توصل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الخميس إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد بريكست من شأنه أن يخفف وطأة الضربة الاقتصادية الناجمة عن مغادرة المملكة المتحدة الوشيكة للتكتل بعد شهور من المفاوضات المضنية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن "الاتفاق تم"، مشددا على أن بلاده ستبقى حليفة أوروبا و"سوقها الأول".

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين "توصلنا أخيرا إلى اتفاق. كان طريقا طويلا وصعبا، لكننا أبرمنا اتفاقا جيدا في نهايته. ستكون السوق الأوروبية منصفة وستبقى كذلك".

وغادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسميا في كانون الثاني/يناير بعد استفتاء أحدث انقسامات عميقة في 2016، فكانت أول دولة تنفصل عن المشروع السياسي والاقتصادي الذي ولد تزامنا مع إعادة بناء القارة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

لكن لندن ستبقى ملزمة بقواعد الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الانتقالية التي تنقضي منتصف ليل 31 كانون الأول/ديسمبر، عندما تغادر المملكة المتحدة سوق التكتل الموحدة واتحاده الجمركي.

وتأخّر إقرار الاتفاق النهائي المكوّن من ألفي صفحة جرّاء خلافات في اللحظات الأخيرة بين الجانبين بشأن تفاصيل حول حق وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية بعد نهاية العام.

وشكرت فون دير لايين المفاوضين البريطانيين وقالت إنه على الرغم من أن المملكة المتحدة ستصبح "دولة ثالثة" إلا أنها ستبقى شريكا موثوقا.

وقالت "يصب هذا الاتفاق في مصلحة المملكة المتحدة وسيضع أسسا صلبة لبداية جديدة مع صديق تاريخي".

وأضافت "كما يعني أنه بات بإمكاننا أخيرا طي صفحة بريكست وبأن تواصل أوروبا المضي قدما".

وقال رئيس الوزراء الايرلندي مايكل مارتن الذي كان بلده العضو في الاتحاد الأوروبي سيتأثّر بشدّة لو أن سيناريو بريكست بدون اتفاق تم، إن الاتفاق "مرحّب به جدا".

وأفاد عبر تويتر "بينما سنفتقد المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أن حقيقة أنه تم التوصل إلى اتفاق يعني الآن أنه بإمكاننا التركيز على كيفية إدارة علاقة جيّدة في السنوات المقبلة".

من جهتها، أعربت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن "ثقتها" بأن الاتفاق "نتيجة جيدة" للمفاوضات في وقت سيتعيّن الآن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إقراره.

وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"وحدة وحزم" الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن ذلك أثمر عن النجاح في التوصل إلى الاتفاق.

مصادقة

وأعلن مجلس العموم البريطاني أنه سينعقد الأربعاء المقبل للمصادقة على الاتفاق، قبل 48 ساعة من دخوله حيّز التنفيذ. وأكد حزب العمّال المعارض نيته التصويت لصالح الاتفاق.

أوروبيا، سيكون على فون دير لايين إرسال نص الاتفاق إلى عواصم دول التكتل.

ويتوقع أن تستغرق دول التكتل ما بين يومين أو ثلاثة لتحليل الاتفاق واتّخاذ قرار بشأن إن كانت ستقر تطبيقه الموقت.

وفور التوقيع عليه ونشر نصه في مجلة الاتحاد الأوروبي الرسمية، يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ في 1 كانون الثاني/يناير عندما تكون بريطانيا غادرت السوق الأوروبية الموحدة.

ومن ثم ستكون لدى البرلمان الأوروبي فرصة إقراره بأثر رجعي في مرحلة ما من عام 2021، وفق ما أفاد المتحدث باسم الهيئة التشريعية ديفيد ساسولي.

وإذا سار كل شيء وفق المخطط، فسيكون فريقا التفاوض أبرما اتفاقا ضخما في مدة قياسية.

ويزيح اتفاق اللحظات الأخيرة الخطر من إمكانية خروج بريطانيا من التكتل من دون قواعد متابعة بعد 47 عاما من التاريخ المشترك.

ومع خروج بريطانيا من السوق الموحدة ومنطقة الاتحاد الجمركي، سيظل المتعاملون التجاريون عبر المانش يواجهون مجموعة من القواعد الجديدة والتأخيرات.

ويتوقع خبراء اقتصاد بأن يتضرر كلا الاقتصادين اللذين أضعفهما بالفعل وباء كوفيد-19، مع تعطل سلاسل الإمداد وازدياد التكاليف.

لكن التهديد بالعودة إلى التعريفات أزيل، وستبقى العلاقات بين الشركاء السابقين على أسس راسخة.

