يواجه رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، الثلاثاء، تصويتا على الثقة في البرلمان، وسيسعى إلى حشد تأييد مجلس الشيوخ لإنقاذ حكومته المهددة بالسقوط في خضم مساعي الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة عشرات الآلاف.

والائتلاف الحاكم على شفير الانهيار منذ أن سحب رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي حزبه "إيطاليا فيفا" (إيطاليا حيّة) منه، ما حرم كونتي من الغالبية في مجلس الشيوخ.

وكونتي الذي ترأس منذ 2018 حكومتين مختلفتين سياسيا، يسعى جاهدا للحصول على دعم نواب المعارضة كي يتمكن ائتلافه الحاكم من البقاء في السلطة.

وقال أمام مجلس الشيوخ "ندعو جميع القوى السياسية وكذلك البرلمانيين الحريصين على مصير إيطاليا، إلى مساعدتنا على الانطلاق من جديد بأقرب وقت".

وكان رئيس الوزراء قد حذر مرارا من خطر ترك إيطاليا من دون دفة وسط الجائحة التي أودت بحياة أكثر من 82 ألف شخص، ودمرت الاقتصاد.

وفي انعطافة أعلن حزب رينزي أنه سيمتنع عن التصويت؛ مما سيسهّل على الحكومة النجاة في تصويت الثلاثاء، لكن مع تأجيل مخاطر حصول أزمة فحسب.

ومن المتوقع أن يحصل كونتي على 155 صوتا في المجلس المكون من 321 مقعدا، لكن مع دعم يكفي للاستمرار كحكومة أقلية.

حكومة أقلية

وحكومات الأقلية ليست بالأمر الجديد في إيطاليا التي حظيت بـ 29 رئيس وزراء، و66 حكومة منذ 1946.

لكن المهمة التي تواجه الحكومة الحالية غير مسبوقة، وسط فرض تدابير عزل جزئية في مناطق من البلاد، وصفقة إنقاذ من الاتحاد الأوروبي بقيمة 220 مليار يورو يتعين تمريرها في البرلمان.

ولفت ولفانغو بيكولي من معهد تينيو للاستشارات إلى أنه "سينتهي الأمر بكونتي لقيادة غالبية هشة للغاية مع خطر الانهيار في أي تصويت حاسم في الأشهر المقبلة".

ويضم ائتلاف كوني حركة خمس نجوم (المناهضة للمؤسسات) والحزب الديمقراطي (وسط-يسار) وحزبا يساريا أصغر.

وفي حال فوزهم الثلاثاء، سيسعون خلال الأسابيع المقبلة لإقناع بعض المنشقين من الحزب المسيحي الديمقراطي ومن المحافظين والاشتراكيين، وكذلك من حركة خمس نجوم ومنشقين عن رينزي، بالانضمام لهم.

وتبرز أهمية التصويت في قرار بعض المشرعين الحضور رغم القيود المرتبطة بالفيروس.

وقالت ليليانا سيغري العضو في مجلس الشيوخ البالغة 90 عاما، ولا تنتمي لأي حزب، إنها ستخالف نصيحة طبيبها وستسافر من ميلانو إلى روما للإدلاء بصوتها.

رينزي الصعب

كانت إيطاليا أول بلد أوروبي يتعرض لأكبر ضربة من الوباء مطلع 2020، وهي إحدى الدول الأوروبية الأكثر تضررا من الجائحة، من حيث عدد الوفيات، وتداعيات الفيروس على الاقتصاد المنهك أساسا.

وخصصت لها حصة كبيرة من صفقة الإنقاذ الأوروبية البالغة 750 مليار يورو (904 مليارات دولار). لكن خطة الإنفاق التي طرحها كونتي والبالغة 220 مليار يورو هي السبب وراء الأزمة الحالية.

وقبل أربعة أسابيع على انسحابه من الائتلاف، انتقد رينزي كونتي لأسلوب قيادته واستجابته للجائحة، وحذر من أنه يخاطر مع حركة خمس نجوم بتبديد مليارات الاتحاد الأوروبي.

بدوره، اتُهم رينزي الذي لا تتعدى نسبة التأييد لحزبه إيطاليا فيفا (إيطاليا حية) 3%، بزعزعة الوضع لتحقيق مكاسب سياسية، وقال منتقدوه إنه يسعى عمدا لزعزعة الحكومة كي يرجح كفة الميزان.

وشبه كونتي رينزي الثلاثاء "بشخص يملأ باستمرار الطريق المشترك بالألغام" وأضاف أنه يجد "صعوبة بالغة" في ممارسة الحكم بينما يتعرض للهجوم.

وسط اليمين

في حال عدم نجاة كونتي من تصويت الثقة، الثلاثاء، قد يستقيل ويسعى لتشكيل حكومة جديدة، أو يمكن أن يستمر الحزب الديمقراطي وحركة خمس نجوم، بل حتى رينزي، من دونه.

وخيار آخر قد يكون تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة يرأسها ربما شخص غير حزبي، لإخراج إيطاليا من أسوأ أزمة كوفيد-19.

والخيار الأخير قد يكون انتخابات مبكرة لا يريدها أي من أحزاب الائتلاف، في وقت تشير الاستطلاعات إلى احتمال فوز ائتلاف الوسط اليمين الذي يضم حزب فورتسا إيطاليا بزعامة سيلفيو برليسكوني، وحزب الرابطة اليميني المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني.

وفي خطابيه أمام مجلسي النواب والشيوخ استحث كونتي النواب الذين يعتبرون أنفسهم مؤمنين "بأنبل التقاليد الأوروبية الليبرالية والشعبية والاشتراكية" لتقديم الدعم له.

وقاطعه نواب المعارضة وهتفوا "ارحل"، فيما كتب سالفيني عبر تويتر "كلما بكّرت هذه الحكومة بالرحيل، كان أفضل للبلد".

أ ف ب