قضت محكمة في موسكو الثلاثاء بالحبس عامين ونيّف على المعارض الروسي اليكسي نافالني، أبرز خصوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في قرار يشّكل تحدّيا لإدانات غربية، ودفع أنصاره إلى التداعي للتظاهر احتجاجا.

وينص القرار القضائي على تطبيق حكم بالحبس 3 أعوام ونصف عام كان قد صدر مع وقف التنفيذ في العام 2014 بحق نافالني (44 عاما)، الناشط في مكافحة الفساد والذي اتّهم الكرملين بتسميمه العام الماضي.

وعليه تاليا أن يمضي عامين ونصف عام في السجن، وفق منظمته صندوق مكافحة الفساد التي دعت الى تظاهرة فورية في موسكو، علما أن القرار يحذف من العقوبة الأشهر التي امضاها في الاقامة الجبرية في ذلك العام.

ومن المرجّح أن يؤدي القرار القضائي إلى احتجاجات جديدة بعدما تظاهر في الأسبوعين الماضيين الآلاف في مختلف أنحاء روسيا تاييدا لنافالني، وأن يفاقم التوترات مع الغرب الذي يطالب بإطلاق سراح المعارض الروسي.

وأمرت القاضية ناتاليا ريبنيكوفا بتحويل حكم صادر في العام 2014 مع وقف التنفيذ يدين نافالني بالاحتيال حكما مبرم بالحبس.

واعتبرت المحكمة ان المعارض انتهك شروط المراقبة القضائية التي أرفقت بعقوبته، الامر الذي تمت الاشارة اليه أيضا في طلبي مصلحة السجون والنيابة.

وعقوبة السجن هذه هي الاطول بحق نافالني، الخصم الابرز للرئيس فلاديمير بوتين، فالعقوبات السابقة ضده لم تتجاوز اياما او اسابيع.

وكان نافالني قد اتّهم خلال الجلسة الرئيس الروسي بمحاولة ترهيب معارضيه، وكرر بانفعال أمام المحكمة اتهامات بأن السلطات حاولت أن تقتله بغاز الأعصاب نوفيتشوك في الصيف الماضي وسخر من بوتين على خلفية مزاعم بأن السم دس في ملابسه الداخلية.

وقال نافالني "يضعون شخصا خلف القضبان لإخافة الملايين".

ورأى أن بوتين يريد أن يُنظر له كزعيم عالمي عظيم وشخصية تاريخية لكنه بدلا من ذلك "سيذكره التاريخ على أنه مسمم السراويل الداخلية".

ومثل نافالني أمام المحكمة بتهمة انتهاك شروط حكم بالسجن ثلاث سنوات ونصف سنة مع وقف التنفيذ صدر في 2014. وبالنسبة لسلطات السجون، فإن نافالني لم يمثل أمامها على النحو المنصوص عليه في شروط رقابته القضائية خلال فترة تعافيه في ألمانيا عقب عملية التسمم.

وتم توقيف الناشط في محاربة الفساد في 17 كانون الثاني/يناير لدى عودته إلى موسكو من ألمانيا.

ونزل عشرات آلاف المتظاهرين إلى شوارع موسكو ومدن أخرى نهاية الأسبوعين الماضيين للمطالبة بالإفراج عن نافالني ما استدعى قمعا واسعا من الشرطة التي اعتقلت آلاف الاشخاص.

انتشار للشرطة

وقبيل صدور الحكم انتشرت الشرطة بعتاد مكافحة الشغب في أنحاء من موسكو وسان بطرسبرغ.

وفي الأسبوعين الماضيين تظاهر عشرات الآلاف في شوارع موسكو وغيرها من المدن الروسية للمطالبة بإطلاق سراح نافالني، ما استدعى حملة اعتقالات نفّذتها الشرطة اوقفت خلالها بضعة آلاف.

والثلاثاء اعتقلت الشرطة أمام مقر المحكمة مزيدا من المحتجين، وأفادت مجموعة "أو.في.دي.انفو" التي تنشط في رصد توقيف المعارضين بتوقيف اكثر من 300 شخص بينهم صحافيون.

وأطلقت الشرطة حملة واسعة النطاق خلال التحرك الاحتجاجي الأخير الاحد، ومنعت الوصول إلى أجزاء من العاصمة واوقفت اكثر من 5400 شخص في كل أنحاء البلاد.

واستدعى توقيف نافالني والاحتجاجات الحاشدة موجة إدانات في دول الغرب حيث دعا قادة كثر إلى فرض عقوبات على موسكو.

ومن المتوقّع أن يثير وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قضية نافالني خلال زيارته موسكو هذا الأسبوع.

والثلاثاء قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بان توقيف نافالني سيؤثر على الروابط بين روسيا والدول الأوروبية.

وصرّح للصحافيين "نأمل بألا يرتكب أحد حماقة بربط مستقبل العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي بنزيل سجن".