وتعتبر الصفقة نجاحا كذلك لفون دير لايين وكبير مفاوضيها ميشيال بارنييه، اللذين قادا ما يقرب من عشرة شهور من المحادثات المكثفة مع نظيرهما البريطاني ديفيد فروست.

وبعد استفتاء عام 2016، الذي اختار فيه الناخبون البريطانيون مغادرة الاتحاد، تفاخر مؤيدو خروج بريطانيا من التكتل بأنهم يمكن أن يظفروا بـ"أسهل صفقة تجارية في التاريخ".

وكانت وجهة نظرهم هي أنه بعد ممارسة الأعمال التجارية وفقا لمعايير ولوائح الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة، ستكون الاقتصادات متناسبة مع بعضها البعض.

لكن العواصم الأوروبية كانت قلقة من أنه إذا قام منافس تجاري كبير يقف على أعتابها بتحرير صناعته، فإن شركاتها ستواجه منافسة غير عادلة.

وأصرت بروكسل على أن الطريقة الوحيدة لإبقاء الحدود البرية بين أيرلندا والمملكة المتحدة مفتوحة هي إبقاء أيرلندا الشمالية، وهي مقاطعة بريطانية، ضمن اتحادها الجمركي.

ورفضت الدول الأعضاء التخلي عن حق الوصول إلى مياه الصيد البريطانية الغنية بالثروة السمكية، حيث تستفيد فرنسا وبلجيكا والدنمارك وأيرلندا وهولندا منها بشكل كبير.

وظهرت مسألة الثروة السمكية كآخر حجر عثرة في وقت متأخر هذا الأسبوع عندما رفضت الدول الأعضاء - بقيادة فرنسا - عرضا من المملكة المتحدة.

وحاولت لندن خفض حصة أساطيل الصيد في الاتحاد الأوروبي البالغة حمولتها السنوية نحو 650 مليون يورو بأكثر من الثلث، بحيث تدخل التغييرات حيز التنفيذ على مراحل على مدى ثلاث سنوات.

وأصر الاتحاد الأوروبي، ولا سيما البلدان التي لديها أساطيل صيد شمالية مثل فرنسا والدنمارك وهولندا، على 25 في المئة على مدى ست سنوات على الأقل.

وأفاد مسؤول الخميس أنه سيكون على الصيادين الأوروبيين بموجب اتفاق الخميس التخلي عن ربع الثروة السمكية التي يحصلون عليها حاليا في المياه البريطانية خلال السنوات الخمس ونصف المقبلة.

وسيتم التفاوض على الوصول إلى المياه البريطانية على أساس سنوي بعد انقضاء الفترة الانتقالية.

بدوره، شدد بارنييه بعد إبرام الاتفاق على أن الاتحاد الأوروبي "سيدعم صياديه، وسيرافقهم".

قادة أوروبا يشيدون باتفاق ما بعد بريكست

أشاد قادة سياسيون أوروبيون الخميس بالتوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لفترة ما بعد بريكست يهدف إلى إرساء أسس تعاون مستقبلي طويل المدى.

بريطانيا

أشاد رئيس الوزراء البريطاني بما اعتبر أنه "اتفاق جيد لكل أوروبا" يوفر "استقرارا جديدا ويقيناً جديدا" في العلاقات.

وقال رئيسا الوزراء السابقين ديفيد كاميرون وتيريزا ماي اللذان استقالا على خلفية بريكست، إن الاتفاق "مرحب به جدا". واعتبرت ماي أنه "يمنح الثقة للأعمال ويساعد في الحفاظ على تدفق التجارة".

وقال رئيس حزب العمال المعارض كير ستارمر إنه "عندما يصل الاتفاق إلى البرلمان، سيقبله حزب العمال ويصوت لصالحه". لكنه أضاف متوجها إلى حكومة جونسون "نقبل هذا الاتفاق، لكنكم تتحملون تداعياته وحدكم" 

أما رئيس "حزب بريكست" نايجل فاراج فقال إن "هذا الانتصار تكريم للرجال والنساء العاديين الذين واجهوا مؤسسة ويستمنستر وانتصروا (...) بريكست هو بداية النهاية للاتحاد الأوروبي".  

الاتحاد الأوروبي 

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إن "هذا الاتفاق كان يستحق القتال.

لدينا الآن اتفاق منصف ومتوازن مع المملكة المتحدة. سيحمي مصالحنا في الاتحاد الأوروبي ويضمن التنافس العادل".

أما كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه فقد نبه إلى أن "هذا الاتفاق سيتطلب جهودا"، ودعا خاصة إلى دعم الصيادين الأوروبيين بالنظر إلى أن ملف الصيد البحري كان أعقد الملفات في المفاوضات.

