تبحث زين وأشقاؤها في محيط منزلها عن إشارة إنترنت لاسلكية تساعدهم في التعلم عن بُعد، في مهمة تبدو صعبة، بعد تعليق التعليم الوجاهي في المدارس لمكافحة جائحة كورونا، التي أثرت أيضا على الاتصالات.

وتمكث زين وأشقاؤها فترات طويلة بحثا عن إشارة إنترنت، الضعيفة أصلا في قرية حميد، غربي محافظة المفرق، لكنهم مصرون على متابعة دروسهم بالرغم من هذه التحديات.

"شبكة الإنترنت تستمر في الانقطاع خلال متابعة الدروس على منصة (درسك) التفاعلية، وعند وصولها لا تكون الإشارة قوية بشكل كافٍ"، تقول زين لـ "المملكة". التي رصدت على مدار أكثر من عام ونصف شكاوى تلك المناطق من ضعف وانقطاع شبكات الاتصالات.

وتضيف: "يجبرنا هذا على التناوب في استخدام (حزم إنترنت) هاتف خلوي والدي، وأحيانا هاتف والدتي ... نريد أن نتعلم".

الحكومة، أعلنت عن استمرار دوام المدارس والجامعات والمراكز الثقافية ومعاهد التدريب المهني عن بُعد حتى نهاية الفصل الدراسي الأول، موضحة أنه "سيعاد تقييم الوضع قبل بداية الفصل الدراسي الثاني، وفقاً لمعطيات الوضع الوبائي".

شكاوى عدة وصلت "المملكة" من مواطنين يقطنون قرى في قضاء رحاب في محافظة المفرق شمالي الأردن؛ بسبب غياب إشارة البث عن هواتفهم النقالة منذ سنوات، وإرسالهم مخاطبات رسمية لمؤسسات عاملة في قطاع الاتصالات، موضحين أن "المشكلة زادت بعد تحويل التعليم إلكترونيا "عن بُعد".

وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة، قال في تصريحات صحفية سابقة، إن جائحة فيروس كورونا المستجد "كشفت العديد من التحديات التي تواجه انتشار الإنترنت، وانتشار الأجهزة الحاسوبية" في الأردن، مشيرا إلى أن "80% من طلبة المدارس تقدموا للاختبارات عبر الأجهزة الخلوية، وليس الحواسيب، أو الأجهزة اللوحية".

مدير قضاء رحاب، مخلد الحمّاد، قال لـ "المملكة" "إنه يتابع باستمرار انقطاعات الإنترنت، وخاطب جهات معنية لتوفير الأبراج اللازمة"، موضحا أن "الأقسام الفنية المعنية في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات كشفت على المناطق التي لا توجد فيها إشارات إنترنت ومخاطبة الشركات المشغلة لمعالجة الخلل".

"المملكة"، رصدت على مدار أكثر من عام ونصف شكاوى قاطني مناطق غربي المفرق من ضعف شبكات الاتصالات إلى حد الانقطاع، وانعدام التغطية.

 يقول زيد العمرو، أب لأطفال يتابعون دراستهم عن بعد، ويقطنون في وادي حميد: "عندما يكون لدى أولادي امتحان، لا أستطيع الانتظار حتى تعمل شبكة الإنترنت، واضطر إلى التوجه بهم في السيارة إلى أي منطقة فيها تلة عالية؛ لاستقبال الإشارة".

"عندما كنت طالبا جامعيا كنت اضطر للتوجه إلى هذه المناطق؛ للبحث عن شبكة اتصالات في عدة أوقات حسب جدول المحاضرات"، يقول العمرو، متسائلا: "ماذا ستفعل فتاة جامعية في هذه الظروف؟!".

بعض قاطني هذه القرى يقولون، إنهم "يواجهون أخطارا عدة في ظل انقطاع شبكة الاتصالات تتمثل في صعوبة التواصل مع الدفاع المدني، ومحاولة وصف الموقع، أو التواصل مع جهات رسمية وغير رسمية تقتضي الحاجة أن يتمكنوا من القيام بمكالمة هاتفية". 

هيئة تنظيم قطاع الاتصالات قالت في ردها على استفسارات "المملكة" حول منح الشركات ترددات إضافية مجانية "لوحظ انخفاض في سرعات الإنترنت في شهر آذار/ مارس الماضي؛ نظرا للازدياد الكبير في استخدام الإنترنت الناتج عن إغلاق المدارس والجامعات، والحجر المنزلي العام، واعتماد التعليم عن بُعد، إلا أنه ونتيجة لإجراءات الهيئة بمنح ترددات مجانية للشركات، تحسن أداء الشركات بشكل لافت للنظر ، حيث تقدم الأردن 30 مركزا من المركز 106 إلى المركز 76 عالميا".

