيين من حقوقهم الديمقراطية" مؤكدا إنه مستعد "لمعركة" قضائية" في حال لجأ ترامب إلى المحكمة العليا.

وكان بايدن صرح في وقت سابق أنه على الطريق الصحيح للفوز، داعيا الأميركيين إلى التحلي بالصبر. 

وأضاف بايدن أمام مناصريه الذين تجمعوا في معقله ويلمينغتون في ديلاوير "حافظوا على إيمانكم، سنفوز!". وقال "نعتقد أننا على الطريق الصحيح للفوز بهذه الانتخابات".

في عدة ولايات حاسمة، لا تزال نتيجة السباق غير محسومة.

لكن الشيء المؤكد أن موجة المد الديمقراطي التي كان يأمل بها البعض في معسكر بايدن لتحقيق انتصارات تاريخية في كارولاينا الشمالية أو تكساس لم تتحقق.

 بايدن ينتزع أريزونا 

احتفظ الرئيس الجمهوري بفلوريدا، التي سبق أن فاز فيها عام 2016، مكذبا نتائج استطلاعات الرأي، كما فاز في أوهايو التي فاز فيها منذ العام 1964 كل المرشحين الذين وصلوا إلى الرئاسة. وفاز أيضا في تكساس المعقل الجمهوري الذي كان يبدو في أحد الأوقات مهددا.

لكن الطريق للفوز بولاية ثانية يبقى صعبا، لا يزال يتعين عليه الفوز بالقسم الأكبر من الولايات الأساسية الأخرى التي ساهمت في فوزه المفاجئ عام 2016.

السيناريوهات مختلفة بالنسبة لبايدن لتحقيق النصر. وقد فاز المرشح الديمقراطي في أريزونا، المعقل السابق للمحافظين، وأول ولاية تنتقل من معسكر إلى آخر في هذه الانتخابات مقارنة مع العام 2016.

وطريق بايدن إلى البيت الأبيض يمر عبر الشمال الصناعي للبلاد. ولا يزال عليه الفوز بولايتين على الأقل من الولايات الثلاث المتنازع عليها في الشمال الصناعي (بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن) التي سبق أن فاز فيها الملياردير الأميركي قبل أربع سنوات.

لكن في هذه الولايات فرز الأصوات قد يستمر حتى الأربعاء، أو حتى لعدة أيام لا سيما بسبب المستوى القياسي للتصويت عبر البريد.

ويحتاج المرشح إلى 270 صوتا من أصوات كبار الناخبين للفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية من أصل 538.

وحتى هذه المرحلة نال الرئيس الرئيس المنتهية ولايته 213 من أصوات كبار الناخبين فيما نال بايدن 238.

وعبرت ألمانيا عن قلقها "من وضع متفجر جدا" في الولايات المتحدة كما أعلنت وزيرة الدفاع.

وكما كان متوقعا إلى حد كبير، احتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس النواب، أمام مصير مجلس الشيوخ الذي لا يزال يسيطر عليه الجمهوريون يبقى غير معروف.

وبدون مفاجآت كبرى، فاز المرشحان بسرعة بالولايات التي كان من المتوقع أن يفوزا فيها. فقد صوتت إنديانا وكنتاكي وألاباما وإيداهو وتينيسي بين ولايات أخرى لمصلحة دونالد ترامب، فيما أعطت كاليفورنيا وفرجينيا ونيويورك وكولورادو وديلاوير أصواتها لبايدن.

 رفض ترامب 

بعد حملة أكثر تحفظا من حملة ترامب، زار بايدن الثلاثاء، في يوم الانتخابات ولاية بنسلفانيا الرئيسية التي ولد فيها، وتوجه إلى المكان الذي أمضى فيه طفولته.

وكتب على جدران منزل في سكرانتون أمضى فيه طفولته "من هذا المنزل، إلى البيت الأبيض بإذن الله".

في كل أنحاء البلاد، كان الدافع الأساسي للديمقراطيين الذين توجهوا إلى الاقتراع، هو رفضهم للرئيس المنتهية ولايته.

وقالت روزانا ارتياغا لورينزا (37 عاما) التي جاءت مع ابنها هنري لحضور السهرة الانتخابية حيث تحدث بايدن في ويلمينغتون "نريد مستقبلا أفضل لبلادنا".

في المقابل قال الأميركي المتحدر من هندوراس روبرتو مونتيسينوس والبالغ من العمر 71 عاما إنه صوت لمصلحة دونالد ترامب في ميامي قائلا "الوباء ليس ذنبه، من يقول ذلك جاهل".

 وفي مؤشر واضح إلى القلق الناجم عن الاقتراع، حصّنت متاجر عدة في مدن كبيرة منها واشنطن ولوس أنجليس ونيويورك واجهاتها؛ تحسبا لأعمال عنف قد تلي الانتخابات.

وأمام برج ترامب الشهير، انتشرت تعزيزات أمنية مع متاريس، وعدد كبير من عناصر الشرطة.

"الولايات المتحدة أولا"

طوال الحملة الانتخابية، بدت الولايات المتحدة بصورة بلد منقسم إلى معسكرين متخاصمين انقطعت سبل التواصل بينهما.

فعلى مدى أشهر، لوّح دونالد ترامب بخطر وصول "يسار راديكالي" إلى السلطة عازم على تحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى "فنزويلا على نطاق واسع". وقال الثلاثاء، لمحطة "فوكس نيوز"، "في حال فوزهم سيتغير بلدنا إلى غير رجعة".

ويكثّف الديمقراطيون وفي مقدّمهم جو بايدن، وباراك أوباما، تحذيراتهم من العواقب التي قد تكون مدمرة للمؤسسات الديمقراطية في حال فوز ترامب بولاية ثانية.

والمرشحان للانتخابات على طرفي نقيض. 

فمن جهة المرشح الجمهوري ملياردير من نيويورك، وقطب عقارات سابق، انتقل من تقديم برنامج لتلفزيون الواقع ليقتحم المعترك السياسي برسالة شعبوية تقوم على أساس "الولايات المتحدة أولا"، ولا يزال يصرّ على أنه "دخيل" على السياسة، رغم أنه أمضى أربع سنوات في البيت الأبيض.

من جهة أخرى، المرشّح الديمقراطي بايدن مخضرم في السياسة، متحدّر من الطبقة الوسطى. وقد أمضى 36 عاما عضواً في مجلس الشيوخ، وثماني سنوات نائباً لأوباما، وهو يعد ببلسمة جراح البلاد إذا فاز في "المعركة من أجل روح الولايات المتحدة".

المملكة + أ ف ب