إيرلندا 

قال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن إن الاتفاق "يمثل تسوية جيدة ونتيجة متوازنة" وسيجنب فرض حواجز حدودية تجارية مع إيرلندا الشمالية، وشدد على أن "المملكة المتحدة ستكون دائما صديقا مقربا وشريكا".

شمال إيرلندا 

قالت رئيسة الوزراء أرلين فوستر "هذه بداية حقبة جديدة في العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ونرغب في إيرلندا الشمالية في دفع الفرص التي توفرها الترتيبات الجديدة لاقتصادنا المحلي إلى أقصاها".

 اسكتلندا 

قالت رئيسة الوزراء الاسكتنلدية نيكولا ستورجن في تغريدة إنه "من المهم التذكير أن بريكست يجري ضد رغبة اسكتلندا. ولا يمكن لأي اتفاق على الإطلاق أن يعوّض عمّا أخذه بريكست منا. الوقت حان لنرسم مستقبلنا الخاص كدولة أوروبية مستقلة".

فرنسا 

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تويتر إن "وحدة وحزم أوروبا أثمرا"، مضيفا أن "الاتفاق مع المملكة المتحدة ضروري لحماية مواطنينا وصيادينا ومنتجينا"، وختم بأن "أوروبا تتقدم، ويمكنها أن تنظر للمستقبل موحدة وسيدة وقوية".

ألمانيا 

قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إنها "واثقة" من أن الاتفاق يمثل "نتيجة جيدة" يمكن لألمانيا دعمها.

إسبانيا 

قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على تويتر إن "مبدأ الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة مرحب به"، وأضاف "تواصل إسبانيا والمملكة المتحدة الحوار للتوصل إلى اتفاق بشأن جبل طارق".

 هولندا 

قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته على تويتر إن "التوصل إلى اتفاق حول شراكة جديدة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إثر مفاوضات شاقة خبر رائع"، وأثنى على ميشال بارنييه وأورسولا فون دير لايين على "جهودهما الحثيثة".

البرتغال 

قال رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا على تويتر "أرحب بحرارة بالتوصل إلى اتفاق مع المملكة المتحدة"، مشددا على أنها ستبقى شريكا وحليفا مهما.

إيطاليا

قال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي على تويتر "خبر سار: تم التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة". وأضاف أن "مصالح وحقوق الأعمال والمواطنين الأوروبيين مضمونة. ستكون المملكة المتحدة شريكا وحليفا محوريا للاتحاد الأوروبي وإيطاليا".

النمسا 

قال المستشار النمسوي سيباستيان كورتز على تويتر "أرحب بتمكن المفاوضين من التوصل إلى اتفاق حول علاقة الاتحاد الأوروبي مستقبلا مع المملكة المتحدة"، وأضاف "الآن سندرس الاتفاق بعناية".

رومانيا 

قال الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس على تويتر "ترحب رومانيا بالشراكة المتفق عليها في العلاقات المستقبلية. سيحمي هذا الاتفاق مصالح الشركات والمواطنين -هدف رومانيا الأساسي خلال هذه المفاوضات".

الدنمارك 

قال وزير خارجية الدنمارك ييبا كوفود إن "مسودة الاتفاق هي أفضل هدية عيد ميلاد يمكن أن تتبادلها دول الاتحاد الأوروبي الـ27 والمملكة المتحدة".

ليتوانيا 

قال وزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرجيس إن الاتفاق "توضيح منتظر منذ وقت طويل لكل من ترتبط حياتهم اليومية مع المملكة المتحدة (...) بالنسبة لليتوانيا، من المهم جدا إقامة علاقات وثيقة طويلة الأمد مع المملكة المتحدة". 

لاتفيا 

قال وزير خارجية لاتفيا إدغارس رينكيفيتش إن "لاتفيا تشيد بالاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. سندرس الآن كل التفاصيل قبل الموافقة عليه". 

النروج 

قالت رئيسة وزراء النرويجية إرنا سولبرغ إن الاتفاق "خير جيد للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والنروج". 

السويد 

قال رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين إنه "بوجود اتفاق، نكون مسلحين بشكل أفضل (...) لدينا الآن إطار تعاون مستقبلي وثيق بين المملكة المتحدة والسويد والاتحاد الأوروبي". 

فنلندا 

اعتبرت الوزيرة الفنلندية للشؤون الأوروبية تياتي توبورانين أن الاتفاق "ممتاز" لأنه "مفيد للطرفين". 

اليونان

قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إن "وحدة الاتحاد الأوروبي بقيت قوية خلال مسار شاق، وقد تمت حماية مصالح الدول الأعضاء. يمكننا الآن بناء علاقة متبادلة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تعود بالنفع على الطرفين".     

أ ف ب