مع فرض تدابير إغلاق مشددة حول العالم لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد، صارت إمارة دبي وجهة لكثيرين لقضاء الإجازة على الرغم من الارتفاع الكبير في حالات الإصابة بالفيروس في الإمارات.

وتبدو الحياة طبيعية في دبي حيث لا توجد إغلاقات، أو حجر صحي، وتزدحم المراكز التجارية والشواطئ والمطاعم بالرواد.

وفي الوقت نفسه، يتعين على الجميع وضع الكمامات، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، مع سن الإمارة عقوبات في حال مخالفة هذه القواعد.

ومن نجوم كرة القدم حتى نجوم الغناء وغيرهم من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، تبدو دبي صاخبة بالزوار الذين جاؤوا للتمتع بطقسها الجيد في فصل الشتاء.

وعلى عكس العاصمة أبو ظبي التي تطلب من السياح حجر أنفسهم صحيا، لا تطبق دبي الحجر الصحي.

ويجب على السياح إحضار نتيجة سلبية لفحص للكشف عن الفيروس أجري قبل أربعة أيام على الأكثر من الرحلة، أو إجراء الفحص في دبي حال قدومهم من جهات معينة، ويتحتم عليهم حينها عزل أنفسهم حتى يحصلوا على النتيجة التي تكون جاهزة في العادة خلال أربع وعشرين ساعة.

ويرتدي الموظفون ملابس واقية، بينما تم استبدال قوائم الطعام التقليدية بقوائم عبر الهاتف باستخدام رمز.

ويقول السائح الروسي ديمتري ملينكوف (30 عاما) الذي جاء من موسكو "لست خائفا ... إذا نظرت حولك فالجميع يضع كمامة. وأعتقد أن هذا أمر جيد".

وتشهد الإمارات زيادة كبيرة في الإصابات بالفيروس منذ بداية العام الجديد، مع تسجيل قرابة 3 آلاف حالة يوميا.

"أمان أكثر"

وفي حي الفهيدي السياحي في المدينة، يجول سائحون بالكمامات في الأزقة الضيقة، ويلتقطون الصور التذكارية.

وفي شوارع الحي التاريخي الذي يذكر بنمط الحياة التقليدية في دبي، تتوافر معقمات بالإضافة إلى لاصقات تذكر بالإبقاء على مسافات التباعد الجسدي بين الزوار.

ويقول ناصر جمعة بن سليمان، مدير حي الفهيدي التاريخي لوكالة فرانس برس، إنه يتم الحفاظ على كافة الإجراءات للوقاية من الفيروس.

ويوضح "عدد الزوار أصبح عشرين زائرا لكل مرشد سياحي، في السابق كان هناك نحو 100 سائح في كل مجموعة، والآن قمنا بوضع مقاييس ومعايير معينة لتحديد عدد الزوار في الموقع".

ويشير بن سليمان إلى أنه يجب على "كل مرشد سياحي أن يقوم بالتسجيل عبر التطبيق الإلكتروني مع عدد الزوار وغيره" قبل الدخول مع مجموعته السياحية إلى الحي.

قدمت آندي بيتمان مع زوجها وأطفالها من ولاية آلاباما الأميركية لقضاء خمسة أسابيع في دبي، موضحة أنها تسافر للمرة الأولى منذ شهر آذار/مارس الماضي.

وتقول السيدة الأميركية عن اختيارها التوجه إلى دبي، "بسبب الفيروس. لم يأخذ أي منا اللقاح حتى الآن، ولكن، لدينا أطفال صغار عليهم الخروج ورؤية العالم. ولهذا نحن مستعدون للمخاطرة إلى أن نأخذ اللقاح".

ولكنها توضح "أشعر بأمان هنا أكثر مما كنت أشعر به في الولايات المتحدة. أعتقد أن الناس يضعون الكمامات، ويلتزمون بالتباعد الاجتماعي أكثر من الولايات المتحدة".

وجاءت صوفيا أموش (24 عاما) من فرنسا لقضاء عطلة أسبوعين، وقررت تمديدها لأسبوعين إضافيين.

وبحسب الشابة الفرنسية التي كانت تتجول في حي الفهيدي فإنه "سمعت بارتفاع في عدد الإصابات هنا بسبب وجود الكثير من السياح الذين قدموا إلى دبي. ولكن كل شيء يُدار على نحو أفضل هنا".

وتتابع "يوجد في دبي الكثير من الإجراءات والناس يحترمونها".

وسجلت الإمارات حتى الآن أكثر من 253 ألف إصابة بالفيروس، بينها 745 حالة وفاة.

استراتيجية نمو

ولطالما كانت السياحة الدعامة الأساسية للإمارة التي استقبلت أكثر من 16 مليون زائر في 2019. وقبل أن يعطل الوباء حركة السفر العالمية، كان الهدف الوصول إلى عشرين مليونا في عام 2020.

وقد أعادت دبي فتح أبوابها أمام حركة السياحة في تموز/يوليو الماضي.

ويرى سكوت ليفرمور من "أوكسفورد إيكونوميكس" الشرق الأوسط، "يبدو أن دبي تقدم نفسها كوجهة مفضلة للراغبين بالفرار من إجراءات الإغلاق وقضاء عطلة شتوية، خاصة مع إغلاق منتجعات التزلج في أوروبا إلى حد كبير. أعتقد أن هذه استراتيجية نمو بحذ ذاتها. وكلما نجحت دبي في تحقيق ذلك، سيجلب المزيد من الفوائد عند افتتاح إكسبو".

وسيُفتتح الحدث الذي خصّصت له الإمارة 8,2 مليارات دولار على أمل تعزيز قوتها الناعمة، وإعادة إطلاق اقتصادها، في تشرين الأول/أكتوبر 2021 بحسب الموعد الجديد.

ولكن ليفرمور حذر من أن هناك "مخاطر كبرى في بقاء دبي مفتوحة كون تفشي الفيروس قد يكبح الانتعاش إلى الوراء، ويزيد التحديات أمام إطلاق إكسبو ناجح".

ويرى ليفرمور أن "السفر والسياحة أمر مهم جدًا بالنسبة لدبي" مشيرا إلى أن القطاع يعد "ضروريا من أجل التعافي من آثار جائحة كوفيد 19".

ولكنه لفت إلى أنه يجب على الإمارة أن "تبقى مفتوحة مع الإبقاء على وضع فيروس كورونا المستجد تحت السيطرة".

أ ف ب