أكد مسؤولون كبار في الأمم المتحدة، الخميس، أمام مجلس الأمن أن على الولايات المتحدة "أن تلغي" قرارها بتصنيف المتمردين الحوثيين جماعة "إرهابية"، تحت طائلة حصول مجاعة غير مسبوقة في اليمن منذ نحو أربعين عاما.

وتساءل مساعد الامين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك "ما الذي سيمنع (المجاعة)؟ التراجع عن القرار" الذي يدخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، لافتا الى أن الاستثناءات التي وعدت بها واشنطن للسماح للمنظمات غير الحكومية بإيصال المساعدة الإنسانية لن تحد من خطر مجاعة واسعة النطاق.

ورحبت السعودية التي تحارب الحوثيين، بقرار الإدارة الجمهورية، والذي يبدأ تطبيقه في 19 كانون الثاني/يناير، عشية تسلم الرئيس الديموقراطي المنتخب جو بايدن منصبه.

في المقابل، انتقد الاتحاد الاوروبي ومنظمات غير حكومية القرار، ودعا نواب ديمقراطيون بايدن إلى العودة عنه ما أن يتولى مهماته.

عقبات سياسية

وإضافة إلى عرقلة المساعدة الإنسانية، من شأن القرار الأميركي أن يعوق عملية المفاوضات السياسية لحل النزاع اليمني، وفق ما حذر المسؤولون الأمميون خلال جلسة لمجلس الأمن عبر الفيديو.

وهي المرة الأولى تبادر الأمم المتحدة التي تتجنب عادة انتقاد الولايات المتحدة، أول مساهم مالي في المنظمة، إلى اتخاذ موقف بهذا الوضوح من الإدارة الأميركية.

وأمام مجلس الأمن أيضا، أكد الموفد الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أنه "يؤيد بحزم" موقف البريطاني لوكوك لجهة "أن القرار سيساهم في التسبب بمجاعة في اليمن ولا بد تاليا من التراجع عنه في أسرع وقت لأسباب إنسانية".

وأضاف غريفيث الذي يتواصل في شكل منتظم مع الحوثيين "نخشى أن يؤدي (القرار الأميركي) إلى إبطاء وعرقلة عملنا بغية إحداث تقارب بين الأطراف".

وأضاف لوكوك أن "الأولوية الأكثر الحاحا اليوم في اليمن هي تجنب مجاعة واسعة النطاق"، لافتا إلى أن "التوقعات للعام 2021 تظهر أن 16 مليون شخص سيعانون الجوع".

والقرار الأميركي في حال تنفيذه قد يشل إيصال المساعدات الإنسانية عبر قطع التواصل مع المسؤولين الحوثيين، إضافة إلى جباية الضرائب واستخدام النظام المصرفي وسداد رواتب الطواقم الطبية وشراء المواد الغذائية والنفط.

وصدر الموقف نفسه عن الأميركي ديفيد بيسلي، مدير برنامج الأغذية العالمي الذي حاز جائزة نوبل للسلام العام 2020، إذ خرج عن خطابه المكتوب ووصف ما يحصل بأنه "كارثة".

"حكم بالموت"

وقال بيسلي محذرا "ما الذي تعتقدون أنه سيحدث لخمسة ملايين شخص مصنفين حاليا على أنهم في وضع طارئ؟ سوف يتراجع وضعهم إلى حالة المجاعة". وأضاف "نحن الآن نكافح ضد التصنيف (الذي) سيكون كارثيًا. سيكون حرفياً حكماً بالإعدام على مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من الأبرياء في اليمن".

وتابع مدير برنامج الأغذية العالمي "يجب إعادة التفكير في هذا التصنيف وبصراحة إلغاؤه".

وخلال مؤتمره الصحافي اليومي، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن أنطونيو غوتيريش يؤيد "بالطبع" هذا الطلب الموجه للولايات المتحدة لسحب قرارها بشأن الحوثيين.

كما وجه مارك لوكوك نداء ملحا للحصول على تبرعات لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن.

وقال "في عام 2020، تلقينا 1.7 مليار دولار، وهو نصف ما كنا بحاجة إليه وأقل من نصف ما حصلنا عليه في العام السابق"، مشيرا إلى أن دول الخليج "قدمت أقل بكثير العام الماضي".

وقال إن "العمليات تسمح بمساعدة 13.5 مليون شخص كل شهر. واليوم، لا نساعد سوى ما يزيد قليلاً على تسعة ملايين منهم". وتابع أنه في عام 2021، تتوقع خطة الاستجابة الإنسانية المقرر إصدارها في شباط/فبراير احتياجات تقدر "بنحو 3.4 مليارات دولار (و) ندعو المانحين لتقديم تعهدات سخية وإرسال الأموال بسرعة".

وخلال اجتماع المجلس، استنكرت دول عدة بينها روسيا والمكسيك والنيجر والمملكة المتحدة القرار الأميركي، وطالب بعضها بإلغائه.

وعلى لسان مساعد مندوبها ريتشارد ميلز، ذكرت الولايات المتحدة بأنها أكبر مانح للمساعدات الإنسانية، وأكدت أن وزارة الخزانة الأميركية ستعلن في 19 كانون الثاني/يناير إعفاءات للحد من تأثير القرار الأميركي.

بعد نزاع مستمر منذ أكثر من 5 أعوام، تقول الامم المتحدة إن اليمن، البلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية والذي يعول 80% من سكانه على المساعدة الدولية، يواجه منذ وقت طويل أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

أ ف ب