أوقعت غارات إسرائيلية على مخازن أسلحة ومواقع عسكرية في شرق سوريا الأربعاء 57 قتيلاً على الأقل من الجيش السوري ومجموعات موالية لإيران، في حصيلة تُعدّ الأعلى منذ بدء ضربات الاحتلال الإسرائيلي في سوريا.

وتكثّف إسرائيل في الأشهر الأخيرة وتيرة استهدافها لمواقع عسكرية، وأخرى للقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها في مناطق عدة في سوريا، تزامناً مع تأكيد عزمها "ضرب التموضع الإيراني في سوريا".

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن قصف إسرائيلي مكثف استهدف بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء المنطقة الممتدة من مدينة الزور إلى بادية البوكمال عند الحدود السورية-العراقية.

وطال القصف وفق المرصد مستودعات ومعسكراً في أطراف مدينة دير الزور، ومواقع ومستودعات أسلحة في بادية البوكمال، وأخرى في بادية الميادين، تابعة لكل من قوات الجيش السوري، وحزب الله اللبناني، والقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها.

وتسبّب القصف على المناطق الثلاث، وفق حصيلة جديدة للمرصد، بمقتل 14 عنصراً من الجيش السوري، بالإضافة إلى 43 آخرين من المقاتلين الموالين لإيران بينهم 16 عراقياً، و11 عنصراً من لواء "فاطميون" الأفغاني.

كذلك، أصيب 37 آخرون بجروح بعضهم في حالات خطرة، وفق المرصد.

وكانت حصيلة سابقة للمرصد أحصت مقتل 41 عنصراً على الأقل.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" من جهتها عن مصدر عسكري أنه "في تمام الساعة الواحدة وعشر دقائق (23:10 ت غ) من فجر الأربعاء، قام العدو الإسرائيلي بعدوان جوي على مدينة دير الزور ومنطقة البوكمال، ويتم حالياً تدقيق نتائج العدوان"، من دون أي تفاصيل إضافية.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب الإسرائيلي حول الضربات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "إنها الحصيلة الأكثر دموية التي توقعها غارات إسرائيلية في سوريا". وكانت إسرائيل قد شنت غارات عنيفة على محافظة دير الزور في حزيران/يونيو 2018 أوقعت 55 قتيلاً بينهم 16 من الجيش السوري.

وبحسب عبد الرحمن، فإن الضربات الإسرائيلية جاءت بعد أيام من استقدام لواء "فاطميون" الأفغاني الموالي لإيران أربع شاحنات محمّلة بأسلحة إيرانية من الجانب العراقي، تمّ تفريغ حمولتها في مستودعات في المواقع المستهدفة.

12 قتيلاً

وفي ضربات جويّة منفصلة الثلاثاء، قتل 12 مقاتلاً موالياً لإيران، وأصيب 15 آخرون بجروح، من غير السوريين، في بادية البوكمال، وفق ما أحصى المرصد الأربعاء، من دون أن يتمكّن من تحديد هويّة الطائرات التي شنّتها.

ويصعب التأكد من هوية الطائرات عندما لا يؤكدها الإعلام الرسمي السوري، وتمتنع إسرائيل عن التعليق عليها.

وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفة بشكل أساسي مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني.

ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، إلا أنها تكرّر أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

وفي خطوة نادرة الحصول، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل أسبوعين في تقريره السنوي إنّه قصف خلال العام 2020 نحو 50 هدفاً في سوريا، من دون أن يقدّم تفاصيل عن الأهداف التي قصفت.

وقال المتحدّث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، غداة إعلان إسرائيل عن قصفها "أهدافاً عسكرية لفيلق القدس الإيراني وللجيش السوري" في جنوب سوريا، إنّ دولته "ستواصل التحرّك وفق الحاجة لضرب التموضع الإيراني في سوريا الذي يشكل خطراً على الاستقرار الإقليمي".

وتعهدت إسرائيل مراراً بمواصلة عملياتها في سوريا حتى انسحاب إيران منها. وكرّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عزمه "وبشكل مطلق على منع إيران من ترسيخ وجودها العسكري عند حدودنا المباشرة".

وكتب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق ورئيس معهد الدراسات الأمنية آموس يالدين عبر تويتر، إن إسرائيل توّجه من خلال الضربات رسالة إلى سوريا مفادها أن "الثمن سيكون باهظاً لإطلاقكم يد الإيرانيين" في سوريا.

ويعرب محللون عن مخاوفهم من احتمال أن يلجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع حليفته إسرائيل إلى مضاعفة الضغط على إيران وحلفائها الإقليميين في الأيام الأخيرة المتبقية من ولايته.

وقال نيكولاس هيراس من معهد دراسات الحرب لوكالة فرانس برس "في الأيام الأخيرة لإدارة ترامب، يحاول نتنياهو أن يلحق قدر المستطاع الضرر بجهود الحرس الثوري الإيراني في سوريا قبل تسلم بايدن سدة الرئاسة".

وتشهد سوريا نزاعاً دمويا منذ العام 2011، تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

أ ف ب