أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني، الحكومة، الأربعاء، بتبني سياسة مالية "معاكسة للدورة الاقتصادية" لموازنة العام 2021، في ظل ارتفاع الدين العام، وزيادة معلات البطالة؛ بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.

وأكد المنتدى في بيان له، "ضرورة أن تتبنى الحكومة سياسة مالية معاكسة للدورة الاقتصادية، ففي معظم الاقتصادات المتقدمة تزيد الحكومات إنفاقها عندما ينخفض النمو الاقتصادي، وتخفض إنفاقها، أو تقوم بتثبيته عندما يزدهر النمو فيها". وأشارت إلى أن "تبني السياسة المالية (المعاكسة للدورة الاقتصادية) لا يعزز الاستقرار الاقتصادي فحسب، بل يعزز أيضاً النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي".

وارتفع معدل البطالة من 19% في الربع الأول من 2020 إلى 23.9% خلال الربع الثالث من ذات العام. وتحدث المنتدى في ورقة له أن "جائحة كورونا والتداعيات الناجمة عنها ستؤدي إلى تراجع معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي؛ مما يعني زيادة في معدلات البطالة بنهاية 2020 لمستويات غير مسبوقة".

"الاقتصاد الأردني يواجه العديد من التحديات قبل ظهور جائحة كورونا، إلا أن هذه الجائحة أدت إلى تفاقم الأزمة في الأردن، والمتمثلة بتواضع مستويات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة (خاصة بين فئة الشباب)، إضافة إلى العجز المستمر في الموازنة العامة، وزيادة مستويات الدين العام" وفق المنتدى.

ورجح المنتدى، ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2021، حيث زادت النسبة في 2019 من 95.2%، إلى 109% بنهاية آب/أغسطس 2020، "بسبب ما نجم عن جائحة كورونا".

وأكد "ضرورة أن يسعى قانون الموازنة العامة لعام 2021 إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الحفاظ على توفير الخدمات العامة (مثل الصحة والتعليم) وحماية فئات الدخل المنخفض".

واستعرضت الورقة ارتفاع عجز الموازنة لعام 2020 (باستثناء المنح الخارجية) من 1.044 مليار دينار أردني (كانون الثاني/يناير – آب/أغسطس 2019) إلى 1.658 مليار دينار أردني (كانون الثاني/يناير – آب/أغسطس 2020)، مع إمكانية توسع هذا العجز بنهاية عام 2020.

وأشارت الورقة إلى تناقص النفقات الرأسمالية كنسبة من إجمالي الإنفاق العام خلال السنوات الأخيرة من 8.1% (كانون الثاني/يناير – آب/أغسطس 2019) إلى 5.9% (كانون الثاني/يناير – آب/أغسطس 2020)، وهو ما يعتبر "مؤشراً سلبياً، نظراً لحاجة الاقتصاد الأردني إلى مشاريع تنموية تساهم بتعزيز منعة الاقتصاد".

وحللت الورقة العلاقة بين التغيرات السنوية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي والإنفاق العام، حيث كانت العلاقة (معامل الارتباط) بين التغير السنوي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والتغير السنوي في إجمالي الإنفاق العام الحقيقي في الأردن تساوي (+0.488 خلال الفترة 1970-2019) و (+0.332 خلال الفترة 2000-2019)، وهو ما يعني أن "زيادة الإنفاق العام تنعكس إيجابا وبنسب متفاوتة على الناتج المحلي".

وشكل الإنفاق على الأجور لموظفي القطاع العام، وتعويضات المتقاعدين وفوائد الدين العام (المحلي والأجنبي) ونفقات الدفاع نحو 82٪ من إجمالي النفقات الجارية خلال الفترة بين (2016-2018).

وارتفعت هذه النسبة من 84.0% (كانون الثاني/يناير – آب/أغسطس 2019) إلى 87.8% (كانون الثاني/يناير – آب/أغسطس 2019)، مما "يشير إلى أن الحكومة لا تمتلك مساحة كبيرة، أو هامشا مريحا في إعادة تخصيص مواردها المالية أو أولويات سياساتها" وفق الورقة.

وتراجعت الإيرادات المحلية؛ بسبب تداعيات الجائحة، حيث ارتفعت بشكل ثابت خلال الفترة بين (2016 – 2019)، إلا أنه انخفضت في مجموع الإيرادات من 4.7 مليار دينار (كانون الثاني/يناير – آب/أغسطس 2019) إلى 4.1 مليار دينار (كانون الثاني/يناير – آب/أغسطس 2020).

وأوضحت الورقة إلى أن السبب في انخفاض إجمالي الإيرادات الحكومية يعود إلى تراجع الإيرادات غير الضريبية (إيرادات أخرى) بنحو 851 مليون دينار (1.652 مليار دينار إلى 800.7 مليون دينار)؛ وتشمل مصادر هذا التراجع في الإيرادات غير الضريبية إلى تراجع النشاط الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا من خلال إيرادات بيع السلع والخدمات (تسجيل الأراضي، ورسوم رخص، وطوابع واردات)؛ وإيرادات دخل الملكية (الفوائض المالية، فوائد قروض مستردة)؛ وإيرادات مختلفة (بدل خدمات جمركية، وعائدات التعدين). في المقابل، ارتفع إجمالي الإيرادات الضريبية من 3.1 مليار دينار أردني (كانون الثاني -آب 2019) إلى 3.3 مليار دينار أردني (كانون الثاني -آب 2020).

وأوصت الورقة بضرورة النظر إلى معدلات البطالة التي ستظهر في نهاية عام 2020 بشكل جدي ومختلف عما سبق، الأمر الذي يتطلب بذل جهد أكبر في تحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام، يكسر حلقة البطالة المرتفعة في الأردن، إضافة إلى أهمية التخطيط على المديين القصير والبعيد.

وفيما يخص السيايسات على المدى القصير، يجب أن تكون الموازنة العامة توسعية، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الموازنة مواجهة للدورة الاقتصادية من خلال تخصيص موارد مالية إضافية لقطاعي الصحة والتعليم. وتخصيص موارد إضافية للخدمات الاجتماعية (صندوق المعونة الوطنية)، وتخصيص موارد إضافية إلى الاستثمار الرأسمالي العام في سبيل تحقيق انتعاش اقتصادي لتحريك عجلة الاقتصاد بعدما تسببت جائحة كورونا بنوع من الركود الاقتصادي، مع إعطاء الأولية للدين المحلي بهدف تنشيط البنوك المحلية.

فيما يقتضي الجانب بعيد المدى توفير خدمات عامة "كافية" و "فعالة" مع ضرورة الحفاظ على تقليل مستوى العجز في الموازنات ومستويات الدين العام؛ وإلا فإن السياسة المالية ستصبح مصدرًا لعدم استقرار الاقتصاد الكلي؛ مما يتطلب ضرورة إعادة النظر في قانون الضريبة الحالي، والسعي إلى اتخاذ تدابير علاجية، حيث إن (70٪) من إجمالي الإيرادات الضريبية تنبع من ضريبة المبيعات، وتعد هذه النسبة واحدة من أعلى النسب في العالم، وهو ما يستوجب التعديل والعلاج.

المملكة