تحت سماء رمادية ممطرة، حضر حشد صغير، الخميس، لمشاهدة موكب عيد الميلاد التقليدي في شوارع بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة الذي يجتذب عادة الآلاف كل عام.

وخيم على ساحة المهد، التي عاد ما تكون فيها ذروة الاحتفالات بعيد الميلاد، الحزن والخوف، فغاب عنها الحجيج والسياح والزوار، بينما حضر عدد قليل من الأفراد، فيما ألغيت كافة الفعاليات الاحتفالية من فقرات غنائية ومسرحية.

لكن لم يشاهد العرض سوى بضع مئات من الأشخاص الذين وضعوا كمامات وحملوا مظلات فيما رفرفت الأعلام الفلسطينية وأعلام الفاتيكان على وقع الطبول وأصوات مزاريب القربة.

قالت جانيا شاهين إن "الأمر مختلف هذا العام لأننا لا نأتي للصلاة في كنيسة المهد، لا يمكننا الاجتماع مع العائلة، الجميع خائفون". وقد حضرت جانيا العرض مع زوجها وطفليها في ساحة المزود أمام كنيسة المهد.

وأضافت "رؤية الناس هنا اليوم تبعث على البهجة، لكن الساحة خالية مقارنة بالعام الماضي. لم يحضر سوى أهالي بيت لحم".

وبسبب الجائحة تقرر ألا يقام قداس عام مساء يوم 24 كانون الأول/ديسمبر في الكنيسة، كما لن تنظم مواكب للقادة الفلسطينيين، بل قداس لعيد الميلاد يجمع رجال الدين فقط وينقل مباشرة إلى جميع أنحاء العالم.

ووجدت أسرة جريس قمصية من مدينة بيت ساحور غرب بيت لحم، نفسها محرومة من المشاركة في احتفالات عيد الميلاد المجيد حسب التقويم الغربي، بعد أن أصاب أفرادها فيروس "كورونا"، فخضعت للحجر الصحي.

"في مثل هذا اليوم وبحكم عملي في وزارة السياحة والآثار منذ 18 عاما، كنت حريصا على التواجد منذ الصباح الباكر في ساحة المهد، للمشاركة في تنظيم الأمور المتعلقة بالاحتفالات، لكن هذا العام أجبرتني إصابتي بالفيروس على البقاء في الحجر بالمنزل رفقة اسرتي" قال قمصيه.

وأضاف أنه "سيغيب أيضا للمرة الأولى عن قيادة الفرقة الكشفية المشاركة، التابعة لمجموعة النادي الأرثوذكسي العربي، التي تسبق دخول موكب غبطة البطريرك".

يقول قمصية إن زوجته وجدت نفسها غير قادرة على مشاركة بناتها الثلاث غير المصابات في تحضيرات الأجواء الخاصة بالمناسبة من تزيين شجرة الميلاد، وصنع الحلوى، لكن هذا لم يمنعهم من إضاءتها، لإدخال أجواء البهجة والفرحة الى قلوبهن،

"كورونا حرمتنا أيضا من أن نذهب إلى ساحة المهد والتقاط الصور التذكارية وكذلك التسوق وشراء احتياجات العيد".

وعلى جنبات ساحة المهد، وقف أصحاب المحال لبيع التحف الشرقية والمطاعم خارجها ينتظرون قدوم الزبائن.

وبمحاذاة كنيسة المهد، جلس رجا قمصية أمام محله لبيع التحف، وقال إن "كورونا" قتلت فينا الفرحة كما ألحقت بنا خسائر جمة بعد غياب الحجيج والزوار حتى من داخل الوطن.

وتابع قمصية أن دخله تراجع كثيرا، وساءت الأحوال المادية لديه، انعكاسا للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها بيت لحم وعموم فلسطين، حيث تعاني كافة المرافق السياحية من وضع صعب.

والداخل الى كنيسة المهد يقف أمام مشهد غير مألوف بدءا من الرواق الواصل الى ساحة الكنيسة فوق مغارة الميلاد، ومكان إضاءة السموع والايقونات وصولا إلى المغارة الفارغة إلا من بعض رجال الدين، وهي التي كانت في مثل هذه الأوقات تعج بالمحتفلين والمؤمنين.

وحرص صليبا رشماوي الذي حضر برفقة زوجته وطفليه على إضاءة شمعة أمل، قائلا "جئت اليوم للمشاركة في أجواء العيد المنقوصة، مع أخذ الحيطة والحذر واتخاذ كافة الاجراءات الوقائية.

وقرب شجرة الميلاد وسط ساحة المهد، اخذت الطفلة سيلينا صبابا (14 عاما)، بالتقاط صور تذكارية، وقالت "اليوم يختلف كثيرا عن السابق، لم أشعر بالفرحة، حضرت وأنا مترددة خوفا من كورونا رغم وضعي كمامة وتعقيم اليدين، وبيت لحم حزينة جدا هذا العام".

وكانت وزيرة السياحة الفلسطينية رولا معايعة قالت إن الأضرار التي تكبدها قطاع السياحة الفلسطيني جراء جائحة كورونا جسيمة وكبيرة، حيث ومع نهاية العام الحالي سيكون القطاع قد تكبد خسائر تفوق مليار ونصف دولار.

أ ف ب + وفا