تحقيقات في إطار مكافحة الفساد

وفيما لم يتول أي منصب رسمي بالانتخاب، عُرف نافالني بتحقيقه في قضايا فساد وبكشف نمط حياة نخبة الأثرياء الروس.

بعد يومين من توقيفه الشهر الماضي، نشر فريقه تحقيقا استقصائيا لعقار فخم مطل على البحر قال نافالني إنه مُنح لبوتين ضمن مشروع بمليار دولار موله مقربون منه على رأس مؤسسات حكومية.

ونشر التقرير مرفقا بفيديو على يوتيوب حصل على أكثر من 100 مليون مشاهدة.

ونفى بوتين أن يكون هو مالك العقار، والأسبوع الماضي قال رجل أعمال ملياردير مقرب منه، هو أركداي روتنبرغ إنه مالك العقار مؤكدا أنه يقوم بتحويله فندقا.

الولايات المتحدة

أعربت الولايات المتحدة، الثلاثاء، عن "قلقها البالغ" بعد صدور حكم بالسجن لأكثر من عامين على المعارض الروسي اليكسي نافالني، داعية روسيا إلى الافراج عنه "فورا ومن دون شروط".

وقال وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن في بيان "في موازاة العمل مع روسيا للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة، سننسق في شكل وثيق مع حلفائنا وشركائنا بهدف محاسبة روسيا على عدم احترامها لحقوق مواطنيها".

وأضاف "كأي مواطن روسي، يجب ان يتمتع نافالني بالحقوق التي يكفلها الدستور الروسي".

وتابع "نكرر دعوتنا الحكومة الروسية الى ان تفرج فورا ومن دون شروط عن نافالني، وكذلك عن مئات آخرين من المواطنين الروس الذين أوقفوا في شكل ظالم في الأسابيع الاخيرة لمجرد انهم مارسوا حقوقهم، وخصوصا الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي".

بريطانيا

وطالبت بريطانيا، الثلاثاء، بـ"الافراج فورا ومن دون شروط" عن المعارض الروسي اليكسي نافالني، منددة بقرار القضاء الروسي "المنحرف" القاضي بسجنه أكثر من عامين.

وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في بيان إن "المملكة المتحدة تدعو إلى الافراج فورا ومن دون شروط عن اليكسي نافالني وجميع المتظاهرين السلميين والصحافيين الذين اوقفوا في الاسبوعين الاخيرين"، معتبرا أن القرار "المنحرف" للقضاء الروسي يظهر أن البلاد لا تفي "بالحد الادنى من التزاماتها التي يتوقعها أي عضو مسؤول في المجتمع الدولي".

ألمانيا

وطالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الثلاثاء، بالإفراج فورا عن المعارض الروسي اليكسي نافالني، واصفا حكم السجن الذي صدر بحقه بأنه "ضربة قاسية" وجهت إلى دولة القانون في روسيا.

وكتب ماس على تويتر أن "الحكم اليوم بحق اليكسي نافالني يشكل ضربة قاسية للحريات الاساسية ولدولة القانون في روسيا. ينبغي الافراج فورا عن نافالني".

وطالبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، مساء الثلاثاء، بالإفراج فورا عن المعارض الروسي اليكسي نافالني ووضع حد لقمع التظاهرات التي تنظمها المعارضة الروسية.

وكتبت ميركل في رسالة على تويتر نشرها المتحدث باسمها شتيفن سايبرت أن "الحكم بحق اليكسي نافالني بعيد جدا من قواعد دولة القانون. ينبغي الافراج عن نافالني فورا. إن العنف ضد متظاهرين سلميين يجب أن يتوقف".

فرنسا

رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحكم الذي صدر بحق المعارض الروسي اليكسي نافالني وطالب بـ"الإفراج عنه فورا".

وكتب ماكرون على تويتر أن "إدانة اليكسي نافالني مرفوضة. الخلاف السياسي لم يكن يوما جريمة. ندعو إلى الافراج عنه فورا. إن احترام الحقوق الإنسانية على غرار الحرية الديمقراطية غير قابل للتفاوض"

ولاحقا، أعاد ماكرون نشر التغريدة نفسها بالروسية.

ويتقاطع موقفه مع مواقف قادة أوروبيين آخرين طالبوا بالإفراج الفوري عن نافالني بعد إدانته أمام محكمة في موسكو.

ويتوقع أن يحمل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل هذا الموقف إلى روسيا التي يصل إليها مساء الخميس في زيارة تستمر يومين حتى السادس من شباط/فبراير.

روسيا

واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا العواصم الغربية بأنها "منفصلة عن الواقع" بعد مطالبتها بالإفراج عن المعارض اليكسي نافالني الذي حكم عليه الثلاثاء بالسجن نحو 3 أعوام.

وقالت زاخاروفا في تصريحات لقناة "آر بي كاي" نقلتها وكالات الأنباء الروسية "ليس هناك أي سبب للتدخل في شؤون دولة تتمتع بالسيادة. ننصح بأن يهتم كل طرف بمشاكله".

أ ف ب