"تمتلك الهيئة أحدث الأنظمة العالمية التي تعمل على قياس أداء الشركات بشكل ديناميكي ويومي، ويمكّن الهيئة من متابعة أي ضغوطات على الشبكات ومعظم مؤشرات الأداء، كما تعمل على مراقبة أداء منظومة شبكات الاتصالات المرخصة بشكل مستمر من خلال تقارير الشبكات الفنية الموردة للهيئة كل 12 ساعة، وتعمل على مطابقة المؤشرات من خلال أنظمة رقابة أداء الشبكات المؤتمتة لدى الهيئة (Crowdsourcing Systems) والمطبقة منذ عام 2018"، بحسب الهيئة.

وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي، قال، إن "الوزارة تدرك أن بعض المناطق لا توجد فيها شبكة إنترنت، وبعض الأسر لا تتوافر لديها مقومات تكنولوجية"، موضحا أن "الوزارة تنسق بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي لتحديد الفجوة الرقمية في هذا الأمر لشراء أجهزة لتقديمها على سبيل الإعارة لطلبة لا تتوافر لديهم متطلبات الدخول إلى المنصة؛ ليتمكنوا من متابعة دروسهم".

نائب محافظ المفرق حسن الجبور، أكد أنه "تواصل عدة مرات مع هيئة تنظيم قطاع الاتصالات وطالبهم بالكشف على المنطقة، والطلب من شركات الاتصالات الثلاثة العاملة، وتوفير أبراج لازمة لتقوية تغطية شبكة الإنترنت". 

مختص في قطاع الاتصالات، أكد لـ "المملكة" أن "إمداد المناطق البعيدة عن مناطق العاصمة والمحافظات وذات الكثافة السكانية المتدنية تكون مكلفة اقتصاديا، وغير مجدية على الشركات التي توفر تغطية اتصالات".

هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، قالت في تقرير صدر في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حول عملها خلال أزمة فيروس كورونا المستجد، إنها "منحت ترددات مجانية للقطاع الخاص؛ بهدف زيادة سعات شبكاتهم وتقوية البث ورفع سرعات الإنترنت ومضاعفة السعة التخزينية لمواقعهم الراديوية حتى يتسنى استخدام وسائل الاتصالات على اختلاف أنواعها دون انقطاع، إضافة إلى تأمين تغطية لشبكات الاتصالات في مناطق الحجر الصحي".

حول التحديات التي تواجهها منصة "درسك"، قال الهناندة في تصريح سابق، إن "الواجهات التي بنيت في ظروف انتشار فيروس كورونا المستجد، جاءت استجابة لظروف قاهرة وحاجة فورية، استدعت السرعة في اتخاذ القرار والتنفيذ".

"الظروف الحالية لم تعطِ الواجهات وقتا كافيا، وقد نجح بعضها وواجه الآخر تحديات في التطبيق، أو الاستخدام"، وفق الهناندة، الذي أشار إلى أنه "لم يكن هناك حل فوري يلبي متطلبات التعليم عن بُعد (عند إطلاق منصة درسك)، ولم يكن نظام التعليم جاهزا أو مدربا لهذا النوع من الانتقال الفوري، وبنت إحدى الشركات الأردنية التي تمتلك المهارات والقدرات اللازمة المنصة في وقت قياسي ومجانا من منطلق خدمة المجتمع.

ويقول أحد قاطني المنطقة، إنه "يمتلك 11 خط اشتراك هاتف وإنترنت في منزله، كلفتها الشهرية تزيد عن 110 دنانير دون الحصول على كامل الخدمة التي تعاقد عليها مع الشركة".   

مديرة إحدى مدارس القضاء، أكدت تفهمها لمعاناة الطلاب في متابعة دروسهم عبر التطبيقات الموصولة بالإنترنت"، لكنها تضيف: "المدرسة والمعلمات ليسوا بأفضل حال من الأهالي، فالاتصال ينقطع، ولا تستطيع المعلمات إرسال فيديوهات للطلاب في مختبر المدرسة".

"الأمر لا ينتهي عند الضعف الفظيع لشبكة الاتصال، بل إن قوة شبكة الكهرباء ليست بأفضل حال؛ حيث يتعذر مثلا إضاءة أكثر من مصباح في غرف الهيئة التدريسية والإدارية". 

مجلس الوزراء، وافق منتصف العام الحالي على تمديد منح ترددات إضافية لشركات الاتصالات المحلية؛ لاستيعاب حركة الاتصالات والإنترنت حتى نهاية العام الحالي، بهدف دعم التصفح على منصة "درسك" للتعلم عن بُعد؛ نظرا لأن الجائحة لم تنتهِ بعد".

وطرحت الحكومة، عطاءً لشراء 300 ألف جهاز حاسوب شخصي "لابتوب" للطلبة غير المقتدرين في ظل التعليم "عن بُعد" وأهمية الوصول إلى الإنترنت، فقد قال الهناندة، إن "الوزارة مستمرة في عطاء شراء أجهزة حاسوب لطلبة المدارس غير المقتدرين قبل بداية الفصل الدراسي الثاني".

المملكة